استغل فرانسوا هولاند، الرئيس الفرنسي، وجوده بمسجد باريس ليقول إن جلالة الملك المغفور له محمد الخامس، كان له دور كبير في استقلال فرنسا من نير النازية الألمانية. وأشاد الرئيس الفرنسي بفضل المقاتلين المغاربة الذين شاركوا في المعارك التي خاضتها فرنسا. واستحضر، في خطابه الذي ألقاه يوم الثلاثاء 18 فبراير 2014 تخليدا لذكرى المقاتلين المسلمين الذين قاتلوا خلال المعارك الفرنسية التي جرت في الفترة الممتدة من 1914 إلى 1918، في إطار الاحتفالات بذكرى الحرب العالمية الأولى، مقولة خالدة للجنرال دوكول، يقول فيها إن جلالة الملك محمد الخامس، ساهم بشكل فعال في تحرير فرنسا، وحصولها على استقلالها من الألمان.
وفي هذا الاطار يقول أبو بكر القادري في الجزء الخامس من مذكراته "لا بد أن أشير إلى حقيقة تاريخية مهمة، وإن كنت سأعود قليلا إلى الماضي، إلى سنة 1946، فبعد خروجنا من السجن استدعي محمد الخامس لزيارة فرنسا، واستقبلوه استقبالا كبيرا، ومنحوه اعتبارا عظيما، إذ استقبله الرئيس الفرنسي شارل دوغول، وزيادة في اعتباره وشحه دوغول بوسام رفيق التحرير، يعترف من خلاله بمساهمة جلالة الملك المغفور له محمد الخامس في تحرير العالم، بعد مساندته للحلفاء، ضد التوسع الألماني. وبعبارة أخرى، كان يعتبرون محمد الخامس رفيق التحرير، فقررنا في العمل الوطني استغلال هذه النقطة، من أجل المطالبة بالحرية والاستقلال، مستندين في ذلك على أنه ما دام المغاربة من دعاة الحرية، ومن المساهمين في حرية الشعوب، فكيف لنا أن نحرم كمغاربة من استنشاق هذه الحرية".
وساهم الجنود المغاربة رغم الخسائر البشرية في صفوفهم في تحرير أوروبا من سيطرة الأنظمة الديكتاتورية الفاشية والنازية، مجسدين بذلك تضحية غالية من المغرب لترسيخ قيم العدالة والحرية والسلم، ووشحت صدور المغاربة بأوسمة الشرف والشجاعة، كما تم توشيح السلطان محمد الخامس في 20 يونيو 1945 بساحة الإليزي بباريس بوسام رفيق التحرير من قبل الجنرال ديغول اعترافا بالدور العظيم والبطولي الذي قام به المغاربة في تحرير فرنسا بموافقة قائدهم طيب الله ثراه الوحيد من غير الفرنسيين الذي نال هذا الوسام.
وقال الجنرال ديغول وهو يوشح صدر المغفور له محمد الخامس "إنني أقدم في شخصكم جزيل الشكر للشعب المغربي الباسل إثر عزيمتكم القوية ومساعدتكم لنا، فلولاكم يا صاحب الجلالة ولولا جيشكم الشجاع لما حررت بلدنا من النازية والفاشية".
وشارك الجنود المغاربة ضمن المحاربين الذين كانوا يلقبون ب"طيور الموت" إلى جانب جنود أفارقة بشجاعة في المعارك التي انتهت في الخامس من أكتوبر 1943 مساهمين بذلك في دحر الاحتلال الايطالي والالماني لكورسيكا التي كانت أول مقاطعة فرنسية تتحرر من استعمار قوات المحور.
فعلى الرغم من أن المغرب كان مستعمرا من قبل فرنسا، مما دفع بالبعض إلى المطالبة آنذاك بمناصرة النازيين انسجاما مع المثل المأثور "عدو عدوي صديقي"، فإن القيادة الوطنية للمملكة ممثلة آنذاك في المغفور له الملك محمد الخامس المتشبع بالفكر الديمقراطي، آثر، ببعد نظر قل نظيره، مساندة المعسكر الديمقراطي وخاصة دولة فرنسا من خلال إرسال جنوده إلى مختلف الجبهات ومنها الجبهة الكورسيكية.