حين يصبح ثمن البقري والغنمي أغلى بكثير من لحم أطفال يافعين فاعلم بأنك في المغرب ، وإذا علمت ذلك فوجب عليك أن تعلم بعدها بأنه لا توجد لك قيمة عند المسؤولين من أعلاهم إلى أدناهم ، وإذا علمت ذلك فوجب عليك أيضا أن تدرك حقيقة أخرى وهي أنك إذا تكلمت فحتما سترعف وستتفرشخ وستخلى عشتك ويغتصب أبناؤك ومن تحب شئت أم أبيت . وعلى ذكر الاغتصاب واللحم فاسمحوا لي أن أقول وبدون مقدمات أو مؤخرات إن الافراج عن إسباني اغتصب أطفالا مغاربة بالجملة والتقسيط عار ما بعده عار وجريمة تستدعي وضع النقاط على الحروف والفواصل في مكانها وعدم المرور على العفو عن هكذا مجرم مرور الكرام . العفو عن مغتصب الأطفال رغما عن أنوفنا يعني فيما يعنيه أننا مواطنون لا قيمة لنا ولا وجود لنا ولا صوت لنا ، وأيا كانت الجهة التي أقدمت على هذا العفو فوجب عليها أن تعتذر للمغاربة لأنها أهانتهم إهانة لم يسبقها إليها أحد من المهنين . وحتى أكون واقعيا أكثر فلا تنتظروا توضيحا من جهة رسمية ، ولا اعتذارا وهميا أو حقيقيا من أي كان ، لأنه لا وجود في المغرب لما يسمى بالمواطن الحقيقي بل نحن كلنا مواطنون ناقصون ومغتصبون بشكل أو بآخر . نعم نحن مواطنون ناقصون في كل شيئ ، نتعرض للمهانة على أيدي من امتهنوا الإهانة ، وتسحق كرامتنا في أقسام الشرطة ودهاليز الإدارات وغياهب الوزارات ، وتسرق خيراتنا في واضحة النهار ، ونسجن أو نسفه أو نخوَّن أو ننفى إذا ما نطقنا بحرف من حروف الإشارة أو طالبنا باسترداد حقوقنا في أبسط عبارة . غرباء نحن يأسرنا وطن يمنع عنا الحلم بعد المغيب ويجبرنا على تجرع البأس والبؤس مع نسمات الصباح فلا يترك لنا إلا خيار السباحة في بحار اليأس ، واليأس سيف بالغ الحدة لا اعتراف معه بالحدود ولا تكهن لما يحدثه من ردود إذا ما رام صاحبه فك الأغلال والقيود . في المغرب كما في البلدان التي تحاول أن تخفي أنوار الحقائق بغربال الزور والتزوير توجد تناقضات ومفارقات وأعاجيب يعجب من ثقلها العجب العجاب ، فالغربة والمهانة والذلة والعجز واليأس والفقر والحرمان والظلم والبهتان وغير ذلك صور بشعة لمعاناة المواطن العادي تقابلها صورة مثالية لمواطنين كملوا بما لهم من أصوات مسموعة وسياط مرفوعة وضمانات مدفوعة وحصانات تدرأ ما عليهم من أخطاء وخروقات وتجاوزات ، ويجاورها عفو بالمجان وبالعلالي عن كل من يغتصب فينا الطفولة والكرامة والوطنية ، وتلك معادلة أخبرنا التاريخ أن استمرارها على أرض الواقع يدخل ضمن باب المستحيلات لأنه لا يصح إلا الصحيح ، والصحيح هو أن اغتصاب أزيد من عشرة أطفال لا حكم له إلا أن يقتل المغتصِب أو يصلّب أو تقطع يده ورجله من خلاف أو ينفى من الأرض وفق ما تنص عليه أحكام الاسلام التي ينص دستورنا على أنه الدين الرسمي للبلاد ، أما غير ذلك من عفو وتمتيع بالسراح فلا يعد إلا قتلا ثانيا لأطفال أبرياء اغتصبوا وقتلا لروح الانتماء إلى هذا الوطن وقتلا لروح العدالة وقتلا لقيمة المواطن المغربي وهو ما لا يرضاه لا الله ولا العبد .... ... ولله در من قال : إن أسوأ أطرش هو من لا يريد أن يسمع .