أكد إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن توسيع التغطية لفائدة غير الأجراء تشكل إحدى أولويات إصلاح منظومة التقاعد بالمغرب وقال الأزمي الإدريسي، في كلمة ألقاها خلال يوم دراسي حول موضوع (إصلاح أنظمة التقاعد .. الرهانات وآفاق التفعيل)، تنظمه جمعية أعضاء المفتشية العامة للمالية، "إن إشكالية اختلال توازن أنظمة التقاعد بالمغرب يجب أن لا تغيب عنا كون التغطية في مجال التقاعد تنحصر حاليا على الأجراء فقط ما يجعل نسبة هذه التغطية تبقى في حدود 33 بالمائة بعيدا عن دول من نفس المستوى الاقتصادي والاجتماعي ولا تشرف بلادنا اعتبارا للدور الذي تضطلع به على الصعيد الجهوي والدولي. لذا، نعتبر أن توسيع التغطية لفائدة غير الأجراء إحدى أولويات إصلاح منظومة التقاعد ببلادنا". وبعد أن ذكر بأن أنظمة التقاعد بالمغرب اعتمدت، على غرار جل دول العالم، نظام التوزيع الذي يرتكز على مبدأ التضامن بين الأجيال، سجل الوزير أنه "بالنظر لتدهور البنية الديموغرافية لهذه الأنظمة بتزايد أعداد المتقاعدين مقابل انخفاض وتيرة المنخرطين المساهمين، وعدم تكافؤ مستوى المساهمات المعمول بها مقابل الحقوق التي اكتسبها المنخرطون، جعلت بوادر عدم قدرة هذه الأنظمة على الوفاء بالتزاماتها تلوح في الأفق منذ سنوات". وأضاف أن تحسن مستوى معيشة الساكنة بالمغرب والتحولات الديموغرافية التي تشهدها البلاد أدت إلى طرح تحديات مهمة على أنظمة التقاعد تتمثل في امتداد مدة صرف المعاشات للمستفيدين منها، مشيرا، في هذا الصدد، إلى الدراسات الأكتوارية التي يتم إنجازها بشكل دوري منذ سنوات، بينت هشاشة التوازنات المالية لجل هذه الأنظمة، وأهمية الآلتزامات التي راكمتها تجاه منخرطيها وضرورة اتخاذ تدابير تصحيحية استعجالية لضمان استدامة أنظمة التقاعد بالبلاد. وأكد الأزمي الإدريسي أنه وعيا منها بأهمية وضع إصلاح تقاعد يضمن الديمومة ويعمل على دمج الفئات التي لا تستفيد من التغطية حاليا، نهجت السلطات العمومية منذ سنوات سياسة تهدف إلى وضع مشروع للإصلاح يستجيب لهذه الأهداف. وقد ارتكز تدخل السلطات العمومية في هذا المجال، يضيف الوزير، على شقين اثنين، أولهما كان ذا طابع استعجالي من خلال اعتماد جملة من الإصلاحات المقياسية مست، على الخصوص، نظامي المعاشات المدنية والعسكرية ونظام الضمان الاجتماعي، وقد مكنت هذه الإجراءات من تحسين نسبي للوضعية المالية لهذه الأنظمة وتأخير مؤقت لتاريخ بروز العجز المالي. وموازاة مع ذلك، تم تطبيق برنامج مهم توخى إدماج الصناديق الداخلية لبعض المؤسسات العمومية في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد مما مكنها من الاضطلاع بشكل أفضل بدورها الاقتصادي ومن ضمان الحقوق المعاشية لمستخدمي ومتقاعدي هذه المؤسسات. وأوضح الأزمي الإدريسي أن الشق الثاني توخى خلق حوار شفاف وصريح بين جميع المتدخلين في ملف إصلاح التقاعد (الدولة والفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين) في إطار لجنة وطنية تحت الإشراف المباشر لرئيس الحكومة بغية وضع مشروع إصلاح متوافق بشأنه يستجيب لأهداف الإطارات المرجعية للإصلاح. ومن بين هذه الأهداف، يقول الوزير، وضع منظومة تقاعد منسجمة وناجعة تضمن شروط الديمومة والحفاظ على الحقوق المكتسبة للمنخرطين وتوسيع التغطية لفائدة فئات غير الأجراء. وأشار الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية إلى اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد عملت على تدارس مجموعة من سيناريوهات الإصلاح، واقترحت في إطار توافقي إرساء منظومة تقاعد من قطبين أحدهما للقطاع العمومي والآخر للقطاع الخاص كإطار عام للإصلاح الشمولي في انتظار توفر الظروف الاقتصادية والاجتماعية الملائمة لإرساء نظام وطني وحيد. وتتويجا لعمل هذه اللجنة، عقدت اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد برئاسة رئيس الحكومة وبحضور جميع مكوناتها، في يناير2013، اجتماعا تمخضت عنه توصيات من بينها اعتبار المذكرة التي أنجزتها اللجنة التقنية حول تقدم أشغالها كخارطة طريق لإصلاح قطاع التقاعد واعتبار منظومة القطبين كإطار عام للإصلاح الشمولي لقطاع التقاعد وإدراج الإصلاحات المقياسية لنظام المعاشات المدنية في إطار الحوار الاجتماعي بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين. وأكد الأزمي الإدريسي أن إصلاح أنظمة التقاعد لا يجب حصره في بعديه المالي والاجتماعي، بل يجب توفير كل شروط الحكامة الجيدة لصناديق التقاعد، مبرزا أنه يندرج، في هذا السياق اعتماد نظام محاسبي خاص بهذا القطاع والمعمول به بشكل فعلي ابتداء من السنة المحاسبية المنصرمة والتبني عما قريب للقانون المؤسس لهيئة رقابة التأمينات والاحتياط الاجتماعي مما سيضمن لأول مرة رقابة تقنية فعلية على نشاط صناديق التقاعد وأهمية مراجعة تمثيلية الفرقاء داخل الأجهزة المسيرة لبعض صناديق التقاعد. واستحضر الوزير، في الختام، وفي انتظار تفعيل الإصلاح الهيكلي لقطاع التقاعد، الطابع الإستعجالي لاعتماد إصلاحات مقياسية لنظام المعاشات المدنية الذي سيعرف السنة المقبلة تسجيل أول عجز مالي له، معتبرا أن هذا الإصلاح يمر حتما عبر اعتماد جملة من الإجراءات من قبيل الرفع من نسبة المساهماتo وتوسيع وعاء احتساب المعاش والرفع من سن التقاعد ومراجعة النسبة السنوية التي يمنحها النظام. وقال إن شأن هذه الإصلاحات المقياسية توفير الوقت اللازم للبلورة الدقيقة لمشروع الإصلاح الذي يجب أن يؤدي في النهاية إلى إرساء منظومة تقاعد تحترم شروط العدالة الاجتماعية وتخلق تضامنا إيجابيا بين الأجيال في إطار شفاف وضمن قواعد مضبوطة للحكامة الجيدة.