اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الخميس، بتقرير فريق من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والذي رسم لوحة "قاتمة" للآفاق الاقتصادية للبلاد، مفندا بذلك تصريحات الوزير الأول، احمد أويحيى، خلال تقديمه، نهاية الأسبوع الماضي، لحصيلة عمل الحكومة لسنة 2017. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "ليبيرتي" أن الجزائر مهددة بأزمة مالية، سبق أن توقعها الخبراء، والتي لا يبدو أن الوزير الأول يخشاها على الإطلاق.
وقالت إنه بعد الخبراء الوطنيين الذين شككوا في تصريحات أحمد أويحيى، جاء الدور على مؤسستين ماليتين دوليتين كبيرتين، هما البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، لتعلنا عن آفاق مالية قاتمة في مستقبل قريب، مؤكدة أن الحكومة عملت على الطمأنة، غير أنه ربما يتعين أن نخشى من الأسوأ.
وكشفت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "آفاق قاتمة" أن المؤسستين اتفقتا في تقريرهما حول الظرفية، الصادر حديثا، على أن هناك مؤشرات مقلقة بخصوص مالية البلاد، وبالتالي بخصوص الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والتي سيكون لها بالضرورة تأثير مباشر عليها.
وأوضحت أن ما تقدمه الحكومة على أنه وسيلة للخلاص، ممثلا في طباعة الأوراق النقدية، فإن البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ينظران إليه بخلاف ذلك، أي كعامل لتفاقم الوضع المالي.
وأكد صاحب الافتتاحية ان الأمر يتعلق بعنصر يفاقم الأزمة الموجودة أصلا، وإلا لماذا يتم اللجوء إلى طباعة الأوراق النقدية لتمويل، من بين أمور أخرى، مشاريع البنية التحتية الاقتصادية، مضيفا ان البنك العالمي وصندوق النقد الدولي يرسمان المنحى نفسه، عندما يحللان تطور التضخم برسم السنوات المقبلة، وهو المنحى الذي يسير في اتجاه تصاعدي، بما أن معدل التضخم سينتقل بالنسبة لإحدى المؤسستين من 1ر8 في المائة سنة 2019 إلى 9 في المائة سنة 2020، وسيبلغ بالنسبة للمؤسسة الأخرى 6ر7 في المائة، وسيرتفع ليصل إلى 9ر13 في المائة سنة 2023.
وفي السياق ذاته، كتبت صحيفتا (الفجر) و(لوكوتيديان دو وهران) أن ما يثير المخاوف أكثر هو أن البنك العالمي وصندوق النقد الدولي توقعا معدل نمو هزيل برسم سنتي 2019 و2020، مسجلتين أن هذا النعت يحمل دلالة قوية، بما أنه يأتي ليشكك في التصريحات المفرطة في التفاؤل لاحمد أويحيى، الذي يساوره اليقين أكثر من أي وقت بأنه وضع البلاد، بالرغم من كل شيء، على سكة الانتعاش الاقتصادي والرفاه الاجتماعي.
واعتبرتا أن تصريحاته غير موثوق بها، بعد ما توقعته المؤسستان الماليتان الدوليتان، مسجلتين أنه إذا كان دور وزير أول يتمثل في النظر إلى الأمور بإيجابية، فليس من المجدي دائما السكوت عن الحقائق أو تشويهها، لأن ذلك قد يكون مكلفا جدا.
من جانبها، كتبت صحيفة (الوطن) أن البنك العالمي وصندوق النقد الدولي اتفقا على أن البلاد قد تواجه صعوبات متنامية على الصعيدين المالي والاجتماعي، وخاصة اعتبارا من سنة 2019، معللتين ذلك بكون معدل التضخم، الذي ساهمت فيه طباعة الأوراق النقدية، قد يرتفع إلى حدود 9 في المائة خلال السنتين المقبلتين.
وتحت عنوان "تضخم وأزمة اجتماعية في الأفق"، لاحظت الصحيفة أن صندوق النقد الدولي، المتحفظ بشكل صريح بشأن اللجوء إلى طباعة الأوراق النقدية، توقع معدل تضخم متسارع ابتداء من السنة الجارية، في حين أن النمو الاقتصادي قد يكون "هزيلا"، أي بمعدل 2 في المائة بالكاد، ابتداء من السنة المقبلة.
وأوضحت أن البنك العالمي، ومن خلال تقريره الأخير حول تطور اقتصادات بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا)، توقع تسجيل معدل تضخم ب5ر7 في المائة برسم السنة الجارية، مقابل 5ر5 في المائة سنة 2017، قبل أن يتسارع أكثر بشكل مقلق خلال سنتي 2019 و2020، حيث قد يبلغ، على التوالي، 1ر8 في المائة و9 في المائة.
بدورها، لاحظت صحيفة (كل شيء عن الجزائر) الالكترونية أن التقريرين الصادرين بواشنطن يتميزان هذه السنة بشكل واضح بقراءة متشائمة جدا لآفاق الاقتصاد الجزائري، وبنبرة حادة في التعاليق إزاء السياسة المالية غير التقليدية التي نفذتها الحكومة.
واعتبرت باقي الصحف أن الآفاق الشاملة للاقتصاد الجزائري خلال السنوات المقبلة، غير المشجعة والمقلقة، تثير مخاوف من تفاقم خطير للأزمة الاجتماعية، فضلا عن كون البطالة والفقر ما فتئا يزدادان ارتفاعا.