منذُ إعلان نتائجِ الانتخاباتِ الأمريكية، التي أسفرت عن فوزِ المرشحِ الديمقراطي جو بايدن، والمغاربة يتساءلون عن مستقبلِ العلاقات الثنائية بين الرباط وواشنطن. عودةُ المعسكرِ الديمقراطي إلى البيتِ الأبيض من جديد، وخسارة "دونالد ترمب"، جعل أنظار صناع القرارِ في عواصم عالمية كثيرة، تتجه إلى التغيراتِ التي قد تحصل في السياسةِ الخارجية الأمريكية. المغرب وكغيرِهِ من الدول، تَجمعُهُ الكثير من العلاقات الثنائية المشتركة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، على رأسها: ملفاتٌ ترتبطُ بالأمنِ الإقليمي والدولي والكثير من القضايا الأخرى. ولعل هذا، ما تفسرُ حالة الترقب لنتائجِ الانتخابات، التي عاشها المغاربة (بمختلِف أطيافهم) على منصات التواصل الاجتماعي، أملاً في أن تتضح لهم ولو قليلاً، معالم العلاقات بين البلدين في السنواتِ القادمة. والحقيقةُ أن التفاعلَ المغربي مع فوز "بايدن" برئاسة أمريكا كان لافتاً. حيث قام نشطاء مغاربة بتداول مقاطع فيديو لزيارة الرئيس الأمريكي المنتخب للمغرب سنة 2014، والتي كان قد تحدث فيها عن عمق العلاقاتِ التاريخية، التي تجمع بين البلدين. لكن اللافتَ أيضاً، كان هو الاستفهامات الكبيرة التي طُرحت حول موقفِ المملكة الرسمي من فوز "بايدن". فالمغرب لم يُقدم حتى الآن، تهنئةً للرئيسِ الأمريكي الجديد، عكس مجموعةٍ من الدول العربية، التي سارعت إلى تهنئته حتى قبل إعلانِ فوزهِ بشكل رسمي. فما الذي يَعنيه سياسيا، فوز الديمقراطي "جو بايدن" للمملكة المغربية ؟ وما مستقبل العلاقات الثنائية بين البلدين ولاسيما في ما يتعلق بملف الصحراء؟ مستقبل العلاقات المغربية الأمريكية يرى المحلل السياسي والباحث في ملف الصحراء الأستاذ نوفل البعمري في تصريحٍ لموقعِ قناةِ كاب 24 تيفي أن : "علاقة المغرب مع الولاياتالمتحدةالأمريكية باتت تتخذُ طابعا استراتيجيا. بحيثُ أصبح المغرب منذ سنواتٍ يعتبر شريكًا أساسياً للولايات المتحدةالأمريكية اقتصادياً و أمنياً و كذلك عسكريا". وأضاف البعمري لموقعنا بأن: "مناورةً عسكريةً هي الأضخم في إفريقيا تُجرى سنويا بين الجيش المغربي و الأمريكي. كما أنه ومنذ سنة 2013 أصبحت هذه العلاقة جد قوية مع الديمقراطيين وتعززت مع الجمهوريين. وبالتالي علاقة المغرب مع بلاد العم سام أصبحت قوية بغض النظر عن طبيعة الحزب الحاكم ولونه السياسي". أما عن محددات العلاقة التي تجمع البلدين، فقد أوضح المحلل السياسي والباحث في ملف الصحراء، بأن هذه المحددات تتعلق أساسا "بوجود قضايا ومصالح مشتركة بين الطرفين. تتمحورُ بالدرجةِ الأولى في كل ما هو استراتيجي ويهم المنطقة ككل. وأذكر على سبيل المثال: القضايا المتعلقة بمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، والحفاظ على الأمن والسلم بالمنطقة وقضايا الهجرة والتنمية". يسترسل البعمري ويقول: "من خلال هذه القضايا أثبت المغرب بأنه طرف جدي ويتعاطى معها بشكل مسؤول. وهو ما أهله ليكون حليفا استراتيجياً لأوروبا وأمريكا. لذلك فتداخل المصالح الاستراتيجية بين البلدين مسألة أصبح الجميع يريد الحفاظ عليها، سواء من جهةِ المغرب أو أمريكا". من حانبٍ آخر، نبّه البعمري من أن: "الانتخابات الأمريكية وإن كان الإعلام قد حَسمَ فيها الفوز لصالح "جو بايدن" إلاّ أن من الناحية الرسمية وُجِبَ الانتظار إلى حدود شهر يناير للمصادقة على النتائج. خاصة وأن ترمب قد قرر فتح معركة قضائية لمواجهة "بايدن" من خلال تشكيكه في قانونية فرد الأصوات. بل أكثر من ذلك، اليوم أعلنت ولاية جورجيا عن إعادة فرزالأصوات يدويا". فوز الديمقراطي "جو بايدن" وملف الصحراء المغربية علاقة بتأثيرات فوز "بايدن" على ملف الصحراء، قال المحلل السياسي والباحث في ملف الصحراء:" سواء كان المعسكر الديمقراطي أو الجمهوري في الحكم، فملف الصحراء أصبح من حيث المرجعية التي تحدد حله ومنطلقات التسوية السياسية، لهُ ثوابت ومعايير، سواء في وجود الديمقراطيين أو الجمهوريين". وأوضح البعمري لموقعنا، بأن ملف الصحراء قد يَعرفُ بعض التغيرات لكن ستظل بسيطة وغير جوهرية ولا تمس بجوهر طبيعة الحل السياسي، المبنى على مقترح الحكم الذاتي. يضيف البعمري في ختام تصريحه لموقعنا: "هذا هو ما يهم المغرب حالياً، ألا تتأثر نظرة البيت الأبيض لمعايير الحل السياسي الذي أقرته الأممالمتحدة في قرارها رقم 2548".