عزّز الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي يحتكر السلطات في البلاد، بموجب مرسوم، صلاحياته القضائية بتعديل قانون منظم للمجلس الأعلى للقضاء، عزل بموجبه نحو ستين قاضيا. وصدرت في الجريدة الرسمية ليل الأربعاء الخميس قائمة تضم أسماء 57 قاضيا، اتخذ قرار عزلهم بتهم من بينها "التستر على قضايا إرهابية" و"الفساد" و"التحرش الجنسي" و"الموالاة لأحزاب سياسية" و"تعطيل مسار قضايا"؛ وستتم ملاحقتهم قضائيا، على ما أكد سعيّد في اجتماع وزاري. ومن بين القضاة المعزولين متحدث سابق باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، ومدير عام سابق للجمارك، والرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء، وقضاة آخرون توجه لهم اتهامات سابقة بالتقرّب من أحزاب سياسية كانت نافذة. ويشمل القرار أيضا قضاة كانوا يشرفون على ما يعرف بملف "الجهاز السرّي" المتعلق بالتحقيق في اغتيالات سياسية طالت سياسيين اثنين في العام 2013. وعدّل سعيّد قانون المجلس الأعلى المؤقت للقضاء ليتمكن من اتخاذ القرار. وجاء في نص التعديل أنه يحق رئيس الجمهورية، "في صورة التأّكد من المساس بالأمن العام أو بالمصلحة العليا للبلاد، وبناء على تقرير معلّل من الجهات المخولة، إصدار أمر رئاسي يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما من شأنه أن يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته أو حسن سيره". ويمكن كذلك ملاحقة القضاة المعزولين قضائيا. وقام سعيّد بحلّ المجلس الأعلى للقضاء في فبراير الفائت، الهيئة الدستورية المستقلة التي تأسست في العام 2016، وتعمل على ضمان استقلالية القضاء في البلاد؛ كذلك، عدّل قانون الانتخابات والاستفتاء. ويوجه سعيّد اتهامات بالفساد والعمل وفقا للولاءات السياسية لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل. وكان سعيّد أصدر في 25 يوليوز 2021 قرارات احتكر بموجبها السلطات، إذ علّق عمل البرلمان وأقال الحكومة، وهو مذاك يمارس الحكم عبر إصدار مراسيم وتعليق أجزاء من دستور 2014، الذي كان قد وعد بتعديله. واقر الرئيس التونسي خارطة طريق سياسة بدأت باستشارة إلكترونية، ثم استفتاء شعبي مقرر في 25 يوليوز المقبل حول دستور 2014، وصولا إلى انتخابات تشريعية نهاية العام الحالي. ويريد الرئيس التونسي تعديل النظام السياسي في البلاد من برلماني معدّل إلى رئاسي. وتوجه انتقادات شديدة لقرارات سعيّد والمسار الذي يعتمده، سواء من حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية الذي كانت له أكبر الكتل البرلمانية، ويعتبر ما يقوم به الرئيس "انقلابا على الدستور والثورة"، أو من الكثير من المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية التي تنبه من "انحراف سلطوي" في تونس التي شهدت ثورة عام 2011 أطاحت بنظام زين العابدين بن علي.