توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    أصيلة: الشرطة تطلق الرصاص لتحييد شقيقين مسلحين هاجما المواطنين بسلاح أبيض    جمعيات التراث الأثري وفرق برلمانية يواصلون جهودهم لتعزيز الحماية القانونية لمواقع الفنون الصخرية والمعالم الأثرية بالمغرب    إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف لسيارتهم التي تحمل رمز الصحافة    استشهاد 5 صحافيين بقصف نفذه العدوان الصهيوني في غزة    مصطفى غيات في ذمة الله تعالى    "الجديدي" ينتصر على الرجاء بثنائية    التوجه نحو ابتكار "الروبوتات البشرية".. عندما تتجاوز الآلة حدود التكنولوجيا    جامعيون يناقشون مضامين كتاب "الحرية النسائية في تاريخ المغرب الراهن"    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    الوزير قيوح يدشن منصة لوجيستيكية من الجيل الجديد بالدار البيضاء    حقائق وشهادات حول قضية توفيق بوعشرين مع البيجيدي: بين تصريحات الصحافي وتوضيحات المحامي عبد المولى المروري    دراسة تكشف آلية جديدة لاختزان الذكريات في العقل البشري    التجمع الوطني للأحرار يثمن المقاربة الملكية المعتمدة بخصوص إصلاح مدونة الأسرة    حصيلة سنة 2024.. تفكيك 123 شبكة لتنظيم الهجرة غير النظامية والاتجار في البشر    الدورة ال 44 لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بالمنامة .. السيد الراشيدي يبرز الخطوط العريضة لورش الدولة الاجتماعية التي يقودها جلالة الملك    38 قتيلا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان (حصيلة جديدة)    فرض غرامات تصل إلى 20 ألف درهم للمتورطين في صيد طائر الحسون بالمغرب    المهرجان الجهوي للحلاقة والتجميل في دورته الثامنة بمدينة الحسيمة    انقلاب سيارة على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون    رحيل الشاعر محمد عنيبة أحد رواد القصيدة المغربية وصاحب ديوان "الحب مهزلة القرون" (فيديو)    المغرب الرياضي الفاسي ينفصل بالتراضي عن مدربه الإيطالي غولييرمو أرينا    رئيس الرجاء يرد على آيت منا ويدعو لرفع مستوى الخطاب الرياضي    تنظيم الدورة السابعة لمهرجان أولاد تايمة الدولي للفيلم    الندوة 12 :"المغرب-البرتغال. تراث مشترك"إحياء الذكرىالعشرون لتصنيف مازغان/الجديدة تراثا عالميا. الإنجازات والانتظارات    حركة حماس: إسرائيل تُعرقل الاتفاق    الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    أخبار الساحة    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    جهة مراكش – آسفي .. على إيقاع دينامية اقتصادية قوية و ثابتة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الأرشيف المتجدد : ملوك الدعارة بالحمراء
نشر في نيوز24 يوم 13 - 06 - 2015

هذا التحقيق أعده في وقت سابق الصحفي القدير إدريس ولد القابلة و حسن عين الحياة بمساهمة يوسف العدناني ، نعيد نشره اليوم بعدما وردت على الموقع شكايات ورسائل تشتكي من وجود عمارات وشقق مخصصة للدعارة الراقية والرخيصة يسيرها اشخاص يحسبون انفسهم فوق القانون ويعمدون غلى تعنيف كل من قدم ضدهم شكاية أو استنكر فعلهم .
حين فتشنا على الاسماء المشتكى بها ، قادتنا الصدفة إلى هذا التحقيق الجدير بإعادة النشر ، ذلك ان الحال هو نفس الحال لم يتغير ، وإنما تغير أسماء البنات وأعمارهن واسماء الزبائن فقط
..........................................................................
على سبيل التقديم
قد يبدو المشهد سوقا للنخاسة في العصور الوسطى، وهو يفتح أبوابه للأجانب قصد التسوق من الرقيق المغربي الأبيض، مشهد تهتز له نفوس ملايين المغاربة الذين لم يكن يخطر ببالهم أن بالمغرب، "البلد الإسلامي المحافظ"، مجموعة "قوادين" من عيار ثقيل، يسمسرون في لحوم نساء وفتيات، منهن من لم يتجاوزن عمر الورد، بأكثر من عشرة مدن مغربية، كمراكش، الصويرة، آسفي، المحمدية، خنيفرة، الرباط الدار البيضاء، أكادير، طنجة، تطوان وغيرها من المدن والأقاليم التي تطفح بنكهة اللحم البشري الذي يدخل في خانة الجنس اللطيف، فتيات تنفحن بالأنوثة، تتلقفهن أعين "القوادين" قصدا أو بغير قصد، لتبدأ مخططات استدراجهن من خلال وسائل إغرائية تنعدم فيها نسبة الفشل وإمكانية الاختيار؛ الفشل عند هؤلاء السماسرة لا يعرف طريقه إلى قاموسهم الخاص، ربما لأنه قد يعصف برؤوس كبيرة أشبه بالحانات التي تخفي في أطمارها التحتية وأقبيتها الخفية زجاجات الخمر المعتقة والمهربة، رؤوس يختفي خلفها آلاف الوسطاء الذين يقدمون أجساد المغربيات في شكل "كاتلوك" على طبق من ذهب لعشاق اللحوم المغربية التي تفوح منها روائح الغنج والدلال بفضاءات خاصة ومكيفة وفقا لرغبات الزبناء القادمين بالدرجة الأولى من دول الخليج، هذه الفضاءات قد لا يدركها الوصف وقد لا تلحق بها أعين السلطة، بل منها من أنشئت بمباركتها، كما هو الحال بالنسبة لبعض الفنادق والفيلات والشقق المفروشة والمرافق السياحية الكبرى المستفيدة من رعاية خاصة جدا بمراكش، بهذه المدينة الحمراء التي يُسَوِّقُ لها القائمون على الشأن السياحي بالمغرب، ويروج لها الوزراء والدبلوماسيون في مختلف المنتديات والتظاهرات الدولية على أنها قبلة فريدة للاستجمام والتهام المآثر العمرانية، اكتشفنا فيما يشبه الفتح المبين قلاع محضة برجالات الأمن الخاص تباع فيها مغربيات قادهن الحظ إلى ترويج بضاعتهن بالتقسيط، لأمراء وشخصيات خليجية تقطع آلاف الكيلومترات لمعانقة الدفء الأنثوي المغربي على مرآى ومسمع خدامهم المغاربة، وتحت حراستهم، اللاهثين وراء الربح السريع أو هواة الانقضاض على سرة المال المتبوعة بكلمات عربية فصيحة خليجية المنبت، "خذ ألف دينار"، ولعل أحداث كهاته تحيي الجرح المغربي الذي لم يكتب له الالتئام، بعد فضائح جنسية صنف على إثرها المغرب في المراتب الأولى على رأس الدول التي تزدهر فيها السياحة الجنسية بامتياز، سيما أن هناك أحداث خطيرة طفت إلى السطح في السنوات الأخيرة أبطالها أجانب وطأوا بلذة سادية شرف المغرب في مدن مغربية مختلفة، أبرزها فضيحة "السرفاتي"، البلجيكي الجنسية، الذي قادته الصدفة إلى العبث بأجساد عشرات الفتيات القاصرات والراشدات أمام عدسات كامراته بشقق مفروشة بأكادير، لتصبح مذكراته الموقعة بالصوت والصورة دروسا أولية للزوار الجدد الوافدين على عاصمة سوس أكادير.
لم تقف الفضائح الجنسية التي لطخت سمعة المغرب والمغاربة في الخارج إلى هذا الحد، بل تلت قضية السرفاتي فضائح أخرى، عمقت جرح المغرب الغائر الذي لم تفلح "مراهم التجميل وصنوف الماكياج المخاتلة من تزويقه وتنميقه بغية حجبه، بل ساهمت هذه المساحيق التجميلية الحاجبة للحقيقة في كشف عورات بناتنا على عشرات المواقع الالكترونية البورنوغرافية، حتى أضحى المغرب الذي يسعى لتأسيس دولة الحق والقانون وخوض معركة الجهاد الأكبر، عاجزا أمام هذا المد الذي يندفع بحمولاته المالية لتلطيخ وتشويه ونخر الجسد المغربي والعبث به في وضعيات مختلفة، فبعد حادثة السرفاتي سيتعرض المغرب لصفعة قوية بتوقيع إسباني عبر روبورتاج تلفزيوني بثته القناة الإسبانية الثالثة (انتينا تريس) ليلة الخميس 19 يناير 2006، حيث كشف بالتدقيق مسالك السياحة الجنسية بالمغرب، إذ اعتمد معدو البرنامج (صحفيون) طيلة التحقيق على كاميرا خفية فضحت الوجه الآخر الذي تعيش عليه مدينة طنجة والدار البيضاء ومراكش، إذ خلال نصف ساعة، وهو عمر البرنامج المعنون ب "ثمن قاصر"، والكاميرا ترصد دعارة أخرى تختلف كليا عن الدعارة الراقية التي اشتهرت بها المغربيات بالخليج، غير أن الوضع يختلف بالنسبة للتحقيق الإسباني، فمعدل أعمار الداعرات التي اقتفت آثارهن الكاميرا يتراوح بين 11 و18 سنة، وهن لسن سوى دمى متحركة بأيدي سماسرة الدعارة المحترفين في تكديس الأموال من عرق فتيات قاصرات يقطف باكورتهن كل متعطش لامتصاص عرق فتي يتصبب فوق أسرة مافيات الدعارة، إلا أن أغرب ما في التحقيق هو تلك الشهادات الحية التي تبرز في مجملها تواطؤ الشرطة مع هذه المافيات التي تتاجر في بكرات القاصرات وأردافهن، إذ يكفي حسب نفس التحقيق أن ينزل الأجنبي بكل ثقله فوق الأجساد الفتية بكل حرية دون أن يلتفت وراءه، على اعتبار أن نسب مائوية من الأموال المدفوعة تعرف طريقها نحو الشرطة لابتياع صمتها، حتى بات المغرب من خلال برنامج "ثمن قاصر"، يجني أكثر من 200 مليون أورو، وهو مبلغ عائدات دعارة القاصرين بكل من مراكش طنجة والدار البيضاء، في مثلث (الدعارة، المال والسلطة).
وعلى الرغم من أن هذه الأحداث وأخرى، كشفت واقع المغرب الذي يراهن على السياحة كنشاط اقتصادي مهم، فإن السلطات ما فتئت تضيق الخناق على هذه الظاهرة التي تنحو منحى تكريس ثقافة السياحة الجنسية لدى الأجانب، لتقوم بين فينة وأخرى بحملات تمشيطية واسعة النطاق والتي قد أعادت شيئا ما التوازن لهذه المدن، خصوصا مراكش الحمراء، لكن إذا كانت السلطات قد وضعت أصابعها على أوكار الدعارة في قلب عاصمة السياحة بالمغرب، فإنها غفلت أو تجاهلت مربع البذخ والمجون بهذه المدينة الحمراء، إذ في كنفه تنتعش الدعارة الراقية مقابل مبالغ مالية خيالية تنهار أمامها كل القيم وتذوب بسببها مكارم الأخلاق وتُطَوَّع بسببها أيضا الأجساد الأنثوية الرخيمة على صدور أمراء وشخصيات خليجية تمول مشاريع سياحية ترتكز على الجنس، المخدرات، الخمر والسهرات، كنشاط رئيسي تقطف منه عند كل زيارة لها تأوهات فتيات مغربيات من مختلف الأعمار، بهذا المربع المتواجد في ممر النخيل بمراكش شيدت شقق مفروشة وفيلات مصممة وفق هوى الخليجيين، قد يبدو ذلك صادما أو قد لا تستسيغه العقول، لكن الواقع كان أكبر من صعقات الكهرباء العالية التوتر لما اقتحمنا ممر النخيل بمراكش، وولجنا إحدى فيلاته المشيدة تحت الأرض بمكيفات خاصة، أكثر ما يلفت انتباه الداخل إليها هو جملة من العوازل الطبية المنتشرة فوق موائد خاصة إضافة إلى أجود أنواع الخمور اللاهبة للمشاعر.
