محكمة قضت بأداء مطلق 140 ألف درهم للمتعة و 20 ألف درهم سكنا للعدة و 7 آلاف درهم شهريا لكل ابن تجتهد بعض أحكام قضاة الأسرة في المغالاة، فتنحاز إلى طرف دون آخر في صورة لا تعكس كنه مدونة الأسرة التي جاءت لإنصاف الجميع، مع مراعاة كرامة المرأة وحقوق الطفل وحقوق الرجل.
الأمثلة كثيرة، اخرها الحكم الشرعي الصادر عن المحكمة الإبتدائية بالبيضاء ءو عدد 6385 (ملف مدني 2438/2009) الذي حكم على الزوج بأداء140 ألف درهم نفقة للمتعة، و20 الف درهم سكنا للعدة، وحدد واجب نفقة كل واحد من الابنين في سبعة الاف درهم شهريا، وواجب سكناهما في مبلغ 12 آلف درهم شهريا، وأجرة حضانة كل واحد منهما في مبلغ 500 درهم شهريا.
مبالغ مالية تكشف اختلاف معيار تقدير المستحقات وتخبط بعض الأحكام، مما يؤكد استمرار مناطق مظلمة في تطبيق مدونة الأسرة، ويفرض إعادة التأطير القانوني لكل العاملين في مجال المدونة من قضاة وكتاب ضبط.
وتخفي القضية تفاصيل الضرر الذي لحق الزوج السابق، إذا تقدمت الزوجة بطلب طلاق الشقاق لأنه كثير السفر، علما أن عمله مديرا لشركة يضطره للسفر، ولا يغيب أكثر من ثلاثة أيام، والتمست من المحكمة تطليقها مع الحكم بالمستحقات المترتبة عن التطليق بمبالغ مالية،وصفة محامي الزوج بأنه مجانب للصواب ولم يعلل تعليلا سليما، إذ لم تراع هياة المحكمة وضعية الزوج وأسباب ودواعي إنهاء العلاقة الزوجية أثناء تقدير الواجبات، كما لم تبرز في حكمها الابتدائي عناصر التقدير المعتمدة والمنصوص عليها في المادة 97 من مدونة الأسرة.
ويرى الزوج في المقال الاستئنافي ان محكمة الدرجة الأولى لم تلتفت على أن الزوجة هي من تقدمت بطلب الطلاق، رغم تشبثه باستمرار الحياة الأسرية، حفاظا على مستقبل الابنين، وحين فشلت مساعي الصلح تقدم بشهادة اجر تتضمن مبلغا يقدر ب 86 آلف درهم، يتبقى منها اجر صاف قدره 25 ألف درهم بعد حذف التعويضات عن التمثيل والتنقل، علما ان المحكمة حددت واجب النفقى لكل واحد من الابنين في سبعة الاف درهم شهريا. وأجرة حضانة لكل واحد منهما في 500 درهم، وواجب السكنى لهما معا في 12 الف درهم، وهي مبالغ تفوق أجره الشهري.
ولم تكتف المطلقة بذلك، بل طالبت في مذكرة استئنافية برفع واجبات العارضة إلى 500 ألف درهم، ونفقة الابنين إلى 30 الف درهم شهريا لكل منهما، وواجبات السكن خلال العدة إلى 100 آلف درهم، وواجبات أجرة الحضانة إلى الفي درهم.
مبالغ مالية خيالية حتى بالنسبة إلى الأثرياء، علما أن بعض المصادر تحدثت عن أن القضية تختفي علاقات متشابكة، إذ سبق لمسؤول رفيع المستوى بوزارة العدل أن اتصل بالزوج وطلب منه التوقيع على مقرر للصلح، إلا أنه رفض ليفاجأ بحكم بمثابة حبل يلف عنقه.
ولأن مبادئ مدونة الأسرة جاءت لإنصاف جميع الأطراف، فإن أمثال هذه الأحكام تبقى متناقضة مع كنه المدونة وبمثابة سيف يسلط على رقاب البعض، دون مراعاة للمساواة التامة بين المرأة والرجل في كافة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية.