يبدو أن الازمة الاقتصادية قد بلغت مداها في الجزائر وأصبحت تُجبر الحكومة على اتخاذ اجراءات تقشفية لم يعهدها الشعب الجزائري من قبل، خلال فترة بحبوحة العيش وانتعاش اسواق النفط الدولية التي ساهمت في تجبّر حكام الجزائر وخوضهم في شؤون بعيدة عن انشغالات الشعب وهمومه، كما هو الشأن بالنسبة لمساهمتهم في اختلاق نزاع الصحراء ودعمهم بالمال والعتاد لانفصاليي البوليساريو.. فبعد ما كانت تفضّل في وقت سابق الدفع نقدا، لجأت الحكومة الجزائرية إلى توسيع الاعتماد على القروض والتحويلات المالية بنسبة 62.5 بالمائة لتسديد فواتير الواردات خلال شهر نونمبر الماضي، في الوقت الذي تفاقم فيه عجز الميزان التجاري ليتجاوز كافة الخطوط الحمراء، ويسجل رقم 1.65 مليار دولار خلال شهر نونمبر لوحده، تضاف إلى 10.8 مليار دولار إلى غاية أكتوبر الماضي، ليصل عجز الميزان التجاري 12.45 مليار دولار منذ بداية 2015.
وأفادت مصادر صحفية جزائرية، أنه لأول مرة منذ أزيد من 20 سنة، يبلغ عجز الميزان التجاري خلال شهر نوفمبر لوحده 1.65 مليار دولار، مقابل فائض قدّر ب247 مليون دولار، خلال نفس الشهر من السنة الماضية، وهو ما يثبت بالأدلة والأرقام تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتنامي تأثير تراجع أسعار النفط على عائدات الجزائر، حيث بلغت قيمة الصادرات خلال الشهر الماضي 2.16 مليار دولار مقابل 4.95 مليار دولار شهر نونمبر 2014، مسجلة بذلك انهيارا عادل 56.26 بالمائة، حسب الأرقام التي قدمها المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك الجزائرية أمس الاثنين.
أما بخصوص الواردات، تضيف ذات المصادر، فقد انخفضت هي الأخرى إلى 3.81 مليار دولار مقابل 4.7 مليار دولار مسجلة تراجعا بنسبة 18.9 بالمائة وفقا لأرقام المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك الجزائرية، وبذلك فإن نسبة تغطية الواردات بالصادرات صارت لا تتعدى 57 بالمائة، مقابل 105 بالمائة السنة الماضية منخفضة ب48 نقطة، كما شكلت المحروقات جل المبيعات الجزائرية نحو الخارج بنسبة 92.79 بالمائة من إجمالي الصادرات، حيث بلغت قيمتها 2.01 مليار دولار نهاية نوفمبر 2015 مقابل 4.68 مليار خلال ذات الشهر من سنة 2014.
وتراجعت عائدات الجزائر من المحروقات بنسبة 57.1 بالمائة خلال هذه الفترة، ويعود ذلك أساسا إلى تهاوي أسعار النفط العالمية، أما الصادرات خارج قطاع المحروقات التي شكلت نسبة لا تتعدى 7.21 بالمائة من القيمة الإجمالية للصادرات، فقد تراجعت هي الأخرى لتبلغ 156 مليون دولار مقابل 267 مليون خلال نونمبر 2014.
وطبقا لأرقام الجمارك فقد سددت الحكومة نقدا 2.15 مليار دولار من فاتورة الواردات خلال شهر نونمبر الماضي، أي 56.32 بالمائة بنسبة تراجع تعادل 17.26 بالمائة مقارنة مع نونمبر 2014.