تسرد صحيفة النيويورك تايمز الأميركية في تقرير مطول لها تلك الجريمة الشنعاء التي يحاول أفراد التنظيم الإرهابي تبريرها بموجب تفسيرات للقرآن والشريعة الإسلامية. وتستهل الصحيفة بلفتها إلى أن أحد مقاتلي داعش راح يشرح لفتاة، تبلغ من العمر 12 عاماً، أن ما سيقوم به معها (اغتصابها) ليس بخطيئة، وأنها لكونها تنتمي لدين غير الإسلام، فإن القرآن لا يعطيه فحسب الحق في اغتصابها، بل يشجعه على كذلك. وأضافت الصحيفة أنه قام بعد ذلك بتقييد يديها وتكميم فمها، ثم أخذ يصلي قبل أن يعتلي الفتاة، وبعد أن انتهى، عاد مجددا إلى الصلاة، في محاولة من جانبه لتغليف جريمة الاغتصاب بأفعال تعكس ما يوجد لديه من تقوى وورع على الصعيد الديني. ونقلت الصحيفة عن تلك الفتاة ذات الجسم النحيف الهزيل، التي تمكنت من الهرب من قبضة داعش رفقة سيدات أخريات وتعيش الآن في مخيم للاجئين رفقة أسرتها، قولها “ظللت أخبره بأن الأمر مؤلم وناشدته بأن يتوقف عما يفعل، لكن من دون جدوى، حيث أخبرني أن اغتصابي أمر يعمل على تقريبه بشكل أكبر من الله”. ومضت الصحيفة تقول إن الاغتصاب المنهجي للسيدات والفتيات المنتميات للأقلية الايزيدية بات أمراً متأصلاً في ثقافة التنظيم منذ إعلانه عن إحياء العبودية كمؤسسة. وأعقبت الصحيفة بلفتها إلى أن التنظيم سبق له خطف 7520 ايزيدية العام الماضي، من بينهن 3144 ما يزلن محتجزات، وفقا لتأكيدات زعماء في تلك الطائفة. وقد وضع مسؤولو تنظيم الدولة الإسلامية من جانبهم خطة مفصلة للرق الجنسي تنطوي على عقود بيع موثقة من المحاكم الإسلامية التي يديرها التنظيم، وتحولت تلك الممارسة إلى أداة تجنيد ثابتة لجذب الرجال من المجتمعات الإسلامية المحافظة. وتابعت الصحيفة بنقلها عن فتاة عمرها 15 عاما بيعت من أحد المقاتلين العراقيين قولها “كان يصلي في كل مرة كان يأتيني فيها لاغتصابي”. وأضافت فتاة أخرى اكتفت بالحرف الأول من اسمها وهو “ف” بسبب العار الذي يرتبط بالاغتصاب “دائما ما كان يقول لي إن تلك الممارسة عبادة، وأكد لي أن اغتصابي هو صلاته إلى الله”. وفي شهادات أخرى، اتضح أن الغزو الذي كان يقوم به داعش على قرى واقعة في الضفة الجنوبية لجبل سنجار في شهر آب/ أغسطس عام 2014 كان يهدف لما هو أبعد من مجرد فرض السيطرة على مناطق جديدة، حيث سرعان ما تم الفصل بين الرجال والسيدات عقب اعتقالهم مباشرةً. وكان يتم نقل الرجال والشبان سيراً أو بشاحنات إلى حقول مجاورة حيث تم إرغامهم على الانبطاح أرضاً ومن ثم إطلاق النار عليهم من أسلحة رشاشة، أما النساء والفتيات والأطفال فحملوا في شاحنات. وهو ما أكده ماثيو باربر، الخبير المختص بشؤون الأقلية الايزيدية في جامعة شيكاغو “الهجوم على سنجار كان غزواً جنسياً مثلما كان يهدف لتحقيق مكاسب ميدانية”. وبابر كان في سنجار عندما بدأت المذبحة الصيف الماضي، وساهم في إنشاء مؤسسة توفر الدعم النفسي للفارين الذين بلغ عددهم أكثر من ألفين، وفقاً لناشطين. وأثناء محاولة الفتاة “ف” الفرار مع عائلتها المؤلفة من تسعة أشخاص، عندما ارتفعت حرارة سيارتهم “الأوبل” القديمة، فإنها وبينما كانت تقف مع أمها وشقيقتيها، وهما في الرابعة عشرة والسابعة، يائسات قرب سيارتهن المعطلة، مرّ موكب لمقاتلي “الدولة الإسلامية” وطوقهن. وعلى الفور، فصل المقاتلون الرجال عن النساء، وأخذت هي مع أمها وشقيقتيها في شاحنات للبلدة الأقرب على جبل سنجار “وهناك فصلوني عن أمي. الفتيات غير المتزوجات أرغمن على الصعود في حافلات”. وجاءت رواية الفتاة “ف”، بما فيها وصف الحافلات، مكان الستائر وطريقة نقل السيدات، لتكررها ضحايا أخريات وقعن في قبضة داعش والتقتهن النيويورك تايمز. ومع 24 فتاة وامرأة أخرى، نقلت الفتاة ف إلى قاعدة عسكرية في العراق، وهناك في موقف القاعدة، سمعت كلمة “سبايا” للمرة الأولى، وقالت ” ضحكوا وسخروا منا وهم يقولون أنتم سبايانا. لم أكن أعرف ما يعني ذلك”، ولكن لاحقاً،” تولى القائد المحلي لداعش الشرح لنا أنها تعني الرق”. وقد تم بيع الفتيات الأصغر سناً والأجمل في أول أسابيع خطفهن، أما الأخريات، وخصوصا الأكبر سناً والمتزوجات، فوصفن كيف نقلن من موقع إلى موقع قبل أن يتوافر عرض مناسب لشرائهن.