طيلةَ الأشهرِ الماضية ومنذُ تسجيلِ أولِ حالةِ إصابة بفيروس كورونا المستجِد بالمغرب، دخلت الأطرُ الصحيةُ والطبية المغربية في حربٍ ضروس مع هذا الفيروس. حربٌ ليست كباقي الحروب دامت أسابيع وأشهراً عدداً. على عاتقِهم وعلى أكتافهم حملوا ضحايا الوباء وتقاسموا ثقلَ الزمنِ الأشدِ عُسرة على العالم أجمع منذ سنينَ طوال.. وهي ربما مرحلة قد تكونُ الأقسى في التاريخِ المِهني لكثيرٍ منهم، بل لمهنةِ الطب في العصرِ الحديث في ربوعِ العالم الموبوءِ بكورونا. اليوم ومع انطلاقِ الحملةِ الوطنية للتلقيح ضد فيروس كوفيد-19 في المغرب، تنظرُ هذه الفئة بكثيرٍ من التفاؤل والأمل لهذهِ لانطلاقِ هذه العملية، علها تُحدث تغييراً وتحولاً في واقعهِم اليومي في المستشفيات مع إصابات ووفيات كورونا، وخاصةً في غرفِ الانعاش والتخدير. الدكتور عبد اللطيف ياسي، اختصاصيُ طب المستعجلات بمستشفى "الحسن الثاني" بأكادير، يرى بأن حملةَ التلقيح الوطنية ستكونُ جيدة، في حالِ وصلَ المغرب إلى نسبةٍ مهمةٍ من الأشخاصِ الملقحينَ ضد فيروس كورونا. وأوضح الدكتور ياسي في تصريحٍ لموقع قناة "كاب24تيفي" أن: "حملةَ التلقيح لن تحققَ نتائج حسنة، إذا لم يصل المغرب إلى حوالي 80 في المائة من الساكنةِ المغربية المُلقحة.. حينها فقط يمكننا الحديث عن تحقيقِ مناعةٍ جماعية". وأشارَ الدكتور ياسي، إلى أنّ انطلاقَ حملة التطعيم في المغرب، جاءَ في فترةٍ لم تعد غالبية مستشفياتِ المملكة تعاني من ضغطٍ كبيرٍ، نتيجة تزايد أعداد الإصابات والوفيات بالفيروس. موضحاً: "غالبيةُ المستشفيات اليوم شبه فارغة من مرضى كوفيد-19، كما أنَّ الحالة العامة تقريباً شبه عادية". وسجلَ الدكتور ياسي متحدثاً لموقعنا، أنَّ ثمةَ حماس ولهفة كبيرة لمسها عندَ المغاربة بخصوصِ مدى إقبالهم على عمليةِ التلقيح، "وهو ما يبشرُ بأننا سنصلُ نسبة كبيرة من الساكنةِ الملقحة، وبالتالي سنبلغُ مرحلة "المناعة الجماعية". من جانبهِ، يرى الدكتور نبيل قنجاع، رئيسُ قسم الإنعاش والتخدير بالمستشفى الجامعي "الحسن الثاني" بفاس، أنَّ عمليةَ التلقيح هي: "الطريقة الوحيدة التي ستجعلنا في مأمنٍ من الفيروس. وهي طوق النجاة الذي سيحد من انتشار العدوى ووسيعمل على تحقيقِ مناعة جماعية". وأضافَ المتحدثُ في تصريحٍ لموقع قناة "كاب24تيفي": " علينا أن نتذكرَ دائماً، بأنهُ لا يوجدُ لحد الساعة علاج لفيروس كورونا.. يوجد فقط علاجات تحسنُ وضعية المريض في غرف الانعاش والتي قد تقلل بدورها من نسبِ الوَفيات، لكن لا يوجد أي علاج للفيروس. لذلكَ فإن الحلَ الوحيد أمام المغاربة اليوم، هو التلقيح وهذه بارقة أمل تاريخية". وشددَ الدكتور قنجاع على أن نتائجَ التلقيح، لا يَظهر مفعولها إلا بعد مرور 10-15 يوم من أخذِ الجرعة الثانية، وهذا يعني أن " على المغاربة التحلي بالمزيد من الصبر بعد أخذ الجرعة الثانية إذا أرادوا كسب المعركة ضد الفيروس". وحذرَ رئيسُ قسم الإنعاش والتخدير بالمستشفى الجامعي "الحسن الثاني" بفاس، من أنْ يقعَ المغرب في أخطاء بعضِ الدولِ أخرى كبريطانيا مثلاً "التي تَسبقُ فيها نسبُ الإصابات بالوباء نسب الساكنة الملقحة". وحسبَ المتحدثُ نفسه، فإن المغرب حصلَ على الدفعةِ الأولى من اللقاح، في وقتٍ تعرف الحالةُ الوبائية نوعاً من الاستقرار، حيثُ أن حالات الإصابات والوفيات بكورونا في انخفاضٍ ملحوظ، "كل هذه العوامل تساعدُ بشكلٍ أو بآخر في تقليل الضغطِ "الرهيب" الذي عاشته الأطر الطبية منذ بدايةِ الجائجة". وتعليقاً على سير عمليةِ التلقيحِ الوطنية، سجلَ الدكتور قنجع بأنَّ الحملة شهدت إقبالاً كبيراً، "يبقى الرهان الكبير أمامَ المغرب اليوم، هو ضمان استمرار تزويدهِ بالدفعاتِ المقبلة من اللقاح بصفةٍ مستمرة". واعتبرَ قنجع في ختامِ تصريحه لموقع قناة "كاب24تيفي"، بأنَّ المغرب يتوفرُ على تجربةٍ ناجحةٍ في مجالِ التلقيح " قد لا تكون موجودة في أي دولة أوروبية"، معللاً ذلك بكون برامج التلقيح في المغرب جد متطورة والدليلُ على ذلكَ هو تصنيفها في مراتب متقدمة على المستوى العالمي.