أظهر القصف المتبادل بين عدد من القيادات في حزب العدالة والتنمية وأمينهم العام حجم الهوة التي تزداد كل يوم بين الإخوة في حزب المصباح، لدرجة أن جل المحللين والمراقبين للشؤون الحزبية ببلادنا أجمعوا على أن الأمور بالبيت الداخلي لحزب بنكيران ليست على ما يرام. وخير دليل على هذه الازمة، الرد القاسي الذي صدر عن مصطفى الرميد، وزير الدولة والمكلف بحقوق الإنسان في حكومة سعد الدين العثماني، على "افتراءات" رئيس الحكومة السابق وأمينه العام الحالي عبد الإله بنكيران، عقب الخرجة الأخيرة لهذا الأخير في اجتماع للمنتخبين يوم السبت الماضي، والتي بخّس و"سفّه" خلالها مشاركة "الإخوة" في الحملة الانتخابية ل 2011.
وتعليقا على ما يجري ويدور داخل حزب العدالة والتنمية، قال إدريس الكنبوري، محلل سياسي ومفكر، في تصريح لموقعنا، إن عبد الإله بنكيران مصاب بجنون العظمة، ومنذ إعفائه في أبريل الماضي من مهمة تشكيل الحكومة، وهو يقصف يمينا وشمالا، بعد أن شعر بأنه غير مرغوب فيه، حتى داخل حزبه.
ويضيف الدكتور الكنبوري، أن دخول عناصر قوية في الحزب إلى حكومة سعد الدين العثماني، وهو من الرعيل الأول في الحزب وحركة التوحيد والاصلاح، جعله يدرك بأن هؤلاء لا يناصرونه ومستعدون للتخلي عنه، وهو ما جعله يرفع من وتيرة القصف وينسب النجاح الذي حققه الحزب في انتخابات 2011 إلى نفسه فقط وليس إلى الحزب ككل.
وأضاف الكنبوري، أن بنكيران يعتقد انه الوحيد الذي يمكن أن يضمن الاستمرار للحزب، وهذا بالطبع ما أغضب الكثيرين الذي شعروا بأنه يبخس عملهم ودورهم، بل يحارب الحكومة الحالية برئاسة سعد الدين العثماني، ويسعى إلى إفشال تجربة رئيس المجلس الوطني للحزب، لأن نجاح التجربة سيكون فشلا ذريعا لبنكيران، ولعل عدم حضوره لاجتماعات الأغلبية يظهر حجم الهوة، فهو يعرف أن حضوره سيكون بمثابة تزكية للحكومة الحالية، وذلك ما لا يرغب فيه.
بدوره اعتبر رشيد لزرق، الخبير والمتخصص في الشؤون الحزبية والبرلمانية، أن الخرجة الأخيرة لعبد الإله بنكيران لم تكن في محلها، بل أوصلت رئيس الحكومة السابق إلى درجة "النرجسية السياسية"، بما تحمله من تضخم الذات على حساب التنظيم الحزبي، بحيث ظهر بنكيران في تصريحاته الأخيرة غارق في "الأنا"، وهو سلوك غارق في "الشخصنة"، وتعبر عن "الذات المريضة لبنكيران".
.وأكد لزرق، أن بنكيران هو نموذج فريد للشعبوية ويحاول أن يقض مضاجع التنظيم الحزبي، ومنه الجمهور العام، عن طريق الثرثرة حول الذات، وكان الأجدر ألا تصدر عنه مثل هذه التصريحات، أولا كأمين عام للحزب ثم كرئيس حكومة سابق.