لم تعد الحيوانات بالمغرب في مأمن من بطش البشر. وفاة الكلب الملقب ب«راي»، الذي أثارت قصته جدلا كبيرا، كانت بسبب فقء عينيه وبتر جهازه التناسلي بهدف الشعوذة. ورغم محاولات علاجه من قبل فريق من الأطباء البياطرة إلا أنه لم يستجب للعلاج. حالة الكلب «راي» لم تكن الأولى ولا الأخيرة في تعذيب الحيوانات. هاته الأخيرة تتعرض للاعتداء بما فيه الجنسي وقد يصل الأمر إلى قتلها واستخدام أعضائها في أعمال سحر. فمن يحمي حيوانات المغرب؟
بمنطقة ليساسفة بالبيضاء، عثر طلبة في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء على كلب تعرض لأبشع أنواع التعذيب الذي يمكن أن يخطر على بال إنسان. تم فقء عينيه وخياطة فمه وتشويه عضوه التناسلي بوحشية ثم بتره. هؤلاء الطلبة قاموا بإبلاغ جمعية فرنسية ليكتشف ممثلها بالبيضاء الوضع الكارثي لينقل إلى عيادة بيطرية. ضجة إعلامية كبيرة تلت هذا الفعل الإجرامي المقيت حمي وطيسها أكثر بعد وفاته. جميع المؤشرات تشير إلى أن أعضاء الكلب الضحية الذي لقب ب«راي» استخدمت لغرض الشعوذة. لكن هذا لا يعني أن جميع الاعتداءات التي تطول الحيوانات تكون بهدف الشعوذة. فكيف ذلك؟
قصة «راي» بعد الاعتداءات الهمجية التي تعرض لها الكلب «راي» ذو السبع سنوات بمنطقة ليساسفة بالبيضاء، تبين بعد نقله إلى معهد الطب البيطري بالرباط من لدن الطبيبة البيطرية المشرفة على حالته كوثر الكوهن وإخضاعه لفحوصات طبية دقيقة ومعاناته من مشاكل على مستوى القلب، الكلى، الرئتين، ورم على مستوى البروستاتا. تقول ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الحيوانات، في حديثها ل «الأخبار» أن الكلب «راي» وجد من قبل طلبة بمنطقة ليساسفة بالبيضاء في وضع حرج. عضوه التناسلي وعيناه المقتلعتان بعد التقصي تبين أنها استخدمت للشعوذة، تقول الفاعلة الحقوقية قبل أن تردف أن مجموعة من الأطباء البيطريين يتوصلون بحالات لقطط تمت خياطة أفواهها وأحيانا يعثر عليها مغتصبة. وأبرزت المتحدثة ذاتها أن الجمعية الفرنسية التي تبنت قضية الكلب «راي» المتوفى والناشطة بالمغرب وفرنسا عينت محاميين للدفاع عن «راي»، إذ تم فتح تحقيق في موضوع هذه الجريمة النكراء للوصول إلى الجناة المفترضين ومعاقبتهم على أفعالهم الخسيسة. وحسب مصادر مطلعة، فإن البحث لازال جاريا لحدود كتابة هذه السطور عن مرتكبي هذه الأفعال من أجل متابعتهم حول المنسوب إليهم. لمعرفة الأسباب الفعلية لاستخدام أعضاء الكلب لأغراض الشعوذة، زارت «الأخبار» عطارا بمنطقة قرية الجماعة (سباتة) بالبيضاء فأفاد الجريدة بأن المشعوذين يلجؤون إلى الكلاب بشكل كبير وبوجه خاص فيما يسمى «السحر الأسود». كما يبحثون أساسا عن الكلاب السوداء. يستعمل كل جزء منها في غرض معين من أعمال السحر. وأوضح نفس المتحدث، أن شعر الكلب الأسود يستخدم في سحر الجلب. ويقصد به جذب شخص إلى شخص آخر، أو إلى مكان معين، حتى يأتي بنفسه مسلوب الإرادة أو لا شعوريا ولا يرتاح إلا بعدما يحضر إلى مكان الطالب. علما أن أعضاء الكلب الجنسية تستخدم هي الأخرى في «السحر الأسود» الذي يعد من أفتك أنواع السحر ونادرا ما ينجو منه المسحور. لدرجة قد يتسبب السحر الذي يعمد فيه إلى اعتماد أجزاء من الكلب إلى موت المسحور إذا طالب مدة مكوث السحر في جسمه من دون علاج، كما جاء على لسانه. حالة الكلب «راي» أخذت أبعادا كبيرة بعدما انتقلت إلى ردهات المحاكم، كما نظمت مجموعة من الجمعيات التي تعنى بالرفق بالحيوان وقفة احتجاجية بساحة محمد الخامس بالبيضاء بتاريخ 14-06-2015 بمشاركة فاعلين مغاربة وأجانب للتنديد بالتعذيب الوحشي المفضي إلى الموت في حق الكلب الضحية «راي» الذي دخل في غيبوبة ثم توفي مباشرة بعد ذلك. وأنشئت مجموعة من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تتبنى قضية الكلب «راي»، من أشهرها صفحة تدعى «العدالة من أجل «راي» والتي حشدت آلاف المتضامنين مع هذا الكلب الضحية. هذه الصفحة تسلط الضوء بالمثل على كلاب في وضعية حرجة تمت معالجتها من قبل أطباء بياطرة متطوعين. وكل من يعثر على قطط أو كلاب عليها آثار تعذيب يضع صورها في هذه الصفحة حتى يتكفل بها أحد المتطوعين الذين يحرصون على معالجتها والاهتمام بها.
