اصدر أحد شيوخ السلفية الجهادية المغربية، حسن الكتاني، مؤخرا فتواه بعدم جواز الاحتفال براس السنة الامازيغية، باعتبار ذلك جهل كبير بالإسلام الذي جاء، كما يقول الكتاني، لدحض كل احتفال شعبي يخرج عن ثنائية العيدين اللذين جاءا في السنة. واعتبر الشيخ العلامة أن الاحتفال بالسنة الامازيغية يحمل أبعادا علمانية يحركها بعض المتشبعين بالأفكار التحررية الحداثية، وأنهم هم من يقفون وراء الدعوة إلى هذه الاحتفالية لتحقيق أغراض شخصية ولتوسيع دائرة الحرب على الدين الإسلامي. واليوم يصدر حزب الجبهة الوطنية بفرنسا موقفه من هذه الذكرى ويصطف عبر هذا الموقف في صف حسن الكتاني رغم اختلاف المرجعيات والدوافع..
لا فرق إذن بين الاصوليات الدينية والعرقية او القومية إلا من حيث الاسس الايديولوجية او المذهبية التي تمتح منها.
وإذا كان أصحاب الفكر الأصولي الديني ينطلقون من يقينيات مطلقة استناداً الى نص مقدّس ويذهبون في تأويله الى حيث يشاؤون، مع الارتكاز على مرجعيات بشرية تحلّل وتحرّم وفق تأويلات خاصة، فإن الاصوليات القومية او العرقية تنبني على قواعد التمييز والعنصرية وادعاء النقاء والتفوّق للعرق او القومية التي تدافع عنها.
إن الاصوليات على اختلاف أشكالها وتنوّعها، منغلقة على ذاتها، عنصرية وعدوانية حيال الآخرين، دوغمائية تدّعي امتلاك الحقيقة المطلقة تنطلق من أوهام التفوّق على الجماعات الأخرى وليست لديها حلول وسطية، فهي على حق وغيرها على باطل، هي الفرقة الناجية والآخرون في النار.
مناسبة القول هذا هو ما اقدمت عليه الجبهة الوطنية في فرنسا من إدانة وتجريح في حق نجاة فالو بلقاسم ، وزيرة حقوق المرأة والناطقة الرسمية باسم الحكومة الفرنسية، لا لشئ سوى انها شاركت إخوانها الامازيغ في الاحتفال بذكرى حلول السنة الامازيغية 2959 (في العام 2009 ميلادية)...
مريدو جبهة عائلة "لوبان" عابوا على الوزيرة ذات الاصول الامازيغية مشاركتها في هذه الاحتفالات حيث باركت باللغة الامازيغية لجميع الامازيغ حلول هذه الذكرى، واستنتجوا من ذلك ان نجاة تدعو إلى التفرقة والعنصرية و ان مشاركتها في هذا الحفل يعد تزكية ودعوة للطائفية بفرنسا.
هذه الاتهامات جاءت على لسان فلوريان فيليبّو، نائبة زعيمة الجبهة ماريان لوبان، حيث قالت ان "مجرد حضور نجاة في الاحتفال بالحدث يعد طائفيا بكل المقاييس"، وهو "تدعيم من طرف الوزيرة لفكرة ان الفرنسيين منقسمون إلى طوائف".
وآخذت على نجاة الحديث بالامازيغية خلال تهنئتها معتبرة ان اللغة عنصرا اساسيا في الهوية وبالتالي في الوحدة الوطنية..
المنتسبون إلى الجبهة العنصرية لعائلة "لوبان" امطروا الوزيرة بعبارات الحقد والعنصرية على صفحات الفيس بوك والتويتر، حيث ذهب بعضهم إلى وصفها ب"الخائنة" ودعوها إلى الذهاب "إلى هناك(يعني شمال افريقيا) لممارسة مواهبها" (كذا)، وهي عبارات عنصرية لا غبار عليها..
من جهته حاول الحزب الاشتراكي الدفاع عن نجاة فالو بلقاسم واعتبر ان ما تقوم به الجبهة الوطنية يدخل في إطار خلط الاوراق ونشر المعلومات الكاذبة و المزورة، بغرض استهداف شخصية سياسية عمومية.. وهي طريقة قديمة ومألوفة لدى الجبهة العنصرية. كما طالب الحزب كل الجمهوريين بالتنديد بمواقف الجبهة العنصرية.
يشار إلى ان حضور نجاة بلقاسم للاحتفال بذكرى حلول السنة الامازيغية الجديدة كان بمقر بلدية ليون الفرنسية سنة 2009 (الموافق ل 2959 بالتقويم الامازيغي)حيث كانت آنذاك مجرد نائبة باسم الحزب الاشتراكي. وقد عمد اعضاء الجبهة الوطنية إلى البحث عن فيديو الحفل الذي يعود لسنة 2009 والذي نشر على اليوتوب، ومحاولة استغلاله في هذه الظرفية..
ورغم ان نجاة لم تكن تتحمل اية مسؤولية رسمية سنة 2009 في الحكومة وبالتالي فإن حضورها لا يمكن ان يثير أي مشكل، خاصة ان الاصوات التي حصلت عليها كانت في غالبيتها تنتمي إلى الجالية المغاربية في ليون، فإن الهجوم على نجاة بلقاسم، وخلط الاوراق والتشويش وذلك بالحديث عن "الوزيرة" رغم انها لم تكن كذلك ابان الاحتفال، ينم عن مدى عنصرية الجبهة الوطنية ضد الاجانب وضد الثقافات الاخرى، ولو ان مواقفها تتخفى وراء مبادئ الجمهورية وثوابتها.