أكد جون إيف دو كارا، الأستاذ بكلية الحقوق بباريس ديكارت، أن جولة صاحب الجلالة الملك محمد السادس بعدد من الدول الإفريقية تبرهن على الإرادة في جعل هذه القارة أولوية للدبلوماسية المغربية. وأضاف الجامعي الفرنسي في افتتاحية نشرت في العدد الأخير لمرصد الدراسات الجيوسياسية تحت عنوان "محمد السادس الإفريقي" أن هذه الجولة الملكية الإفريقية تجسد بشكل واقعي التضامن الفعلي بين الدول الإفريقية الذي ذكر به صاحب الجلالة الملك محمد السادس خلال افتتاح منتدى أصيلة في 2006 والمتعلق بمشروع الولاياتالمتحدة الافريقية. وأوضح الباحث أن هذه الجولة تندرج ضمن "روح الدارالبيضاء" عندما التقى بمبادرة من المغفور له محمد الخامس سنة 1961 أبرز القادة الأفارقة من أجل وضع أسس ما أصبحت عليه الآن منظمة الاتحاد الافريقي. وقال إن هذه الجولة تسير على منوال التقليد السياسي الثابت للدبلوماسية المغربية الذي نسج منذ قرون عبر الروابط الانسانية والروحية التي تعود إلى عهد تجارة القوافل والموحدين المتجذرة في الجنوب الصحراوي العميق، مشيرا إلى أن هذه الزيارات الملكية جاءت لتؤكد أن المغرب قوة إفريقية تجمعها روابط قديمة ومتينة ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء. وأكد أن هذه الجولة التي تأتي عقب العديد من الزيارات التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس بالمنطقة منذ اعتلائه العرش، تتميز بالتسلسلية وتضفي على جلالته طابع التفرد في السياق الدبلوماسي والاستراتيجي الإقليمي الحالي. وبعد أن لاحظ أن هذا الاتساق السياسي يجد تفسيره أولا في الروابط الدينية، أكد الجامعي الفرنسي أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أمير المؤمنين يعتبر من قبل الأفارقة المسلمين أتباع المذهب المالكي زعيما روحيا. وأضاف دو كارا أن توقيع المغرب مع مالي لاتفاقيات لتكوين خمسمائة إمام، فضلا عن طلبات مماثلة للتكوين من لدن غينيا ودول افريقية أخرى، تبرهن على الاشعاع الديني للمملكة بافريقيا.
وأكد كاتب الافتتاحية من جهة أخرى أن وساطة المغرب السياسية في قضايا مالي والمنطقة المرغوب فيها من قبل الفاعلين المحليين والقوى الاجنبية تسهم في إعادة التوازن الى مسلسل السلام والاستقرار في المنطقة.
وأشار إلى أن الجولة الملكية بإفريقيا تؤشر أيضا على النظرة الشمولية المندمجة للدبلوماسية الإقليمية للمغرب، وتؤكد على دوره الحتمي في مجال تحقيق السلم والأمن بمنطقة الساحل والصحراء وفي محاربة الإرهاب والاتجار في الأسلحة والأنشطة الأخرى التي تشكل تهديدا للاستقرار بإفريقيا.
وخلص إلى القول أن عدد الاتفاقيات التي وقعها المغرب خلال هذه الجولة تبرز إرادة المملكة في تعزيز تعاون جنوب-جنوب تضامني وديناميكي يشكل محورا أساسيا في السياسة الخارجية التي ينهجها صاحب الجلالة الملك محمد السادس خدمة لمصالح الشعوب الافريقية.