إلا أن ما يثير الغرابة، ويطرح أكثر من سؤال هو أن مالك هذه الفيلات والشقق المفروشة المشيدة على مساحة 71 هكتارا، ابتدأ في مشواره الداعر هذا من حارس لعمارة بممر النخيل إلى ميلياردير يتداول اسمه الخليجيون في دولهم بل وينصح بعضهم البعض بزيارته في مراكش لالتهام الرقيق الأبيض، حتى أضحى هذا الرجل يتردد على أكثر من لسان في دول الخليج تحت اسم ملك "ممر النخيل"، إذن كيف بدأ هذا الرجل مشواره في درب الدعارة الراقية، ومن يقف خلفه؟ وكيف يستدرج الفتيات من مختلف المدن المغربية لتقديمها ملفوفة في مناديل حريرية لهواة اللحم المغربي،وما هي الخدمات التي يقدمها للخليجين؟ ومن هم منافسوه من ملوك الدعارة بمراكش والمدن الأخرى؟ أسئلة وأخرى سنحاول الإجابة عليها انطلاقا من زيارة ميدانية لهذه القلاع المحصنة المطوقة برجال الأمن الخاص والكامرات والكلاب المدربة، بعد تمويههم بأننا "قوادون للخليجين".
"راس الخيط"
هذه هي مدينة مراكش، المدينة الأثرية الغنية بثرات يجذب السياح إلى السفر عبر أطوار الزمن الغابر، لم يكن تواجدنا بهذه المدينة التي تناسلت في عمقها جملة من الفضائح الجنسية الشاذة من باب الاستمتاع بجمالها أو النهل من حضارتها الأسطورية، بل وجدنا أنفسنا وسط أهاليها وزوارها الأجانب بعد معلومات حساسة توصلنا بها من مصادر جد مطلعة، تكشف الجانب المستور لهذه المدينة تحت يافطة ما خفي كان أعظم.
كانت البداية من ساحة جامع الفنا، أو النقطة الحساسة في قلب مراكش، زائروا الساحة يتدفقون، جماعات وفرادى، إلى رحمها، كل حسب مآربه، هناك من تجذبه "الحلقة" حيث الأفاعي والقردة المدربة وولاد حماد أو موسى أو مقلدوا مجموعة ناس الغيوان، وهناك من تقوده رائحة الشواء إلى التهام الوجبات السريعة من لحوم وأسماك، أو الاستدفاء بمشروبات الأعشاب والتلذذ ب "سلو" الذي يحكى أنه يقوي الرغبة الجنسية، رواد مشروبات الأعشاب و"سلو" كثر، غالبا ما تقود مومس زبونها إلى هناك، كَفُسْحَة لجولة قصيرة في اتجاه أسِرَّة الغرف المأجورة،وهناك أيضا من تسوقه الرغبة الجامحة التي اختمرت داخله إلى اصطياد العاهرات والمثليين لقضاء ليلة بيضاء في أوكار الدعارة بهذه المدينة الحمراء، المال بهذه المدينة مفتاح سحري تحقق بواسطته كل الرغبات، توجهنا إلى إحدى الشوافات أو قارئات الكف المرابضات بالساحة تحت مظلاتهن الواقية من لسعات الشمس التي لا تنقضي في محاولة لتتبع "رأس الخيط"، فبعد أن منحناها 20 درهما أخذت تسيح بين الخطوط المتداخلة والمتشابكة على صفحة راحتينا، لكن ذلك كان مجرد غطاء سيكشف النقاب عن دورها الحقيقي بهذه الرقعة الأسطورية التي تمتزج فيها أصوات الأهازيج الفلكلورية، قالت قارئة الكف وهي تنظر في عيوننا بجرأة عالية، "إلى