حيوانات في أعمال سحر للوصول إلى كيفية استخدام الحيوانات في الشعوذة، زارت «الأخبار» سوق «الجميعة» بدرب سلطان بالبيضاء واستقت شهادة عطّار شاب فضل عدم الكشف عن هويته. هذا الأخير صرح أن مجموعة من الحيوانات تستعمل في أعمال السحر، من بينها الحرباء التي يوظف بيضها في السحر المأكول بهدف القتل البطيء للسيطرة على المسحور والانتقام منه وقد يؤدي ذلك إلى موته. وتستعمل أيضا لإبطال مفعول السحر الأسود. وكذا لتخليص فتاة من العنوسة عبر رمي حرباء حية في النار مع خلطها بأعشاب أخرى وتعريض نفسها للدخان المتصاعد الذي يعتقد المشعوذون أنه يبطل السحر المعمول لها والذي حال دون زواجها. زيادة على ما سلف، أوضح العطار ذاته (الشاب) أن مخ الضبع تستخدمه زوجات لإخضاع أزواجهن أو الانتقام منهم من خلال دسه في طعامهم. والأسوأ أن الحمير هي الأخرى لا تسلم من هذه الممارسات الشيطانية، إذ يقطع لسان حمار بالغ وهو على قيد الحياة ويطبخ ممزوجا ببعض الأعشاب لتصبح الزوجة البغيضة الآمرة والناهية في منزلها. يحكي إدريس، وهو حارس لمقبرة، كيف وجد قطة هزيلة للغاية لكن عندما قدم لها طعاما لم تتمكن من أكله بل طفقت تدور من حوله فدنى منها ليكتشف أن فمها كان مخيطا. والمفاجأة أن فتحه جعله يعثر على صورة لعروسين ومن خلف الصورة أبصر كتابات وخطوط ورموز غير مفهومة. وأوضح إدريس أنه مزق الصورة وأنقذ حياة القطة. عزيزة نايت سيباها، رئيسة جمعية ناشطة في الدفاع عن حقوق الحيوانات، ترى أن قتل السلطات للحيوانات الضالة بالرصاص أو بالسم يسيء إلى صورة المغرب، مضيفة أن على الجمعيات الناشطة في هذا المجال التدخل للحد من هذه الممارسات المهددة لسلامة الحيوانات وإيجاد حلول بديلة. وأكد أحمد التازي، الكاتب العام لجمعية الدفاع عن الحيوانات والطبيعة بالرباط، أن جمعيتهم كانت شاهدة على ضبط سيدة حبست قطة في منزلها بالرباط حتى تنتقم من صاحبتها التي كانت تكتري منزلا لديها. ولكن بعد إعلام الشرطة تم ولوج منزل المشتكى بها لتفتيشه فتم العثور على القطة محبوسة في مكان ضيق وذلك للقضاء عليها. كما حوكمت سيدة أخرى عذبت حيوانا لكن الحكم كان مخففا إذ دفعت غرامة بقيمة 100 درهم. وتعذيب الحيوانات لا يكون دائما بهدف الشعوذة وإنما يكون من أجل التعذيب واستغلال ضعف الحيوانات كما يحصل مع الحمير التي تتعرض للضرب رغم أنها تكون محملة بحمولة تفوق طاقتها. علما أنه يعثر يوميا على العديد من الحيوانات في وضع مزر، كقطط بأفواه مخاطة وتخاط حتى من دبرها. ووفقا لمعلومات توصلت بها «الأخبار» فإنه يتم وضع القطط والكلاب بأكياس على مقربة من شاطئ «بالوما» وذلك من أجل المتاجرة فيها بأبخس الأثمان بسوق الكلاب بحي «القريعة» بالبيضاء.
