بإقرارها مشروع الدستور الجديد تكون الجمعية التأسيسية في مصر، التي يسيطر عليها الاسلاميون، قد سايرت الرئيس مرسي في سياسة الهروب إلى الامام وتصعيد موقفه تجاه المعارضة.
مسودة الدستور المصادق عليها من طرف الاخوان، لا تحظى بإجماع المعارضة المتمثلة في القوى الحداثية والليبرالية وكذا الأقباط، حيث هيمن عليها تفسير الاخوان النصي للشريعة الاسلامية كما انها لا تشمل ضمانات كافية للحريات العامة وحريات التعبير والصحافة والحريات النقابية.
وفي هذا الاطار يقول المعارضون ان هذا المشروع يفتح الباب امام السلطة التشريعية لوضع قوانين تتيح مصادرة الصحف او تعطليها و حل النقابا.
كما ان المادة الثانية للدستور التي تنص على ان "مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع" تفتح الباب لتفسيرات متشددة ل"مبادئ الشريعة الاسلامية"، تقول المعارضة.
ويأتي إقرار مشروع الدستور هذا في إطار تسابق الرئيس مرسي لقطع الطريق امام المعارضة التي انتفضت ضد إصداره اعلانا دستوريا حصّن بموجبه قراراته من اي رقابة قضائية الى حين وضع الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد كما حصّن الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى اللذين يهيمن عليهما الاسلاميون من اي قرار قضائي محتمل بحلهما.
ومن المنتظر ان تعرف مصر تصعيدا واحتقانا كبيرا على إثر هذا الحدث خاصة بعد إعلان الاخوان المسلمين وحلفائهم تنظيم تظاهرة غدا السبت لمساندة مرسي وهي التظاهرة التي من المنتظر ان تدخل في مواجهات مع المعارضين للرئيس الذين يحتلون ميدان التحرير منذ مدة.
يشار ان اعضاء الجمعية التأسيسية التي يهيمن عليها الاسلاميون أقروا بنود الدستور ال234 التي طرحت عليهم في جلسة ماراطونية بدأت بعيد ظهر الخميس واستمرت طوال ليل الخميس الى الجمعة.
وشارك في جلسة اقرار الدستور 85 عضوا من بينهم 11 كانوا في قائمة الاعضاء الاحتياطيين الذين استبدلوا الاعضاء المنسحبين بعد أن ادت الخلافات الى انسحاب كل ممثلي القوى المدنية (21 عضوا من اجمالي مئة اضافة الى سبعة اعضاء احتياطيين) من الجمعية.
وإذا كان الرئيس مرسي يرغب من خلال عملية اقرار الدستور على عجل بالقفز على هذا الملف الشائك والانتهاء منه بالاستناد إلى "القانون" إلا أن ذلك قد يؤدي الى تصاعد الاحتقان والغضب لدى معارضيه من القوى السياسية والمدنية التي اعتبرت ما قام به الاخوان سرقة للثورة التي راح ضحيتها المئات من المصريين في أعقاب الاحداث التي اودت إلى اسقاط النظام القديم بعد الاطاحة بحسني مبارك في 11 فبراير 2011.