اهتمت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الجمعة، ب"الحرب التجارية" بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، عقب القيود التي فرضتها السلطات الجزائرية على الواردات. وكتبت صحيفة "ليبيرتي"، في هذا الصدد، أن القيود التي تقررت بشأن بعض المواد والعمل بنظام الرخص بالنسبة لمواد أخرى، أثارت رد فعل من قبل الاتحاد الأوروبي، عن طريق المفوضة المكلفة بالتجارة التي أعدت تقريرا تم تقديمه للجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية.
وكشفت أنه "على الرغم من أن هذه الإجراءات الرامية إلى التقليص من بعض الواردات، تأتي استجابة لظرفية مالية صعبة، على إثر الانهيار المستمر لسعر برميل النفط، فإن أعضاء الاتحاد الأوروبي، الذين يتشبثون باتفاقات الشراكة، لم يستسيغوا ذلك"، مبرزة أنهم يؤاخذون على الجزائر إعطاء الأفضلية للمنتوج المحلي ووضع حد لعمليات تجارية تنحصر، في أغلب الأحيان، في واردات دون أي قيمة مضافة، موضحة أن ذلك كان ممكنا عندما كانت الاعتمادات المالية متاحة بوفرة، حيث كان يتم اقتناء المواد بشكل مفرط، ودون التفكير في الانتاج على غرار الآخرين.
وكتبت الصحيفة في افتتاحيتها أن "المؤاخذة، حتى لا نقول المحاكمة، تم التعبير عنها، وهي تشير إلى الجزائر، التي أصبحت في قفص الاتهام وتواجه صك اتهام ثقيل وغير عادل". وأضافت أن هذه البلدان وهي شريكة في المسؤولية عن الوضع الراهن، تنظر إلى الجزائر على أنها مجرد سوق، وليس كشريك، مسجلة أن مبدأ رابح - رابح نادرا ما شكل جزءا من انشغالاتها، مفضلة الربح الفوري على إقامة علاقات مستقبلية.
من جهتها، لاحظت صحيفة "الحياة"، بهذا الخصوص، أن البلدان الأوروبية تشتكي بينما حجم المبادلات من سنة 2005 إلى سنة 2015، مع البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يكشف عن وجود اختلال صارخ، حيث استوردت الجزائر من الاتحاد ما قيمته 220 مليار دولار ولم تتمكن من تصدير سوى 14 مليار دولار.
وتساءلت الصحيفة، في هذا الصدد، كم مرة اجتمعت لجنة الشؤون الخارجية هذه لكي تناقش أو تحذر من القيود المفروضة في هذا البلد على حريات التجمع والتعبير والحريات النقابية؟ ملاحظة أن ذلك لم يتم إطلاقا بما أن البلد كان يمثل سوقا مربحة.
وأضافت أنه لا يبدو أن إجراءات تأطير الواردات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية للحفاظ على توازن ميزان الأداءات، تروق للمفوضية الأوروبية، موضحة أن المفوضة الأوروبية في التجارة، سيسيليا مالستروم، أكدت ذلك بوضوح أمام لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية.
من جانبها، أكدت صحيفة "الفجر"، التي كشفت أن السياسة الحمائية التي تنتهجها الجزائر أثارت تحفظات داخل الاتحاد الأوروبي، أن المفوضة الأوروبية في التجارة لمحت إلى أن الإجراءات المتخذة من قبل الجزائر غير مطابقة لاتفاق الشراكة الموقع مع الاتحاد الأوروبي.
وبدورها، كتبت صحيفة "الوطن" أن التصريحات الصادرة عن المفوضة الأوروبية في التجارة، أول أمس، والتي تؤاخذ الجزائر على عدم احترام هذه الاتفاقات التجارية مع الاتحاد الاوروبي، جاءت لتكشف عن وجود "حرب" تجارية، مبطنة إلى حد الآن بين الشريكين، اللذين يجمعهما منذ سنة 2005 اتفاق شراكة.
أما الصحف الأخرى فقد كشفت، في السياق ذاته، أنه على الرغم من أن المفوضة الأوروبية لم تقدم أي تفاصيل دقيقة حول ما قد تكون الجزائر قامت به على حساب اتفاقياتها مع الاتحاد الأوروبي ولصالح الصين، فإنه من المؤكد أن المستهدف من هذه الانتقادات هي الحواجز غير الجمركية التي فرضتها السلطات العمومية خلال السنتين الأخيرتين على الواردات.
ولاحظت أن البلدان الأوروبية، التي كانت شريكة تحظى بالأفضلية من قبل الجزائر، من حيث المبادلات التجارية، والتي كان يمنحها اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي امتيازات مهمة، سجلت وجود تراجع، خلال السنوات الأخيرة، في حصصها بالسوق الجزائرية، في حين أن الصين استقرت بشكل مريح في هذه السوق، كأهم ممون للجزائر، موضحة أنه وبحسب أرقام سنة 2018، التي نشرتها مؤخرا مصالح الجمارك، فإن الصين ما تزال تتصدر مموني الجزائر بحوالي 1ر1 مليار دولار، وذلك فقط برسم الشهرين الأولين من السنة، أي بأزيد من 15 في المائة من الحجم الإجمالي للواردات الجزائرية.