الكل أجمع على " كبوة " فارس المنابر بسلا الشيخ يحيى المدغري حين ربط الهزات الارضية التي عرفتها مناطق الريف بغضب الله عز وجل على العصاة من هذه المنطقة ، والكل أيضا أجمع على شجاعة الشيخ في سرعة اعتذاره لمن مسه سوء من سوء فهم ما أراد أن يقصده من وراء ربطه الزلازل بالعقاب الالهي . نعم الشيخ أخطأ ، وهو نفسه الذي اعتذر ، وهذا الأمر إن وقع ما يشبهه في البلدان التي تحترم سلطاتها القوانين ويحترم فيها المواطن فإن المخطئ يناقش بالفكر والحجة والتبيان حتى يدحض أفكاره بنفسه إن كانت خاطئة دون أن يعزل من منصبه او يلحقه أذى لتعبيره عن رأيه أو لترديده ما يقوله الأغلبية ، ولأن هذا الأمر لم يقع في تلك " البدان المحترمة " وشاء الله ان يقع في هذه البلاد فقد عزل الشيخ عن الخطابة بشكل نهائي ،ولم يشفع له أمام هذا الامر تاريخه الحافل بإسلام العديد من غير المسلمين على يديه ، وهداية العديد من الشباب إلى الصراط المستقيم ، ومحاربته للتطرف والارهاب بشتى أشكاله وأنواعه . إن من يتامل في الخطاب الديني المغربي في كليته يجد أنه ينظر للزلازل على انها عقاب إلهي يرسله الله على الناس إما ترهيبا ليرجعوا إليه وإما انتقاما بسبب كثرة المعاصي والفسق والفجور ، وهذا التصور الذي يخالف العقل والعلم نابع بالأساس من مدرسة فكرية تأبى الابتعاد عن الموروث الديني جملة وتفصيلا ، وهي مدرسة نالت استحسان وزارة الأوقاف المغربية عبر التاريخ واستعملت لقضاء مآرب هذه الوزارة بطرق مباشرة وغير مباشرة في مناسبات تاريخية متعددة ، وإذا كان ذلك كذلك فإن الدفاع عن قرار وزارة الأوقاف توقيف خطيب سلا بسبب ترديده من فوق المنبر لموروث ديني واعتقاد " مغربي " يصبح جورا بل وجريمة نكراء لأنه دفاع عن باطل متمثل في توقيف خطيب لم يخرج في اعتقاده عن اعتقاد " الأمة " . يا سادة الأمر لا يتعلق بزلة خطيب ، ولا بكبوة جواد ، بل الامر يتعلق بسياسة تنهجها وزارة الأوقاف تتمثل في إقصاء كل من يغرد خارج سرب وزيرها ، وقص كل جناح يحاول أن يطير بالمصلين من سماء أراضي الخطب الجافة والمملة التي تعدها الوزارة إلى رحاب الخطب التي تعالج قضايا المجتمع ككل ،والاستجابة لتيار معين في البلد لا همّ له إلا تربص الدوائر بالخطباء والوعاظ والدعاة وأبناء الحركات الإسلامية للنيل من الإسلام وتشويه صورته . وإن من يتابع تحركات وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ضد كل من يثور حوله " بنو غلمان " في المغرب يجد من غير ذرة شك أن الوزير الوحيد الذي إثمه أكبر من نفعه ، وضرره أكثر من إصلاحه هو المسمى ب "التوفيق " ، إذ أثبت غير ما مرة أنه أقبح من " حتّى " في مواضع شتى ، وأنه يستحق أن يكون نكرة في بلاد نخرة على أن يكون وزيرا للشؤون الاسلامية بالمغرب ، فمنذ القرار المشؤوم بإغلاق دور القرآن بسبب الضجة التي أحدثتها فتوى الشيخ المغراوي حول جواز زواج بنت التاسعة ، مرورا بعزل الامام رضوان بن شقرون رئيس المجلس العلمي بالدار البيضاء سابقا بتهمة انتقاد مشاركة زعيم الشواذ “إلتون جون” بموازين ، ومنع الواعظ والخطيب محمد الخمليشي من الخطابة بمساجد فاس بتهمة انتقاد موازين وتجريد الخطيب نور الدين قراط من مهامه الدعوية بوجدة بتهمة الحديث عن موازين ، ونهاية بالقرار الأخير القاضي بعزل الشيخ يحيى المدغري الذي انتقد بدوره غير ما مرة مهرجان موازين ، فإن الوزير المذكور لا يفوت أي فرصة لقمع كل من تحدث عن مهرجان موازين أو عن اختلال الموازين في هذا البلد . حين نقول بأن وزير الأوقاف والشؤن الاسلامية أحمد التوفيق أضحى اسما على غير مسمى ، وبات مطالبا بتقديم استقالته أوطلب إقالته من منصبه السيادي ، حتى يريح العباد والبلاد من فتنه وأفعاله التي لم تتجرأ أكثر الدول الغربية المعادية للاسلام والمسلمين على ارتكابها واقترافها ، فإننا لا نخالف الصواب ، ولا نطالب بأمر غريب أو مستحيل ، بل نطلب بأقل ما يجب فعله ما دام وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية قد تحول شكلا ومضمونا إلى وزير للأوقاف والشؤون العلمانية .