عندما استبقت رئيسة مؤسسة روبيرت كينيدي الزيارة الملكية لواشنطن ، و طالبت علنا الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري وضع قضية مراقبة حقوق الانسان بالصحراء على طاولة المباحثات مع المسؤولين المغاربة ، فإن حفيدة الرئيس الامريكي المغتال ، بخطوتها العدائية الجديدة تجاه المغرب ، لم تكن تعكس في واقع الحال إلا الجزء الطافي من جبل الجليد الذي يمثل اللوبي الأمريكي الذي يتحرك منذ سنوات في مفاصل الادارة الامريكية المتشبعة لتشويه صورة المغرب ، أو بأحرى لخدمة أجندة مصالح النظام الجزائري الذي يضع الرباط في مقدمة لائحة أعدائه المفترضين . وبالقدر الذي يسعى الساسة الجزائريون الى تسويق أنفسهم في وضع الشريك السياسي الرئيسي لادارة الرئيس اوباما بمنطقة شمال افريقيا في مجال التصدي للارهاب ، و اجتثات جذوره المتنامية بالساحل الافريقي المترامي الاطراف ؛لا يتعين أن تغيب وراء شجرة الارهاب غابة المصالح و الاجندات الجيوسياسية التي يضعها النظام الجزائري العسكري و التي لا تتحقق إلا عبر تفتيت تدريجي للمملكة المغربية ، التي تمثل في قناعات الجزائري المنافس الوحيد لقصر المرادية في سباق الحظوة و النفوذ والهيمنة و العقبة الرئيسية في طريق إحكام قادة الجزائر و المخططين لمصيرها يدهم على كل منطقة شمال إفريقيا وجنوب المتوسط .
لفهم جذور و ميكانيزمات نشاط اللوبي الجزائري النشيط في أمريكا بشخصيات أمريكية ينبغي الرجوع الى الوراء في التاريخ والى نهاية الستينيات حين قرر الراحل الهواري بومدين وضع حد للهيمنة الفرنسية والسوفياتية على قطاع النفط العصب الرئيسي للدولة الجزائرية و فسح المجال للشركات النفطية الامريكية لاقتسام صفقات المحروقات مع باريس و موسكو في عز حرب النفط التي اعلنتها دول عربية منتجة .
في هذه المرحلة سينطلق " موسم شهر العسل الجزائري الامريكي " الذي وثقه باحترافية إطار عال سابق بمؤسسة سوناطراك المملوكة للدولة، يدعى حسين المالطي في كتابه المعنون بالتاريخ السري للبترول الجزائري وستنقل شركة امريكية تسمى إلبازو " خبراتها و اطاراتها إلى الصحراء الجزائرية للتنقيب واستخراج حصة عريشة النفط الجزائري الأحمر بلون دماء مليون شهيد كما زعم بومدين حينها .
بعد ذلك بسنوات ستنفتح حقول النفط الجزائري مرحبة بقادم أمريكي جديد يدعى مجموعة شلوم بيرجي الاستثمارية التي حصلت بقدرة قادر على امتياز تدبير ملف تقسيم انتاج الجزائر من الذهب الاسود و تحديد حصص الدولة و شركائها الأجانب .
حلم النفط الرخيص و المتوفر باحتياطات هائلة في فيافي الصحراء الجزائرية الممتدة على ملايين الكلمترات المربعة سيسيل لعاب العديد من الشركات و المجموعات الامريكية الضخمة الباحثة عن الحلم الأمريكي بعيدا خلف الاطلسي.
خلال سنة 2008 و في عز الدينامية الدولية التي ولدها مقترح الحكم الذاتي التي قدمتها الرباط كحل سياسي للنزاع المفتعل في الصحراء ستتحرك أجنحة المخابرات العسكرية الجزائرية لتعزيز قدرات لوبي الضغط الأمريكي في قلب الادارة الامريكية لامتصاص واحتواء الدعم الامريكي اللامشروط للموقف المغربي وستستخدم ورقة الصفقات النفطية الضخمة لاغواء شخصيات سياسية بارزة للدخول في استثمارات ضخمة لاستغلال حقوق النفط بشراكة مع الذراع الاقتصادي النافذ للدولة الجزائرية سوناطراك وستتحصل مجموعة استثمارية رائدة بالولايات المتحدة تدعى كارليل على صفقات مغرية قبل أن يتسرب الى متتبعي الموضوع أن الكارتيل الامريكي المحظوظ تقف وراءه كمساهمين في رأسماله شخصيات سياسية نافذة بامريكا من ضمنها الرئيسان السابقان للولايات المتحدة جورج بوش الاب و الابن معا، بالإضافة إلى وزير الخارجية الاسبق جيمس بيكر ومبعوث الامين العام للامم المتحدة بالصحراء صاحب مخطط بيكر الشهير الذي قبلته الجزائر فضلا عن المدير العام السابق لوكالات الاستخبارات cia فرانك كارلوتشي و المالك الرئيسي لاسهم العملاق الامريكي جنرال موتورز ثم رئيس الوزراء البريطاني جون مايجور ليتأكد فيما بعد أن إستدراج هذه القيادات السياسية والامنية البارزة الى حقول النفط الجزائري يندرج ضمن مخطط لتشكيل العمود الفقري للوبي الامريكي المتماهي مع الاجندات المتبعة من طرف حكام قصر المرادية .