رفع صوت الأذان يوم الجمعة الماضية 18 نونبر 2019، بالمسجد الأزرق بالعاصمة الهولندية أمستردام، لأول مرة من خلال مكبر الصوت لمدة لا تتجاوز ثلاث دقائق، ليكون بذلك أول مسجد يُرفع فيه الأذان بالمدينة، إيذانا بدخول وقت صلاة الجمعة في مبادرة من شأنها تعزيز قيم الحوار والتعايش بين الجميع، واحترام مبدأ الأديان كما ينص على ذلك الدستور الهولندي. وقام المؤذن من على صومعة المسجد الأزرق برفع الأذان، أمام أنظار وأسماع وسائل الاعلام الهولندية التي حضرت بكثافة لتغطية الحدث، وكذا بعض أفراد الجالية المغربية والإسلامية. وصرح إمام وخطيب المسجد ياسين الفرقاني لموقع كاب 24 تيفي بالقول "إن فكرة رفع الأذان لم تكن وليدة اللحظة بحكم أن الإسلام اصبح جزءا من المجتمع الهولندي ،وان الهولنديين والأوربيين بصفة عامة عندما يسمعون عبارة الله اكبر اذهانهم تذهب مباشرة الى العمليات الإرهابية، لذلك أردنا أن نغير هذا النمط الفكري، من خلال رفع الأذان بصوت جميل حتى يترسخ في اذهانهم ويصبح جزاء من الحياة العادية، وأن نداء الله أكبر هو نداء في غاية الجمال والروعة ". وأضاف المتحدث " أن النقاش العام في هولندا الان هو حول التدين، وان الإسلام أصبح له دور وحضور في المجتمع الهولندي ويساهم في نشر قيم التسامح والحوار بين مختلف طبقات المجتمع الهولندي المتعدد الروافد والثقافات". وأثار هذا الإجراء ردود افعال إيجابية خصوصا من السكان المحيطين بالمسجد، وفِي هذا الإطار أكد ياسين الفرقاني على "ان هذه المبادرة لاقت استحسان الجيران، وان البعض منهم أتى خصيصا لسماع صوت الاذان معبرا لوسائل الاعلام عن ارتياحه واعجابه بهذه المبادرة ". وعبر عدد من أفراد الجالية المغربية والإسلامية ،عن سعادتهم البالغة لهذا الإجراء، الذي من شأنه أن يساهم في تغيير الصورة النمطية عن عبارة "الله اكبر" وعن الاسلام، مضيفين ان هذا الحدث يشكل مناسبة للتعريف بقيم الاسلام السمحة المبنية على الوسطية والاعتدال. وصرح السيد( ز م ) احد أفراد الجالية المغربية المقيمة بأمستردام بالقول "بالنسبة لي أَجِد أن رفع الاذان بمدينة أمستردام، مبادرة لتبسيط طريقة تقبل الإسلام والمسلمين ووقعها كبير على الجالية، التي أصبحت تسمع الآذان ولأول مرة في أمستردام من داخل منازلها، وكذلك وقعها على المواطن الهولندي الذي يؤمن بالتعددية والحريات ،كان وقعًا مستحسنًا وأبدى تقبله للآذان كتقبله لأجراس الكنائس الكاتولكية او اَي طقس من طقوس الديانات الأخرى. ومنذ اعلان إدارة المسجد قبل شهر عزمها رفع الاذان عبر مكبرات الصوت، توالت ردود الأفعال الرافضة لهذا الإجراء خصوصا من الأحزاب المتطرفة التي تجد في هذا الامر هيمنة على المجتمع الهولندي من قبل المسلمين، كما شكل هذا الحدث مادة دسمة لوسائل الاعلام الهولندية، سواء على المستوى الوطني او المحلي وعلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي. وسبق للسلطات الهولندية قبل ثلاث سنوات سن قوانين تدعو لحظر الأذان، على خلفية الطلب الذي تقدمت به الجالية الإسلامية بأمستردام لوضع مكبرات صوت على مئذنة، بأحد المساجد الكبيرة، إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض السلطات الهولندية ،بدعوى أن رفع الأذان عبر مكبرات الصوت يسبب الإزعاج والضوضاء لساكنة العاصمة الهولندية. بالرغم من أن حظر رفع الاذان في الكثير من البلدان لا زال يثير الكثير من اللغط، فإن هولندا بهذا الإجراء تؤكد مدى انفتاحها وقدرتها على تقبل الآخر، فهل ستنحى باقي البلدان الاخرى نفس منحى هولندا ام انها ستصر على موقفها الرافض لبعض المظاهر الاسلامية؟