حيوانات مغتصبة.. لم يعد الاعتداء على الحيوانات مقتصرا على بتر أعضائها بغرض الشعوذة أو إيذائها بالضرب وغيره بل أصبح يشمل حتى الاعتداءات الجنسية في غياب رقابة فعالة على هذا النوع من الاعتداءات. في الوقفة الاحتجاجية المنظمة أخيرا الخاصة بالتنديد بما لحق بالكلب «راي» من اعتداءات صرحت ناشطة في ميدان الرفق بالحيوان تدعى نادية وتشتغل كمساعدة لطبيب بيطري أنه قبل 6 سنوات من الآن، تعرضت كلبة تدعى «دونا» لاعتداء جنسي سافر من قبل شخص يشتغل في «الفرناتشي». نادية أكدت أن المعتدي كان يربط الكلبة ويكمم فمها ويعتدي عليها جنسيا بصفة متكررة بعد أن احتجزها لديه. علاوة على اكتشافها أن «دونا» كانت تنزف دما وقيحا. فنقلتها إلى عيادة طبيب بيطري بالرباط فقام باستئصال رحمها وبقيت في عيادته للعلاج لمدة 3 أسابيع. نادية أوضحت أنها تكفلت بالكلبة «دونا» وبقيت تعاني لمدة سنة ونصف ثم ماتت في وضعية مزرية. وفي فضيحة مدوية وراءها مهاجر مغربي مقيم بالديار الإيطالية يتابع هذا الأخير البالغ من العمر 32 سنة بتهمة اغتصاب فرس والتسبب في نفوقها. فبعد اعتدائه جنسيا على الفرس رصدت كاميرات المراقبة بإحدى الضيعات الفلاحية، حيث يشتغل نفوقها بعدما أجهضت. هذا الفعل الإجرامي، جعل جمعيات الرفق بالحيوان بإيطاليا تطالب بإنزال أقسى العقوبات على المعتدي حتى يكون عبرة لغيره بعدما كشفت كاميرات مراقبة ثبتها صاحب الضيعة في أماكن سرية من أجل مراقبة عماله. وقد قضت محكمة «ميسينا» في جزيرة صقلية بإيطاليا أخيرا بإدانة المعتدي المغربي مغتصب الفرس بسنتين سجنا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 5000 أورو. وذلك بتدخل إحدى الجمعيات الإيطالية الوازنة في مجال الدفاع عن الحيوانات والتي نصبت محاميا للدفاع عن أنثى الفرس المعتدى عليها. وقد صدر الحكم في وقت وجيز نظرا لأشرطة الفيديو التي توثق لهاته الاعتداءات الشنيعة. هذه هي عقوبة الجرائم المرتكبة في حق الحيوانات في المغرب يشير الفصل 601 من القانون الجنائي المغربي إلى أن «من سمم دابة من دواب الركوب أو الحمل أو الجر، أو من البقر أو الأغنام أو الماعز أو غيرها من أنواع الماشية، أو كلب حراسة، أو أسماكا في مستنقع أو ترعة أو حوض مملوكة لغير، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم. وينص الفصل 602 من القانون الجنائي على أن «من قتل أو بتر بغير ضرورة أحد الحيوانات المشار إليها في الفصل السابق أو أي حيوان آخر من الحيوانات المستأنسة الموجودة في أماكن أو مباني أو حدائق أو ملحقات أو أراض يملكها أو يستأجرها أو يزرعها صاحب الحيوان المقتول أو المبتور، يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى مائتين وخمسين درهما. فإذا ارتكبت الجريمة بواسطة انتهاك سياج، فإن عقوبة الحبس ترفع إلى الضعف. أما الفصل 603 من القانون الجنائي فينص على أن « من قتل أو بتر، بدون ضرورة، أحد الحيوانات المشار إليها في الفصل 601 يعاقب على التفصيل الآتي : إذا ارتكبت الجريمة في مكان يملكه أو يستأجره أو يزرعه الجاني فعقابه الحبس من ستة أيام إلى شهرين وغرامة من مائة وعشرين إلى مائتين وخمسين درهما أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، إذا ارتكبت الجريمة في أي مكان آخر، فعقوبتها الحبس من خمسة عشر يوما إلى ثلاثة أشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى ثلاثمائة درهم.