د. يوسف القرضاوي من أفضل ما يقدمه أهل المريض وأصحابه له التبرع له بالدم إذا احتاج إليه عند إجراء جراحة أو لإسعافه وتعويضه عما نزف منه، فهذا من أعظم القربات وأفضل الصدقات لأن إعطاء الدم في هذه الأحوال بمثابة انقاذ الحياة وقد قرر القرآن الكريم في معرض بيان قيمة النفس الإنسانية « أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فسادا في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» «المائدة 32»، وإذا كان للصدقة بالمال منزلتها في الدين، وثوابها عند الله، حتى أن الله تعالى يتقبلها بيمينه، ويضاعفها اضعافا كثيرة إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله فان الصدقة بالدم أعلى منزلة وأعظم أجرا، لأنه سبب الحياة وهو جزء من الإنسان والإنسان أغلى من المال وكأن المتبرع بالدم يجود بجزء من كيانه المادي لأخيه حبا وإيثارا، ويزيد من قيمة هذا العمل الصالح أن يغيث به ملهوفا ويفرج به كربة مكروب وهذه مزية أخرى تجعل له مزيدا من الأجر عند الله تعالى ففي الحديث: «إن الله يحب إغاثة اللهفان»- رواه أبو يعلي والديلمي وابن عساكر عن انس كما في فيض القدير 2-287 . وفي الصحيح: «من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة» رواه الشيخان من حديث ابن عمر، كما في اللؤلؤ والمرجان برقم 667 . بل صح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن إغاثة الحيوان المحتاج إلى الطعام أو الشراب له عظيم الأجر عند الله، كما في حديث الرجل الذي سقى كلبا عطشانا، وجده يلهث يأكل الثرى من شدة العطش فملأ خفه ماء من البئر، وامسكه بفيه وسقاه حتى ارتوى قال النبي- صلى الله عليه وسلم- «فشكر الله له، فغفر له» ، قال الصحابة دهشين: أئن لنا في البهائم لأجرا يا رسول الله؟ قال: «نعم في كل كبد رطبة أجر»، (متفق عليه عن ابي هريرة كما في اللؤلؤ والمرجان الحديث 1447) ، ويبدو أن الصحابة كانوا يظنون أن الإحسان إلى هذه المخلوقات لا يقابله أجر عند الله، وان الدين لا يهتم به فبين لهم الرسول الكريم أن الاحسان إلى أي كائن حي فيه أجر ولو كان حيوانا أو كلبا فما بالك بالإنسان؟ وما بالك بالانسان المؤمن؟والصدقة بالدم لها ثوابها الجزيل بصفة عامة ولكن صدقة القريب على قريبه مضاعفة بصفة خاصة لما فيها من توثيق روابط القربى وتأكيد الصلة بين الأرحام، وفي هذا يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- «الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة».