لم تعد العلاقة بين جبهة البوليساريو والجماعات الإرهابية، وخصوصا تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، مقتصرة على تقارير الصحفيين، حيث كانت الجزائر الراعي الرسمي للعصابات تقول إنه مجرد كلام جرائد، فلقد تواترت في الأيام الأخيرة دراسات المعاهد المتخصصة ومراكز الدراسات والخبراء، الذين يتناولون بتدقيق هذا العلاقة الملتبسة، التي حولت مخيمات الاحتجاز إلى عش للدبابير يهدد المنطقة بل يهدد العالم، حيث أصبحت المخميات مأوى لعصابات الإرهاب والمخدرات والاتجار في البشر. وفي هذا السياق حذر الخبير السويدي ماغنوس نوريل من أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" الإرهابي يجند أعضاءه من ضمن عناصر "البوليساريو" في مخيمات تندوف في الجزائر. وهذا عنصر جديد حيث لم تعد البوليساريو توفر الملجأ بقدر ما أصبحت هي مصدر الموارد البشرية لتنظيم القاعدة !
وأوضح نوريل، خلال اجتماع نظم مؤخرا بمبادرة من مجموعة التفكير "المنتدى العالمي الحر لستوكهولم"، أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، الذي يجند أعضاءه من ضمن عناصر "البوليساريو" في مخيمات تندوف، يتعاون مع جماعات إرهابية أخرى، مثل تنظيم "الشباب".
وأضاف نوريل، المستشار لدى المؤسسة الأوروبية من أجل الديمقراطية الكائن مقرها في بروكسيل، أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" جند مؤخرا مسؤولا كبيرا في "البوليساريو" لتنفيذ هجمات باسم الجماعة في بعض البلدان، ضمنها النيجر. بمعنى أن تنظيم القاعدة وبدل تكوين قادة عسكريين على امتداد سنوات، أصبح يستعيرهم من جبهة البوليساريو مدربين على القتال والسلاح، مما يشكل خطورة على المنطقة بأكملها وليس دولة دون أخرى.
وأشار الخبير السويدي، وهو أيضا مستشار لدى معهد واشنطن للسياسة الخارجية، إلى أن هذا التنظيم الإرهابي يمول عملياته من خلال اختطاف مواطنين غربيين والاتجار في المخدرات في إطار معادلة تجمع بين الجرائم العادية والدوافع الأيديولوجية والدينية.
ولدى حديثه عن قرار السويد إرسال 250 جنديا إلى مالي، ذكر الخبير في شؤون الإرهاب بأن بلاده كانت على الدوام تشارك في عمليات حفظ السلام، مضيفا أن القوات السويدية ستؤمن العمليات اللوجستيكية ومراقبة الأجواء.
وأكد نوريل أن فرنسا، وإن تدخلت عسكريا في مالي خلال السنة الماضية، لم تتمكن من القضاء على الجماعات الإرهابية الإسلامية التي تنتشر في شمال وشرق هذا البلد، مضيفا أن هذه الجماعات مسلحة بشكل جيد وتتعاون فيما بينها. وقال إن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لبلدان منطقة الساحل، مضيفا أن هذه المنطقة تعد ملاذا لمختلف الجماعات الإرهابية والإجرامية التي تنشط في تهريب المخدرات والاتجار بالبشر.
وأشار الخبير السويدي إلى أن الجماعات الإرهابية تريد نشر عدم الاستقرار في بلدان المنطقة بهدف إنجاح أيديولوجيتها. إذن خطورة البوليساريو لم تعد في كونها حركة انفصالية إرهابية، بل أصبحت تهدد الأمن العالمي وليس المغربي من خلال احتضانها للجماعات الإرهابية، بل تحولت إلى العين التي تستفيد منها التنظيمات الإرهابية وتستقطب مواردها البشرية منها.