أكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، بخصوص الصحافة الرقمية، أن 2015 تميزت بتتويج مسار ابتدأ سنة 2012، حيث تم الاعتراف القانوني بهذا القطاع وإرساء الضمانات القانونية لحرية الصحافة الرقمية، مبرزا أن مؤشرات سنة 2015 سجلت تزايدا ملحوظا في عدد الصحف الرقمية التي أودعت تصريحا بالإحداث، إذ انتقل الرقم من 0 موقع سنة 2012 إلى 21 موقعا رقميا سنة 2013 ثم 113 موقعا رقميا برسم سنة 2014 ليصل الرقم إلى 254 موقعا رقميا سنة 2015. وارتباطا بهذا المسار التصاعدي، يضيف الخلفي، لدى تقديمه أمس الأربعاء بالرباط للتقرير السنوي الرابع حول جهود النهوض بحرية الصحافة برسم سنة 2015، ان عدد الصحافيين المشتغلين في الصحافة الرقمية الحاصلين على بطاقة الصحافة المهنية التي تحمل اسم الموقع الذي يشتغلون به، انتقل من 46 صحافيا سنة 2014 إلى 98 صحافيا برسم سنة 2015، وهو ما يعزز الحماية المهنية للصحافيين المشتغلين في هذا القطاع.
وفي ذات السياق، قال الوزير، إستنادا إلى التقرير الذي قدمه أمس والذي يشمل خمسة محاور تتعلق بالحرية والتعددية والاستقلالية والحماية والمرأة في الاعلام، إن السنة المنصرمة تميزت بانطلاق الدعم العمومي للصحافة الرقمية حيث ارتفعت الاستثمارات الاشهارية في هذا القطاع بنسبة 42 بالمائة برسم سنة 2015 مقارنة مع 2014.
أكد الخلفي أن 2015 شكلت سنة متميزة في مجال النهوض بحرية الصحافة بالمغرب واحترام استقلاليتها وتعزيز التعددية وإرساء ضمانات الحماية، مقرا في الوقت ذاته بوجود "تحديات ورهانات، تستدعي من الجميع الانخراط الفعال في مواصلة دينامية الإصلاحات بمقاربة تشاركية وإرادة جماعية".
وقال الوزير إن سنة 2015 تميزت من الناحية القانونية بمصادقة الحكومة على مشروع قانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر ومصادقة البرلمان على مشروع قانون 90.13 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة كهيئة منتخبة ومستقلة للتنظيم الذاتي للمهنة، وكذا على مشروع قانون 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين.
وأبرز أن هذا المسار انطلق منذ سنة 2012، بناء على رصيد تراكم طيلة العشر سنوات الماضية، ووفق مقاربة تشاركية واسعة شملت الهيآت المهنية والجمعيات والمؤسسات والقطاعات المعنية، مضيفا أنه كما حصل بالنسبة لقانون المجلس الوطني للصحافة والنظام الأساسي للصحفيين المهنيين، فإن الحكومة تظل منفتحة على أية ملاحظة معقولة من شأنها ترسيخ الضمانات الواردة في الدستور، بالنسبة لمشروع قانون الصحافة والنشر والقانون المتعلق بالهيئة العليا للاتصال السمعي البصري ومشروع قانون تعديل القانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري.
وذكر الوزير بأن السنة المنصرمة شكلت محطة لإرساء منظومة الدعم الجديدة للصحافة، مشيرا في هذا الإطار الى زيادة الحجم الإجمالي للدعم المالي المباشر الموجه للصحف بنسبة 50 بالمائة بين سنتي 2012 و2015، حيث انتقل حجم الدعم من 42 مليون درهم سنة 2012 إلى 60 مليون درهم سنة 2015. وسجل أن هذه المساهمة ليست إلا جزءا من المساهمة المطلوبة لدعم المقاولات الصحفية التي تواجه عددا من التحديات على مستوى النموذج الاقتصادي تهدد استقلالية خطوطها التحريرية وتمس بمبدأ التعددية وبحق المواطن في الخبر.
كما تعد 2015 كذلك سنة الانخراط العملي في تعزيز الأوضاع الاجتماعية للصحافيين، حيث تم إرساء نظام الدعم التكميلي من خلال التوقيع على اتفاقية مع جمعية الأعمال الاجتماعية للصحافة المكتوبة الى جانب اعتماد الإطار القانوني للمجلس الوطني للصحافة، باعتباره هيئة مستقلة ومنتخبة وفق المعايير الأممية المتعلقة باستقلالية هذه المجالس والمنصوص عليها وفق مبادئ باريس.
و في هذا السياق، أعرب الوزير عن مشاطرته لرأي الهيآت المهنية بخصوص التحديات المرتبطة بأخلاقيات المهنة، خاصة فيما يتعلق بعدم المس بالحياة الخاصة والحق في الصورة، وعدم احترام الأخلاقيات المرتبطة بنشر حق التصحيح والرد، معتبرا أن هذه الهيآت تبقى هي المسؤولة أولا عن النهوض بهذه الأخلاقيات.
