تأتي زيارة الصداقة والعمل التي بدأها صاحب الجلالة الملك محمد السادس للغابون، السادسة من نوعها التي يقوم بها جلالته لهذا البلد الإفريقي، لتعطي زخما كبيرا لعلاقات التعاون بين البلدين المؤهلة بحكم كثافتها وتنوعها لأن تصبح نموذجا للتعاون جنوب- جنوب. ففي ظل الأزمة التي تتخبط فيها معظم بلدان الشريك الأوربي للمملكة ، وبفعل تعثر المشروع المغاربي، باتت الأسواق الإفريقية تشكل فرصة مهمة للاقتصاد والمقاولة المغربيين للانتعاش والانفتاح وفتح آفاق واعدة للنمو وأيضا لتوفير أرضية ملامة لباقي الشركاء من مختلف الأنحاء للعبور نحو السوق الإفريقية.
ومن بين الأسواق الإفريقية التي أرسى معها المغرب علاقات اقتصادية آخذة في التطور، الغابون، هذا البلد الإفريقي الذي يتوفر على مؤهلات اقتصادية مهمة سواء من حيث التصدير أو الإستيراد، كما أن طموحه في الانخراط في مسلسل للإصلاح الاقتصادي وترسيخ الديمقراطية والحكامة يجعله في حاجة للاستفادة من تجربة المغرب في هذا المجال .
وهكذا وبحكم مؤهلاته الفلاحية، والصعوبات التي تواجه تنمية هذا القطاع ببلاده، أبدى رئيس هذا البلد، علي بونغو ، رغبته في الاستفادة ، على وجه الخصوص ، من مخطط المغرب الأخضر، وإعطاء دفع جديد ودينامية قوية للتعاون الثنائي في المجال الفلاحي ، وتشجيع الفاعلين الاقتصاديين المغاربة على الاستثمار في القطاع الفلاحي بالغابون، علما أن هذه الدولة تتوفر على أكثر من 5 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة يمكن استغلالها دون اللجوء إلى اجتثاث كبير للغابات. (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
ويشكل ضعف نسبة الساكنة التي تتعاطى للفلاحة، وتفاقم الهجرة القروية ، والخصاص في الأطر الفلاحية والبنيات التحتية الهيدرو- فلاحية واللوجستية، وتلك المتعلقة بالمعالجة ' والتي ما زالت في حاجة إلى تثمين، فرصا سانحة للمقاولات المغربية التي تعمل في المجال الفلاحي من أجل الاستثمار في الغابون، الذي يعتبر أحد البلدان الأكثر رفاهية بإفريقيا جنوب الصحراء ويحتل المرتبة الثالثة إقليميا من حيث الناتج الداخلي الخام، ويتطلع إلى مستقبل واعد في المجال الفلاحي، ليس فقط بسبب توفره على مؤهلات طبيعية ، وإنما أيضا بسبب الآفاق العالمية التي يستشف منها ارتفاع الحاجيات خلال العقدين المقبلين.
وقد أكد الرئيس الغابوني، علي بونغو أونديمبا، في هذا الصدد ، في كلمة ألقاها خلال افتتاح أشغال المناظرة الوطنية السادسة للفلاحة العام المنصرم أنه "يتعين علينا العمل سويا من أجل بناء اقتصاديات قوية ومستدامة ودينامية ، تستفيد منها جميع الأطراف ..المستثمرون والحكومتان وبطبيعة الحال سكان البلدين"، معربا عن أمله في أن يتم إطلاق شراكات مثمرة ومتعددة الأوجه بين الغابون والمغرب في كل المجالات وخاصة المجال الفلاحي.
وإلى جانب القطاع الفلاحي، تتعزز علاقات التبادل بين المغرب والغابون، الممتدة لنصف قرن من الزمن، من خلال إقامة شراكات اقتصادية، خاصة في قطاعي البنوك والمقاولات والاتصالات ، ويطمح البلدان إلى تطوير وتعزيز هذه العلاقات في ميادين وقطاعات أخرى.
ومنذ سنة 1999 وقع البلدان على نحو 20 اتفاقية تعاون تغطي بالخصوص مجالات الصيد البحري والتعليم العالي والمجال الصحي وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة وإنعاش وحماية الاستثمارات المتبادلة والمجال الفلاحي ومجال البنيات التحتية والإسكان والاتصالات والنقل البري والنقل الجوي والتكوين المهني والمعادن والطاقة والبيئة والسياحة.
كما تهم هذه الاتفاقيات تعزيز علاقات الشراكة في مجال الكهرباء والدعم الإداري المتبادل في المسائل الجمركية، والتعاون في مجال تهيئة التراب والاعتراف المتبادل برخص السياقة وإلغاء التأشيرات بالنسبة لجوازات السفر العادية وإرساء التعاون في المجال الأمني وخاصة فيما يخص محاربة الهجرة السرية والجريمة المنظمة العابرة للحدود والتكوين في مجال الشرطة.