أبرز الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، اليوم الخميس بسلا، الخصوصيات التي ميزت التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية، وذلك في ضوء التجارب الوطنية حول العالم. وأوضح الصبار، خلال لقاء مفتوح نظمته جمعية أبي رقراق حول موضوع " التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية على ضوء التجارب الوطنية في العالم"، أن التجربة المغربية جاءت "ثمرة نضال عائلات الضحايا وعدد من الجمعيات الحقوقية التي تبنت مطالبها وإرادة صناع القرار في طي صفحة الماضي واستشراف مستقبل يقطع مع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان".
وأكد أن إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، التي باشرت معالجة الانتهاكات الحقوقية سنة 2004، جاء تتويجا لمسلسل الإصلاحات الذي انخرطت فيه المملكة منذ بداية التسعينيات، وذلك بالخصوص من خلال الشروع في مراجعة عدد من التشريعات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان وإحداث المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين السياسيين. وأشار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى أن التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية تميزت عن نظيراتها في الدول الأخرى، بكونها تعد غير مسبوقة في العالمين العربي والإسلامي، وأنها اشتغلت على الانتهاكات التي حدثت خلال مدة طويلة تتجاوز الأربعين سنة (من 1956 إلى سنة 1999). وسلط الصبار الضوء على مرتكزات مقاربة هيئة الإنصاف والمصالحة في معالجة الملف، والمتمثلة على الخصوص في الكشف عن الحقيقة باعتبار ذلك حقا فرديا وجماعيا، وجبر ضرر الضحايا من خلال التعويض المادي وغيره، وبلورة ضمانات وتدابير للحيلولة دون تكرار تلك الانتهاكات. وأكد أن عمل الهيئة مكن من اكتشاف أو تدقيق أو تحديد هوية مئات الأشخاص الذين توفوا رهن الاختفاء والاحتجاز أو الاعتقال التعسفي، كما أن التوصيات التي خلصت إليها وجدت طريقها إلى دستور المملكة لسنة 2011. وفي معرض استشرافه لفرص نجاح تجارب مماثلة للعدالة الانتقالية في دول الربيع العربي، أكد السيد الصبار أنه باستثناء التجربة التونسية، التي أبانت نخبتها السياسية على قدرة كبيرة على تدبير الاختلافات السياسية بطريقة توافقية، فإن فرص تحقيق عدالة انتقالية فعالة على المدى القريب تبدو "ضئيلة" في باقي الدول. من جهة أخرى، أبرز السيد الصبار مجالات تدخل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي تم إحداثه محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في مارس 2011، وكذا الاختصاصات التي أضحى يتوفر عليها والمكانة الهامة التي بات يحظى بها سواء لدى الفاعلين الوطنيين أو الدوليين. يذكر أن هذا اللقاء، الذي احتضنه مقر جمعية أبي رقراق في سلا، يندرج في إطار سلسلة اللقاءات الثقافية والفكرية والإبداعية التي تطمح من خلالها الجمعية إلى دعم ملف ترشيح سلا لتصنيفها تراثا وطنيا وعالميا.