ما عجبكمش اللحم ديال جامع لفنا، كاين لحم آخر، فتي، (تضحك) باقي بميكتو.." كانت كلماتها تلك التي انفلتت من تحت نقابها بوابة لاقتحام عالم الدعارة الذي هو جزء يسير من تلك المعلومات التي توصلنا بها، لكننا نحن أيضا فاجأناها عندما طلبنا منها أن تدلنا على وسيط يمكنه تلبية طلباتنا، على اعتبار أننا نحن أيضا مجرد وسطاء عند أناس كبار لهم نظرتهم الخاصة عن بائعات الهوى، طلبت منا 100 درهم كخدمة لها على إرشادنا، لكننا طمأناها على أننا سندفع أكثر إن هي سارعت إلى توفير الوسيط "القواد"، أخذت كراسيها البلاستيكية وطوت مظلتها وأودعتهم عند رفيقتها التي تبعد عنها بحوالي عشرة أمتار، هي الأخرى تقرأ الكف، ولا نعلم إن كانت بدورها ستقوم بنفس العملية إن حج إليها آخرون لنفس الغرض، توجهت قارئة الكف نحو مخدع هاتفي، كانت تبعد عنا بحوالي خمسة أمتار، حتى وصلت إلى المخدع لتطول مدة المكالمة الهاتفية بينها وبين الوسيط المجهول، حوالي خمس دقائق ستخرج قارئة الكف مبشِّرة إيانا بأنه في غضون 15 دقيقة سيكون الوسيط حاضرا، وما علينا إلا الانتظار بالمقهى المقابل للساحة، وقالت أيضا "ربع ساعة غادي يدخل القهوة، راه سمر اللون، وداير طربوش مغربي أحمر"، كانت الساعة آنذاك حوالي الثالثة والنصف من زوال يوم السبت، انتظرنا بالمقهى زهاء عشرين دقيقة ليبدو صاحب القبعة الحمراء وهو يتفحص جموع الجالسين في فضائها الخارجي، ثم توجه نحونا مباشرة، تفاجأنا كثيرا، وتساءلنا كيف عرف أننا نحن من ننتظره وليس غيرنا، لكننا أخفينا تعجبنا ودعيناه للجلوس، من خلال هذه العملية، تبين لنا أن الرجل الذي هو في أواخر الثلاثينيات من عمره، ليس شخصا عاديا سيما أنه اكتشفنا وسط أكثر من 50 جالسا بالمقهى، وربما يكفي هذا لندرجه في خانة المحترفين لهذه اللعبة الدنيئة، "أش بيتو" قالها الوسيط بلهجة مراكشية محضة، وتعني باللغة العامية "آش بغيتو"، أخبرناه أننا مجرد وسطاء لدى بغض الخليجيين، وأنهم يبحثون عن أماكن راقية وآمنة، كما أنهم يبحثون عن أربع فتيات عمرهن أقل من عشرين سنة، "وما يكون غير خاطرك"، سألنا الوسيط عن مدة الأيام التي سيقضيها الخالجيون بمراكش، فأجبناه أنهم سيبيتون ليلتين فقط، عندها أخرج هاتفه النقال وخاطب مجهولا قائلا: "أهلا راس التيمومة.. هذا أنا، شوف ليا واش باقي عند (ولد ثور الدينا) شي بارطما خاوية لشي كليان كبار.." وبعد انتهائه من مكالمته تلك، خاطبناه بأن زبناءنا يريدون إقامة راقية، وليس "بارطما"، فهم يركزون على "فيلا" مفروشة ومجهزة بأرقى الأثاث، وأن تكون بعيدة عن ضجيج الحافلات والسيارات وكذا في منآى عن أعين رجال الأمن، أخرج الوسيط هاتفه مرة ثانية، وكلم أحدهم قائلا: "السلام عليكم.. هذا أنا.. شوف ليا الريفي، واش كاين شي فيلا في النخيل... تكون مقادة مزيان، حيث عندي شي كليان كبار.. (بدا أنه يجيب عن سؤال ما) إيه كبار بزاف"، بعد أن أنهى مكالمته أضاف قائلا: "لقد جئتم في وقت صعب للغاية،، اليوم يوم السبت، (يبدو أنه تدارك شيئا ما)، لم تخبراني هل هؤلاء الخليجيين سبق أن زاروا مراكش أم أنها المرة الأولى التي سيزورون فيها هذه المدينة؟ أجابه زميلي بأنهم لم يطأوا أرض المغرب إلا حوالي ثلاثة أيام، فبعد جولة بمدينة الرباط والدار البيضاء جاؤوا لزيارة مراكش، كما طلبنا منه أن يرينا "الفيلا" التي سيقضي بها الخليجيون ليلتيهم الباذخة، ليتوجه بنا عبر سيارة من نوع بوجو 206 (ميتاليزي) إلى ممر النخيل، بهذا الحي الذي تعلوه جدائل النخل المائلة، انتصبت عشرات "الفيلات" الجاهزة، وأخريات في طور التشييد، كان صاحب القبعة الحمراء أشبه بالمرشد السياحي، وهو يعرفنا بكل ما نصادفه في طريقنا، عرجنا نحو حي صفيحي محاط بالنخيل، يدعى (أبياض)، تواجده بهذه المنطقة السياحية الهادئة، يبرز مدى اتساع الهوة بين الطبقتين، كما صادفنا قافلة من أربعة جمال تدب على الرصيف المؤدي إلى باقي الأبواب المشيدة على السور المسيَّج حول فيلات ممر النخيل، وما هي إلى أربع دقائق حتى أوقفنا صاحب الطاقية الحمراء، عند إقامة سياحية شاسعة، تسمى إقامة بن الدرقاوي وقصر النخيل، ثم علق قائلا، كما هي عادته، بهذه الإقامة سيجن الخليجيون "غادي يلوحو حوايجهم"، بل "غادي يبلعو الطعم هنا"، ثم أشار لنا نحو الفيلات التي تبدو كالقصور من بعيد، قائلا: "إحدى هذه الفيلات ستكون من نصيب الخليجيين، لكن مبلغ الليلة الواحدة هنا يبتدئ من عشرين ألف درهم فما فوق، حسب نوعية الخدمات (يضحك) و"القطيطات"، ثم توجهنا نحو إحدى مداخل هذا الصرح السياحي البديع، لكن حسب تعبير صاحب القبعة الحمراء، فإننا لن نتمكن من الدخول، لأن رجال الأمن الخاص ينفذون تعليمات صارمة، تمنع دخول أي كان إلا بعد أخذهم الإذن من مشغليهم، إذ حسب السمسار الذي قادنا إلى هذه المواخير الباذخة، فإن صاحب هذه الإقامات وكذا قصر النخيل، هو صاحب شركة للأمن الخاص، لذا فكل العاملين في هذه الشركة يطبقون تعليماته بأدق تفاصيلها.
من هنا كانت البداية، فقد أمسكنا شيئا ما ب "راس الخيط" الذي قادنا إلى أهم المركبات السياحية التي تكترى بها فيلات للدعارة الخليجية الراقية بأثمان خيالية.
عند عودتنا إلى ساحة جامع الفنا وجدناها قد اكتظت بالسياح والزوار المغاربة، طلبنا من صاحب القبعة الحمراء رقم هاتفه، لكنه رفض، غير أنه في المقابل أخذ رقم هاتفي على أساس الاتصال بي عند توفير "الريفي" تلك "الفيلا" التي سيقضي بها الخليجيون (المفترضون) ليلتين بين اللحوم البيضاء اللائي ستصرن رهن إشارة الزبناء.
