افتتح العاهل المغربي الملك محمد السادس، أمس الجمعة، مرفوقا بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، و هي الأولى منذ بدأ العمل بالإجراءات الاحترازية ضد انتشار فيروس كورونا قبل عامين. والتي جاءت في ظرفية تتميز بتحديات سياسية داخلية وخارجية، إضافة إلى صعوبات اقتصادية ناتجة عن تداعيات جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية. وتطرق جلالته في خطابه الذي ألقاه تحت قبة البرلمان، أمام أعضاء مجلسي النواب والمستشارين، إلى محورين رئيسيين يسطران خارطة طريق لعمل المؤسسات التشريعية و التنفيذية. الموضوع الأول: أزمة الماء والتي وصفها جلالته بأنها إشكالية إجهاد مائي هيكلي. حيث أوضح جلالته أن المغرب يمر بمرحلة جفاف صعبة، هي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود. ولمواجهة هذا الوضع، قامت الحكومة منذ شهر فبراير الماضي، باتخاذ مجموعة من التدابير الاستباقية، في إطار مخطط مكافحة آثار الجفاف، بهدف توفير ماء الشرب، وتقديم المساعدة للفلاحين، والحفاظ على الماشية.وكذا تم تخصيص عدة جلسات عمل لهذه المسألة، تكللت بإخراج البرنامج الوطني الأولوي للماء 2020 – 2027 . كما أوضح جلالتهأنه قد ثم إنجاز أكثر من 50 سدا، منها الكبرى والمتوسطة، إضافة إلى 20 سدا في طور الإنجاز. كما أوضح جلالته أن مشكلة الجفاف وندرة المياه، لا تقتصر على المغرب فقط، وإنما أصبحت ظاهرة كونية، تزداد حدة، بسبب التغيرات المناخية، مبرزا أن الحالة الراهنة للموارد المائية، مسؤوليتنا جميعا، حكومة ومؤسسات ومواطنين. ودعا جلالته لأخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية.لأن مشكل الماء،ليس موضوع مزايدات سياسية، أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية، بل هو مسؤوليتنا جميعًا.وجب علينا التحلي بروح التضامن والفعالية، في إطار المخطط الوطني الجديد للماء، وكذا التعامل مع الماء بشكل عقلاني، لقوله سبحانه: وجعلنا من الماء كل شيء حي". "صدق الله العظيم". والموضوع الثاني : يهم مجال النهوض بالاستثمار. شدّد الملك محمد السادس على الاستثمار المنتج، لأنه رافعة أساسية لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق فرص الشغل للشباب. كما أنها تعطي الميثاق الوطني للاستثمار، دفعة ملموسة، على مستوى جاذبية المغرب للاستثمارات الخاصة، الوطنية والأجنبية. وهو ما يتطلب رفع العراقيل، التي لاتزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني للإقلاع الحقيقي المنتظر على جميع المستويات. فدعا جلالة الملك المراكز الجهوية للاستثمار للإشراف الشامل على عمليات الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها لمواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود. وأوضح جلالته إلى أن النتائج المحققة، تحتاج إلى المزيد من العمل، لتحرير كل الطاقات والإمكانات الوطنية، وتشجيع المبادرة الخاصة، وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. وحث على ضرورة التفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز الإداري، وتبسيط ورقمنة المساطر، وتسهيل الولوج إلى العقار، وإلى الطاقات الخضراء، وكذا توفير الدعم المالي لحاملي المشاريع. كما ركز جلالته على تعزيز قواعد المنافسة الشريفة، وتفعيل آليات التحكيم والوساطة، لحل النزاعات في هذا المجال، بغية تقوية ثقة المستثمرين في بلادنا، كوجهة للاستثمار المنتج. كما حث العاهل المغربي القطاع البنكي والمالي الوطني، بتفعيل التعاقد مع الحكومة، لتعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و 2026. وختم جلالته الخطاب بقوله تعالى : "وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم". صدق الله العظي".