وعلى المستوى القضائي كانت 2015 سنة تعزيز الضمانات القضائية لممارسة حرية الصحافة، مسجلا بإيجابية تراجع عدد الأحكام الصادرة في القضايا ذات الصلة بمجال الصحافة والنشر إلى 24 حكما فقط، مقارنة ب 56 حكما سنة 2014. وأشار إلى أن من ضمن الأحكام ال 24 هناك 14 حكما بالبراءة والبطلان وبعدم المتابعة وبعدم الاختصاص.
وثمن في هذا الإطار مسار إرساء غرف متخصصة في قضايا الصحافة على مستوى كل من الدارالبيضاء والرباط، كما نوه بمجهود وزارة العدل في تكوين القضاة في المادة الصحفية، وبالمجهود المبذول على مستوى إتاحة المعلومة القضائية.
كما أكد أن دور القضاء في حماية حرية الصحافة سيتعزز باضطلاعه، إلى جانب المجلس الوطني للصحافة، باختصاص سحب بطاقة الصحافة سواء بالنسبة للصحافة الوطنية أو الصحافة المعتمدة.
ومن السمات المميزة لسنة 2015 على هذا الصعيد، يضيف الوزير، تبني القضاء خيار اعتماد غرامات معتدلة في قضايا الصحافة والنشر ماعدا في حالات استثنائية. أما فيما يتعلق بما يثار حول الإكراه البدني في حق الصحافي في حالة عدم سداده للغرامة، فاعتبر الوزير أن الأمر غير مطروح بمقتضى قانون المسطرة الجنائية، مجددا التأكيد على أنه "من غير المقبول تطبيق الإكراه البدني في قضايا تهم حرية الرأي والتعبير".
وبخصوص المؤشرات المتعلقة بتطور حرية الصحافة خلال سنة 2015 ، أفاد الخلفي بأنها تعززت أساسا بالقطع بشكل نهائي مع عدم الترخيص بتوزيع المطبوعات الأجنبية لأسباب سياسية متعلقة بالرأي، مضيفا أنه لم تسجل خلال سنة 2015 أية حالة لحجب موقع إلكتروني أو مصادرة أو منع جريدة وطنية، فضلا عن التراجع الكبير في حالات الاعتداء على الصحافيين أثناء مزاولة المهنة، والتي بلغت سنة 2015 ست حالات فقط مقارنة ب 13 حالة سنة 2013، وفقا لتقارير النقابة الوطنية للصحافة المغربية.
وفيما يخص الحماية المهنية عن طريق بطاقة الصحافة، أبرز ارتفاع عدد الصحافيين المهنيين الحاصلين على البطاقة المهنية برسم سنة 2015 بحوالي 20 بالمائة مقارنة مع سنة 2014، حيث حصل على هذه البطاقة 2600 صحافي مقابل 2100 صحافي سنة 2014.
وعلى مستوى الاتصال السمعي البصري سجل الخلفي، أن المغرب يعرف تنوعا وفق تقارير الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، حيث ارتفعت نسبة حضور أحزاب المعارضة في البرامج الحوارية من 33,76 بالمائة سنة 2011 إلى 43,56 بالمائة سنة 2014. كما تم تعزيز الخدمة العمومية بقنوات الإعلام العمومي، عبر تثمين التنوع والتعددية الثقافية، وتقوية العرض الإخباري والبرامج الحوارية.
كما شهدت سنة 2015 إنجاح عملية الانتقال نحو البث التلفزي الرقمي، وفاء للالتزام الدولي للمغرب، وذلك عبر تعزيز الاستثمار في البنيات التحتية والعمل على تمكين الأسر المغربية من أجهزة تحويل البث الرقمي، وتأهيل الإطار القانوني، وإطلاق حملة تواصلية وتحسيسية مكثفة حول الموضوع.
وقد شهدت سنة 2015، على مستوى النهوض بالمرأة في الإعلام، المصادقة على تعديل القانون رقم 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري من أجل محاربة التمييز وبث الصور النمطية السلبية ضد المرأة، بالإضافة إلى تطور حضور الشخصيات العمومية النسائية في وسائل الاتصال السمعي البصري والتي بلغت خلال الفصل الثاني من سنة 2015، 10.05 بالمائة مقابل نسبة حضور بلغت 9,83 في المائة سنة 2014 و5 في المائة مع نفس الفترة من سنة 2013، بحسب بيانات الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وذلك بالإضافة إلى تفعيل المرصد الوطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام.
كما شهدت 2015 أيضا إطلاق المرصد الإفريقي لحرية الصحافة بمناسبة انعقاد المنتدى الإعلامي حول القارة الإفريقية، بمدينة مراكش في دجنبر 2015، في إطار التعاون بين المملكة المغربية وجمهورية كوت ديفوار، والذي سيكون مقره بأبيذجان وبرئاسة مشتركة بين البلدين. كما تم الإعلان في نفس المنتدى عن إطلاق مبادرة المركز الإفريقي للتكوين بوجدة.
وخلص الوزير الى أنه على الرغم من حجم ومتانة الإنجازات التي تحققت في قطاع الإعلام والصحافة خلال السنوات الأخيرة فإن هناك صعوبات وتحديات "ما تزال مطروحة أمامنا جميعا" وإن تم تجاوز العديد منها "بفعل المقاربة التشاركية التي تم تبنيها وأيضا بفعل الإرادة الجماعية التي حكمت كل الفاعلين والمتدخلين في القطاع".