يتحدث الكثير من المحللين والمتتبعين عن التدخلات العنيفة لعناصر الأمن في تفريق الحركات الاحتجاجية بالحسيمة ونواحيها، لكن هذه التحليلات مجرد إنشاء لأنها لا تعتمد على المعطيات والأرقام. لأن السؤال الجوهري، الذي لا يرغب الناس في طرحه، هو لماذا أغلب الضحايا في هذه الحركات الاحتجاجية هم من عناصر قوات حفظ النظام؟ لقد تبين بالملموس أن قصة السلمية في حراك الحسيمة ونواحيها مجرد حكاية يتم استهلاكها لتحقيق مآرب أخرى، وإلا فإن مستشفيات المنطقة شاهدة على أن المحتجين السلميين جدا أرسلوا الكثير من عناصر القوات العمومية لتلقي العلاجات في كثير من الأحيان.
لو كانت فعلا قوات حفظ النظام تتعامل بعنف مع المحتجين لكانت الحصيلة ثقيلة جدا، فمنذ وفاة محسن فكري بائع السمك في حاوية للأزبال، عرفت المنطقة حوالي 320 حركة احتجاجية، موزعة بين وقفة ومسيرة، وشارك فيها حوالي 68 ألف شخص، ولم تضطر القوات العمومية للتدخل إلا في حالات نادرة لحفظ النظام العام وضمان سير المؤسسات والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، وكانت هذه القوات أشد حرصا بحكم وظيفتها على الأمن وتأمين الممتلكات ومواكبة المحتجين منعا لأي انزلاق.
ومقابل الطريقة السلمية في التعامل مع الاحتجاجات تعامل المتظاهرون بعنف مع قوات حفظ النظام، وكانت البداية منذ أواخر مارس الماضي حيث أقدم محتجون على إحراق عمارة لعناصر الأمن، اضطروا معها للقفز من النوافذ حيث أصيب 93 منهم بجروح متفاوتة الخطورة، وقاموا بإضرام النار في سيارات الشرطة والمعدات، ورشقوا سيارات الشرطة التي قدمت بالحجارة.
وفي يوم الجمعة قبل الماضي، شهدت مدينة الحسيمة تجمهرات استهدفت عنوة النظام العام، وعمدت مجموعة من المحتجين على مهاجمة عناصر القوات العمومية وتخريب الناقلات، مما أسفر عن إصابة أكثر من أربعين عنصرا من الشرطة بإصابات متفاوتة الخطورة. وألحقت هذه الهجومات أضرارا بليغة ب25 ناقلة وسيارة للأمن كما تم إتلاف معدات وخوذات وغيرها.
وأصاب المحتجون السلميون يوم 2 يونيو الجاري 13 من القوات العمومية بجروح متفاوتة الخطورة.
وحرصا من قوات حفظ النظام على الاستقرار تميزت تدخلاتها بعدم الانسياق وراء الاستفزازات المتواصلة، ولهذا لم يتم تسجيل إصابات وسط المحتجين.