مواخير ولد ثور الدنيا
كانت الساعة تشير إلى الرابعة وخمسين دقيقة بعد زوال يوم السبت، أفواج من السياح الأجانب تتدفق في اتجاه هذه الساحة الأسطورية، "نقاشات الحناء" ترتجلن بعض الكلمات الفرنسية لجذب السائحات قصد تعشيق أيديهن ب "النقش المراكشي"، توجهنا نحو شاب يبيع السجائر بالتقسيط قرب نقاشات الحناء اللائي بدين في تلاحم غريب بإبرهن الطبية المليئة بالحناء، سألناه عن مكان تواجد إقامات "ولد ثور الدنيا"، هذا الاسم الذي ردده الوسيط صاحب القبعة الحمراء بعد لحظات وهو يكلم مجهولا، يفيد أنه أحد مكتري الشقق المفروشة للسواح الأجانب والمحليين. فأجابنا بائع الديطاي بلهجته المراكشية الجذابة،"راه بعيد.. خاصكم طاكسي أمولاي"، سألنا أكثر من أربعة أشخاص، كل يدلي بدلوه في حق هذا الرجل، بعضهم يقول إن ولد ثور الدنيا يمتلك شققا مفروشة يكفي أن تدفع له لتقضي رفقة مومس أروع اللحظات، بينما آخر يصرح أن الرجل ملاك كبير للعقارات سبق أن تواطأ مع خليجيين، غير أنه إنسل من فضيحة محتملة مثل الشعرة من العجين.. لقد تعددت الآراء حول هذا الرجل الذي تبين لنا أنه ذو شهرة كبيرة في الوسط المراكشي، وحدها الآراء الغزيرة حوله من ألهبت فضولنا للقائه. فكانت وجهتنا نحو الشارع المحاذي لصومعة مسجد الكتبية، حيث سيارات الأجرة المرابطة هناك، سائق الطاكسي لم يتردد هو الآخر في الحديث عن ولد ثور الدنيا "الله ياودي شكون هذا للي ما يعرفش هذا المخلوق"، كان هذا جوابه فور سؤالنا عن صاحب الشقق المفروشة الموضوعة رهن إشارة وسطاء دعارة الخليجيين، طيلة مسافة الطريق وسائق الطاكسي يسردنا لنا أحداث خطيرة تفيد في مجملها أن العديد من الملاهي الليلية بحي "كيليز" (الكونطوار، التياترو، جاد محل، مونتي كريستو)، تعتبر المشتل الخصب لإنتاج المومسات ومدمني المخدرات بمختلف أنواعها، من بينهن المحترفات والهاويات وأخريات قاب قوسين أو أدنى من الدعارة، وهن في أغلب الأحيان تلميذات الثانويات، لكنه لم ينكر أنه بدوره حمل عاهرات إلى شقق ولد ثور الدنيا، يقول سائق الطاكسي "أنا مجرد عامل، أقتات من هذه المهنة المتعبة، كنت من قبل (فوكيد) أرشد السياح (مارش نوار)، لكن بعد أن حصلت على رخصة الطاكسي، أظن أن الأمر سيختلف، فلا يمكنني أن اختار (الكليان) كل على حدة، كما لا أنفي أني أوصل العديد من الفتيات رفقة وسطاء إلى إقامة ولد ثور الدنيا وإقامات أخرى، مثل الرياضات وسط المدينة، وكذا بعض الفيلات بممر النخيل، أغلبهن فتيات معدل سنهن يتراوح بين 18 و30 سنة، إلا أنهن لا يصرحن بأنهن قاصدات تلك الشقق، ولكنهن يقصدنها دون إثارة الشبهات"، بعد خروجنا من حي "كليز"، أشار سائق الطاكسي إلى عمارتين معزولتين قائلا: "هافين تايعرقوا بناتنا مع للي سوا وللي مايسواش"، ثم أضاف "هاتان العمارتان من أوكار (ولد ثور الدنيا)".
