لم يعد ممكنا إخفاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي ترتكبها عصابات البوليساريو في مخيمات تندوف بدعم مباشر من الجيش والدرك الجزائريين، وهي انتهاكات تتناقض والمواثيق الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بحقوق اللاجئين لأسباب إنسانية، ناهيك عن واحدة من أفظع الحالات التي يعيشها العالم المعاصر، إذ تمت محاصرة مواطنين صحراويين لمدة تفوق أربعين سنة. وتتحمل الجزائر المسؤولية الكاملة في هذا الشأن، ومن باب إبراء الذمة واستثارة ضمير المنتظم الدولي ساءلت منظمتان دوليتان غير حكوميتين مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن مأساة الساكنة المحتجزة منذ عشرات السنين في مخيمات تندوف جنوبالجزائر.
ودعت كل من الوكالة الدولية من أجل التنمية ومنظمة العمل الدولي من أجل السلام والتنمية، خلال جلسة عامة لمجلس حقوق الإنسان، باعتباره هيئة أممية، ل"بذل المزيد من أجل احترام حقوق ساكنة المخيمات".
وفي السياق ذاته انبرت عائشة دويهي، المتحدثة باسم الوكالة الدولية من أجل التنمية، لدق ناقوس الخطر قائلة "لا يمكن لأحد تجاهل أو إنكار الوضعية المقلقة في مخيمات تندوف، حيث لا تتمتع الساكنة بالحقوق التي يقرها لها القانون الدولي"، وأبرزت أن "هذا الوضع تفاقمه ثغرات وتقصير المجتمع الدولي في أداء واجباته". حيث لو تم اتخاذ إجراءات في حق عصابة البوليساريو، وفي حق الجزائر، التي تزعم أنها بلد مضيف للاجئين الصحراويين، لتم وضع حد لهذه المأساة، لأن سكان المخيمات ليسوا لاجئين ولكن محتجزين، ولو تركتهم السلطات الجزائرية لمصيرهم لعادوا جميعا إلى أرض الوطن.
ومما يدل على ازدراء قرارات الأممالمتحدة من قبل الدولة الجزائرية، هو غياب أي إحصاء لساكنة المخيمات، ووضع العائلات الصحراوية في مخيمات عسكرية تنعدم فيها الحماية الدولية.
من جهة أخرى أدانت منظمة العمل الدولي من أجل السلام والتنمية "الظروف اللاإنسانية والمهينة التي لا تزال تعيشها اليوم ساكنة مخيمات تندوف التي تتحكم فيها البوليساريو".
ودعا المناضل الصحراوي محمد خايا، في تصريح باسم هذه المنظمة، مجلس حقوق الإنسان إلى الضغط على البوليساريو والجزائر كي تظهرا جدية في المفاوضات على أساس مشروع الحكم الذاتي.
ويعتبر الحكم الذاتي المخرج الوحيد لهذه المأساة الإنسانية، التي يعيشها الصحراويون المحتجزون في مخيمات تنعدم فيها شروط الحياة الكريمة، وشروط الكرامة الإنسانية، إذ يعيشون في أجواء مناخية قاسية، وظروف تنعدم فيها أدنى شروط التغذية السليمة، ناهيك عن انعدام تام لحرية التعبير والتنظيم بل تعتبر جريمة لدى قادة البوليساريو.