أكدت كل من المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة أمس الثلاثاء بفاس على التزامهما لمواكبة مسلسل الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في شتى المجالات . وحسب البيان المشترك الذي صدر في أعقاب المباحثات التي أجراها وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد صلاح الدين مزوار مع سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة فإن البلدين جددا حرصهما على التنسيق مع مختلف الفاعلين الوطنيين من أجل مواكبة مسلسل الارتقاء بالعلاقات المغربية الإماراتية إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية طبقا لتوجيهات قائدي البلدين .
وأكد البيان المشترك أن الجانبين نوها بمستوى العلاقات المتجذرة التي تجمع المملكة المغربية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعبرا عن عزمهما لمواصلة إرساء شراكة نموذجية وتكاملية بين الطرفين في كافة أبعادها الاستراتيجية حتى تكون هذه الشراكة رديفا للتعاون الثنائي المحقق بين المغرب وكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي .
وأوضح المصدر ذاته أن هذه المباحثات شكلت مناسبة للجانبين لتقييم ومتابعة تنفيذ مجموعة من الاتفاقيات المرتبطة بالمشاريع التي تم التوقيع عليها تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة أثناء زيارة سموه للمغرب خلال شهر مارس الماضي .
وعبر الجانبان عن ارتياحهما للتقدم التي تم تحقيقه على مستوى تنفيذ تلك المشاريع الملموسة التي تنسجم مع البرامج التنموية المهيكلة والتي تستهدف مجالات حيوية ذات أهمية قصوى بالنسبة للبلدين في أبعادها الأمنية والدينية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية والإنسانية والاجتماعية .
وثمنا المقاربة التشاركية التي تم اعتمادها في بلورة الاتفاقيات ذات الصلة حيث تم إشراك فاعلين من مشارب مختلفة منهم الحكومي والشبه العمومي والجماعات المحلية إلى جانب القطاع الخاص وممثلي النسيج الجمعوي وهو ما شكل إحدى ضمانات نجاح المشاريع ونفعيتها سواء بالنسبة للمستثمر أو للمستفيد بالنظر إلى مردوديتها العالية وتركيزها على العنصر البشري مع خلقها للثروات ولفرص الشغل وتشجيعها للأنشطة المدرة للدخل .
وتكريسا لمفهوم التعاون جنوب - جنوب في بعده التنموي والتضامني أكد البيان المشترك عزم البلدين تعزيز تعاونهما مع الدول الإفريقية الصديقة ومواكبة مسارهما التنموي وجعل ذلك عاملا استراتيجيا نحو تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الشاملة للدول المعنية بما في ذلك الاستثمار في بناء القدرات وإقامة المشاريع المدرة للدخل بالنسبة للساكنة المحلية والأمن الغذائي ومشاريع الشركات المهيكلة .
وبخصوص قضية الصحراء المغربية جدد الجانب الإماراتي التأكيد على موقفه الثابت والداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية ومساندته لمبادرة الحكم الذاتي الجدية والواقعية وذات المصداقية التي تقدم بها المغرب كأساس لأي حل تفاوضي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية .
وفي ما يتعلق باحتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث أكد الجانب المغربي دعمه لحق دولة الإمارات العربية المتحدة في استرجاع سيادتها على جزرها الثلاث ( طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى ) كما ثمن المبادرات السلمية لدولة الإمارات الداعية إلى حل القضية عن طريق المفاوضات الثنائية أو إحالتها على محكمة العدل الدولية .
وبالنسبة للقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك أوضح المصدر ذاته أن قضية فلسطينوالقدس الشريف شكلت محط اهتمام خاص لدى الجانبين إذ عبرا عن قلقهما وانشغالهما العميقين لما تشهده حاليا الأراضي الفلسطينيةالمحتلة من ارتفاع حدة التوتر وتصاعد لأعمال العنف جراء الممارسات الاستفزازية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في حق الفلسطينيين العزل وإزاء استمرار انتهاكاتها الشنيعة للمسجد الأقصى والقدس الشريف تمهيدا لتنفيذ مخططها الخطير الرامي إلى تقسيم المسجد الأقصى والاستحواذ عليه .
وفي نفس السياق أدان الجانبان هذه الاعتداءات الممنهجة التي تعد انتهاكا سافرا لقرارات الشرعية الدولية واستهتارا بالمواثيق الدولية وطالبا المجتمع الدولي بضرورة تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية والضغط على إسرائيل من اجل احترام وتنفيذ تلك الالتزامات وإلى تأمين حماية الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية .
ومع التأكيد على أهمية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أكد الطرفان أن الإعداد الجيد لظروف استئناف العملية التفاوضية يمر أولا عبر وضع حد للاعتداءات التي تقترفها السلطات الإسرائيلية ضد المسجد الأقصى والعودة إلى الوضع القانوني للقدس الشريف كما حددته قرارات الشرعية الدولية ويتطلب أيضا منهاجا جديدا وبرنامجا زمنيا مسطرا وأهدافا واضحة في مقدمتها إقامة دولة فلسطين المستقلة والمتصلة جغرافيا والقابلة للحياة وعاصمتها القدس الشرقية طبقا لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة .
وأوضح أن الجانب الإماراتي نوه بالدور الذي تضطلع به لجنة القدس برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وذراعها الميداني وكالة بيت مال القدس الشريف في حماية القدس والمقدسيين .
وبخصوص الوضع في ليبيا ثمن الجانبان التوافقات التي اسفرت عنها جولات الحوار بين الفرقاء الليبيين التي احتضنتها المملكة المغربية بمدينة الصخيرات تحت إشراف المبعوث الأممي بيرناندينو ليون وطالبا بدعم الأشواط الأخيرة المؤدية إلى تشكيل حكومة ائتلاف وطنية قادرة على إخراج البلاد من الأزمة ومكافحة الإرهاب والحفاظ على الوحدة الترابية لليبيا ومن ثم مساعدة الأشقاء الليبيين على رفع التحديات الأخرى المتمثلة في استكمال بناء مؤسسات الدولة العصرية وبناء القدرات والانطلاق بكل ثبات وحكمة في مسار التنمية المستدامة كما دعيا المجتمع الدولي إلى الوقوف مع ليبيا في استحقاقات المرحلة الانتقالية .
وفي الشأن اليمني شدد الجانبان من جديد على أن عملية " إعادة الأمل " لم تأت إلا دفاعا عن الشرعية في اليمن وحرصا على امن دول المنطقة واستقرارها وسلامتها كما اكدا على اهمية الحل السياسي لمعالجة الأزمة الإنسانية والسياسية في هذا البلد الشقيق وذلك من خلال العودة إلى المكتسبات التي احرزها اليمنيون والمنبثقة عن المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة الوطنية والتنفيذ غير المشروط لقرار مجلس الأمن رقم 2216 مع وضع مخطط إقليمي ودولي شامل لإعادة إعمار اليمن ومواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيه وتعزيز إدماجه في محيطه الإقليمي .
كما دعا إلى ضرورة منع التدخلات الخارجية في الشؤون العربية وهو التدخل الذي أجج الوضع في اليمن .
وفي ما يتعلق بالأزمة السورية أكد الجانبان أن الحل يبقى رهين بتمكين الشعب السوري من قيادة مرحلة الانتقال السياسي وفق ضوابط بيان مؤتمر جنيف 1 والتي تقضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية بكامل الصلاحيات تحافظ على مؤسسات الدولة السورية وتخرج الشعب السوري من دوامة العنف والإرهاب المفروضين عليه وتحقق تطلعاته إلى الحرية والتنمية .
وشدد الجانبان على أهمية أن تكون علاقات التعاون بين الدول العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية قائمة على مبدأ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها وطالبا بضرورة تعزيز بناء الثقة لضمان امن منطقة الشرق الأوسط واستقرارها .
ومن جهة اخرى أكد الطرفان رفضهما وإدانتهما للتطرف الفكري والإرهاب بكافة صوره وأشكاله أيا كانت مبرراته ودوافعه ووسائله كما شددا على اهمية تظافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة هذه الآفة الخطيرة واجتثاثها والقضاء على مسبباتها وعدم ربطها بأية ثقافة أو حضارة او دين مشيرين إلى أن ذلك من أنجع السبل للحفاظ على صورة الإسلام دين الوسطية والتسامح والانفتاح .
ودعا الجانبان إلى تعزيز قنوات الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان على أساس من التكافؤ والاحترام المتبادل للهوية الثقافية لمختلف الشعوب وخصوصيتها .