الزقاق المشين في مغرب الأحزان خرج علي ذات صباح من بيته المتهالك وكله هموم، أغلق الباب ومشى في الزقاق مهرولا... بعد هنيهة توقف واستدار فوجد جميع الجيران ينظرون إليه باستغراب لأنه وضع فوق ظهره لافتة مكتوب عليها : " أن أعيش بكرامة أو أموت دون ندامة "، المسكين تفاجأ لهذه النظرات المتتابعة نحوه فظن أن الجيران قد عرفوا حقهم وقدرهم وبدءوا يعون أنفسهم فما كان إلا أن وكّل نفسه ليشرح لهم كيف يمكنهم أن يتحدوا ضد الطغيان. خطى نحو جاره الأول فاستقصاه هل يريد شيئا إلا أنه قوبل بردة فعل قوية حيت أغلق الباب في وجهه بعد أن نال وابلا من الشتائم، فالجار لا يعدو أن يكون سوى مخبر السلطة، تقدم إلى جارته وهي امرأة في الثلاثينات من العمر وقبل أن يصل إليها واجهته قائلة: " ابتعد فأنا مومسة عاهرة ولا أريد أن أموت جوعا بعد أن يعلم المأمور بقدومك إليّ وتحريضك لي"، تدرج المسكين في خطواته ولم ييأس وقصد جاره الثالث وقبل أن يكلمه نطق قائلا: " ماذا تحسب نفسك؟ هل تستطيع أن تتوسط لي لأخرج ابني من السجن لأنه متورط في الفساد وبيع المخدرات؟ لن تستطيع ولهذا يجب أن تغادر حتى لا يراك زعيم الحزب الذي يسير حينا ويرفض أن يتوسط لي وأنا قد عاهدته أن أصوت عليه في الانتخابات المقبلة "... تحرك علي وبينما هو غارق في همومه لمح أحد شبان الزقاق فاستوقفه وبادر قائلا: " أخي أريدك أن تتفهمني وتناضل معي لاسترجاع حقوقنا، لكن الشاب أشعل لفيفة مخدرات واستنشق سمومها " ثم قال: " أتعلم أني بحاجة إلى خمسين درهما من المخدرات يوميا لكي أنسى همومي؟ من سيوفرها لي عدا زعيم حينا ورئيس جماعتنا السي حمودان والذي بالمناسبة سبق له أن اغتصب بنات الجيران وشرد عائلتي"... اغرورقت عينا علي بالدموع، توجه بسرعة ناحية محطة وقود فاشترى لتر بنزين ومن الدكان أخذ أعواد الثقاب ومنه اتجه إلى بلدية المدينة وأمامها صب البنزين على جسده وعانق عود الثقاب ثم لثم نيران الكرامة وملأت صرخته أرجاء المعمور... آه على الحق آه على الحق... انطلقت الشرارة فاستفاق العباد لكن المسؤول لا زال يلعب بالنار .