يخطط المغرب لإحداث سوق ثانوية للديون المتعثرة، التي ما زالت ترتفع منذ بداية الأزمة الصحية، ما يثير قلق بنك المغرب ومؤسسات التصنيف الائتماني ومؤسسات مالية دولية والمصارف التي يفترض فيها تكوين مخصصات من حصيلتها المالية بهدف التحوط ضد تلك الديون. وقفزت الديون المتعثرة العام الماضي 8 مليارات دولار، مقابل 7 مليارات دولار عام 2019، إذ كان مستوى القروض غير المسدّدة قد دفع البنك المركزي إلى إثارة الموضوع مع المصارف التي يفترض في هذه الحالة أن تكون مستعدة لتغطية تلك القروض. غير أن ما يتجلى، حسب تقرير بنك المغرب، أن حصة الديون المتعثرة تبقى مستقرة في العام الحالي قياسا بإجمالي القروض الموزعة، إلا أنها ما زالت في مستوى مرتفع، حيث وصلت نسبتها إلى 8.8 في المائة ضمن المجمل القروض البالغة حوالي 104 مليارات دولار في نهاية أكتوبرالماضي. ويراد من اللجوء إلى السوق الثانوية للديون المتعثرة تفادي اللجوء إلى القضاء من أجل تحصيله، حيث ستسند إلى الفاعلين تلك السوق مهمة التحصيل، ما يعني أن مستثمرين، الذين قد يكونون صناديق استثمار يشترون الدين من البنك، ويتولون تحصيل تلك المستحقات من المدين والوصول إلى بيع الأصل موضوع القرض في حال تعذر استرجاع الدين تماما. وسيتأتى للبنك بيع جزء من محفظة القروض المتعثرة بسعر حوالي 30 في المائة في قيمته في بعض الأحيان، ما يتيح للمصرف الحصول على سيولة وضخها في السوق وجني أرباح عوض اللجوء إلى الوسائل القانونية من أجل تحصيل مستحقاتها. وكان موضوع الديون المتعثرة من بين الموضوعات التي أثارتها بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت المغرب أخيرا، مع محافظ البنك المركزي، الذي التمست منه الحرص على مواصلة المصارف تكوين مخصصات للديون المتعثرة. وأوصت المؤسسة المالية الدولية، بالعمل على إحداث سوق ثانوية للديون متعثرة السداد التي توجد في ذمة الأسر والمقاولات، علما أن ذلك المشروع كان من الأولويات التي عبر البنك المركزي في مناسبات سابقة عن دراسته. وقد عبر محافظ البنك المركزي عن التطلع إلى وضع سوق ثانوية للديون المتعثرة في العام المقبل. ويتجلى من ارتفاع الديون غير المتعثرة أن الأزمة الصحية، بما كان لها من تداعيات على المقاولات والأسر، أفضت إلى الزج بالمدينين في وضعية تجعلهم متخلفين عن السداد، ما يثير قلق البنوك، التي يفترض فيها تخصيص جزء من أموالها من أجل ضمان تلك القروض. ووصلت الديون المتعثرة إلى ذلك المستوى المرتفع في العام الماضي في سياق لجوء الدولة إلى ضمان القروض الموجهة إلى خزانة الشركات، وتلك الموجهة إلى مواكبة الإنعاش الاقتصادي، إذ تسعى الدولة لمواكبة القطاعات الإنتاجية والخدماتية، خصوصا تلك التي عانت كثيرا من تداعيات الجائحة. وكان المغرب أطلق في العام الماضي برنامج "انطلاقة"، إذ جرى التزام توفير تمويل بحوالي 800 مليون دولار لشركات تستهدف توفير 27 ألف فرصة عمل سنوياً. وبدا أن العديد من الشركات، خاصة العاملة في قطاع السياحة، تتطلع إلى وقف سداد ديونها إلى حين عودة النشاط بعد انجلاء الفيروس، علما أن حالة من عدم اليقين تسود بسبب عدم وضوح الرؤية في ظل ظهور أوميكرون.