فور وصولنا إلى هناك توجه نحونا شاب يبدو أنه بدوي، سحنته وملابسه تدل على ذلك: "تريدون شقة للكراء، أو غرفة؟ كل شيء موجود"، كان هذا أول ما خاطبنا به البدوي، الذي يشتغل عند ولد ثور الدنيا، سألناه بدورنا عن مكان تواجد الشقق والغرف، ليشير هو الآخر إلى العمارتين المتواجدتين خلفه، بعد نزولنا من الطاكسي بادرناه بسؤال آخر، "لقد جئنا من مدينة الدار البيضاء بخصوص حجز بعض الشقق لسعوديين ينويان قضاء ليلة باذخة بهذه المدينة، وقد أرشدنا أحد الزبناء الذي تردد كثيرا على هذه الشقق، هل عندكم فتيات فاتنات يمكنهن إتلاف مشاعر السعوديين؟ انفلتت منه ابتسامة رقيقة وأردف قائلا: "فور وصولهم سنرسل من يجلب لهم فتيات طازجات، كل شيء موجود عندنا"، كانت كلمات سائق سيارة الأجرة صائبة حينما قال بأن شقق ولد ثور الدنيا، مكان ساخن تذوب فيه أجساد بناتنا فوق صدور الخليجيين، لكن كم يبلغ سعر الشقة الواحدة بهاتين العمارتين؟ لما استفسرنا البدوي عن الثمن قال لنا بأن التفاوض حول الأثمنة ليس من اختصاصه، بل هناك وكالتان عقاريتان أسفل العمارتين يمكن أن نفاوض صاحبهما عن الثمن، لكن من الأفضل أن نترك ذلك للسعوديين، لقد اعتقد أننا نحن الآخرون سماسرة، وهمنا الوحيد هو أن نعرف ثمن كراء الشقة لمضاعفته أمام السعوديين وبالتالي الحصول على نسبة من المال، لكنه طمأننا قائلا "حتى أنتوما بحلاوتكم".
لقد اشتهرت إقامات ولد ثور الدنيا بالبذخ والفساد، كما أضحت هاتان العمارتان مواخير لكل متعطش للهو بالأجساد الفتية، وحسب مصدر أمني عليم فقد سبق أن تم اعتقال امرأة (قوادة) رفقة فتاة قاصر بمحطة القطار، اعترفت أنها جلبتها من مدينة الرباط لتقديمها لخليجيين بشقق ولد ثور الدنيا، بعد أن أخبرها أحد السماسرة الموالين لهذا الرجل، بضرورة إيجاد فتاة قاصر لأن زبناءه الخليجيين في حاجة للتلذذ بجسدها الطري؛ وحسب نفس المصدر، فقد جلبتها المرأة بطريقة فريدة كبحت أي محاولة من للفتاة من التملص من يدها، إذ أغرتها بأموال كثيرة ووعدتها بالمزيد، كما أخبرتها أن مدة بقائها بمراكش لن تتجاوز ليلة واحدة، إلا أن معلومة تسربت إلى مخفر الشرطة أوقفت المخطط الداعي إلى وأد شرف الفتاة فوق سرير وثير بماخور ولد ثور الدنيا، وحسب مصدر أمني آخر، فإن هذه العمارات سبق أن شهدت عمليات مداهمة من طرف رجال الشرطة، بعد توصلها بمعلومات تفيد بأن داخلها خليجيون يسبحون في عوالم المجون رفقة مغربيات اقتدن إليهم بواسطة (سماسرة)، وقد أسفرت هذه المداهمات في أوقات مختلفة عن ضبط ثلاث خليجيين متلبسين (عراة) رفقة عاهرات مغربيات، تفوح منهم رائحة الخمر، وسط دخان الحشيش الذي يعم فضاء الشقة بعمارات ولد ثور الدنيا، وفي هذا الصدد عبر مصدر بعين المكان أن بعض سكان العمارة المجاورة تقدموا في أحيان كثيرة بشكايات إلى مصالح الأمن بغية وقف ولد ثور الدنيا عن ممارسة أفعاله الآثمة، وكذا توفيره شققا لممارسي الدعارة، لكن دون جدوى، وتساءل نفس المصدر، هل هذا الرجل يتمتع بحصانة من جهات عليا؟ فانطلاقا من حجم الشكايات وكذا المداهمات العينية لهذه الشقق تبين أن الرجل محمي من جهات نافذة تنتعش بدورها من مداخيل الدعارة بهذه الشقق، يضيف نفس المصدر.
بعد أن تعذر علينا اختراق صرح هاتين العمارتين�


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.