أجمعت الصحف الجزائرية، الصادرة اليوم الجمعة، على إدانة تعامل قوات مكافحة الشغب الجزائرية مع الأطباء المقيمين، معتبرة أنه يشكل "وصمة عار بالنسبة للنظام الجزائري" وتعبير عن جنون نظام لا يعرف وسيلة أخرى للتعبير سوى العنف. وكتبت صحيفة (الوطن) في افتتاحيتها أن قوات مكافحة الشغب تدخلت باستعمال عنف غير مسبوق ضد الأطباء المقيمين الذين كانوا بصدد تنظيم مسيرة باتجاه الجمعية الوطنية لإثارة انتباه النواب حول مطالبهم التي يعبرون عنها منذ أشهر.
وقالت إن وجوههم تورمت وسالت دماؤهم إثر تعرضهم للضرب بالهراوات من قبل رجال شرطة عبروا عن حقدهم إزاء أطباء سلاحهم الوحيد ستراتهم البيضاء، مضيفة أن يوم أمس كان يوما حزينا بالنسبة للجزائر، وأن هؤلاء الأطباء، الذين أرادوا التعبير عن غضبهم بشكل سلمي واجهوا قوات أمن، بدا جليا أنها كانت في حالة هيجان.
وسجلت أن "صور الأطباء الذين بدت الدماء على وجوههم وتلطخت بها ستراتهم انتشرت على نطاق واسع على شبكة الانترنت، مثيرة استنكارا عاما. وأوضح صاحب الافتتاحية أن أحد المتحدثين باسم التكتل المستقل للأطباء المقيمين الجزائريين، ينحدر من مدينة وهران، قال إنهم بمجرد ما تجمعوا أمام بوابة مستشفى مصطفى باشا، تدخلت قوات الأمن مستعملة عنفا مفرطا، مبرزا أنهم كانوا يريدون المطالبة بحقوقهم بشكل سلمي، غير أن رجال الشرطة بخوذاتهم ودروعهم اقتحموا المستشفى وطاردونا لمسافة 30 أو 40 مترا باستعمال هراواتهم، والتي لم ينج منها حتى المحتجون الذين كانوا يجلسون على الأرض.
من جهتها، اعتبرت صحيفة (ليبيرتي) أن المعاملة التي خصت بها قوات مكافحة الشغب الأطباء المقيمين، المدعوين للتكفل مستقبلا بصحة الجزائريين، أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها صادمة على أكثر من صعيد، فهي صادمة لأن الأمر يتعلق بمسيرة سلمية لأطباء كانوا يريدون التعبير عن الاشمئزاز الذي يعيشونه أمام مراوغات السلطات في التعاطي مع مطالبهم، وهي أيضا صادمة بسبب استعمال العنف لتفريق حركة احتجاجية والتي لا تليق سوى بالأنظمة الأكثر استبدادا.
وأضافت أن مصالح الأمن، التي يفترض فيها أن توفر الحماية للمواطنين تميل إلى العنف بشكل شنيع ، بحجة حظر التظاهرات العمومية، معتبرة أن صور الأطباء الذين سالت دماؤهم وكسرت أذرعهم ينبغي أن تستدعي رد فعل يكون في مستوى التدخل العنيف لقوات مكافحة الشغب التي تصرفت وكأن الأمر يتعلق بالتصدي للصوص يهددون بإضرام النيران بالمدينة.
من جانبها، كتبت صحيفة (الفجر) أن الصور صدمت الكثير من الجزائريين في تناقض لما تدعيه سلطات بكون حرية التعبير والعدالة مكرسان من قبل الدستور، حيث لم يتوان عناصر الشرطة في توجيه الضربات كيف ما اتفق، مسجلة أن هؤلاء الشباب الذين قدموا من كافة أنحاء الجزائر، سيتذكرون لمدة طويلة الهراوات التي لم تكن رحيمة بهم وكذا تجاهل السلطات لمطالبهم المشروعة.
بدورهما، أوردت صحيفتا (الشروق) و(لوكوتيديان دو وهران) أن الأطباء المقيمين، الذين يخوضون إضرابا عن العمل منذ عدة أيام، قرروا توفير الحد الأدنى من الخدمات، بما في ذلك في مصالح المستعجلات والحراسة.
أما صحيفة (ليكسبريسيون) فكتبت أنه على إثر فشل المفاوضات مع الوزارة الوصية، قرر الأطباء التصعيد بالانتقال إلى مرحلة أعلى، وأن التكتل المستقل للأطباء المقيمين كان يريد لي ذراع السلطات المعنية بخصوص إلغاء الطابع الالزامي للخدمة المدنية، وهي نقطة حاسمة تتهرب الحكومة من التعاطي معها.
واعتبرت أن قمع هذه التظاهرة السلمية بشكل عنيف سيؤدي الى اتساع الهوة أكثر بين الوزارة الوصية والأطباء المقيمين، مسجلة أن اللجوء إلى العنف لن يخفف بكل تأكيد من حالة التوتر.