فيمَا لا تزال المشاورات حوْل تقنين الإجهاض جاريةً، في أفُقِ الوصول إلى توافُقٍ بشأنِ الصّيغة النهائية للفصول المنظمة له في مشروع القانون الجنائي، طالبَ "تحالُف ربيع الكرامة"، الذي يضمُّ عددا من الجمعيات الحقوقية بإباحة الإجهاض، بجعْل أمْر الإجهاض، (أو "إيقاف الحمل" كما يسميه التحالف)، من عدمه مقرونا بإرادة المرأة الحامل لوحْدها دونَ سواها. وفي الوقت الذي تطالبُ الأصوات الواقفة بيْن مُعارضي إباحة الإجهاض بصفة مطلقة، وبيْن الدّاعين إلى إباحته في جميع الحالات بتقنينه بما يسمحُ بالإجهاض في حالات معيّنة مثل الاغتصاب وزنا المحارم والتشوهات الخلقيّة، طالبَ تحالف ربيع الكرامة أنْ تكون مقاربة معالجة الموضوع بناء على ما تنصّ عليه الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وعلى توصيات منظمة الصحة العالمية. ويدعو تحالف ربيع الكرامة إلى "رفْع التجريم عن الإجهاض الطبيّ، ووضع حدّ للتبعات المأساوية الناجمة عن الإجهاض السرّي غير الآمن"، مُعتبرا أنّ ثمّة "حاجة مجتمعية ضاغطة لا تقبل التسويف". وقالت عضوة التحالف خديجة الروكاني في ندوة صحافية صباحَ اليوم إنّ القانون الجنائي "متطرّف" في معالجة موضوع الإجهاض، وأضافتْ أنّ التحدّيات الراهنة التي يواجهها المغرب تقتضي التعامل مع الإجهاض وفْق ما تُمليه القوانين والاتفاقية الدولية التي صادق عليها المغرب، وما تنصّ عليه توصيّات منظمة الصحة العالمية. وفيما دعا تحالف ربيع الكرامة إلى التعامل مع الإجهاض من منطلق تبنّي مقاربة حقوقية تراعي احترام حقوق المرأة والطفل، قالتْ خديجة الروكاني "نُطالبُ بتغيير جذري للقانون الجنائي من خلال فلسفته وجوهره"، وأضافت "القانون الجنائي المغربي محكوم بخلفيّة تقليدية وفلسفة أبويّة متجاوزة". وردّا على الرأي القائل بأنّ إباحة الإجهاض سيؤدّي إلى ارتفاع عدد حالاته، مقارنة مع ما هو واقع الآن، قالت الروكاني "هذه مجرّد مزايدات غير صحيحة"، مشيرة إلى أنّ تركيا استطاعت تخفيض عدد حالات الإجهاض بعْد السماح بإجرائه من 25 حالة في كلّ ألف ولادة، إلى 10 حالات، وتابعتْ "جهة الرفض والمقاومة تتحدث من منطلق أخلاقي، وكأنّ من يدافع عن الحقوق هو خارج المنظومة الأخلاقية". ويُطالبُ تحالف ربيع الكرامة في المذكّرة التي رفَعها حوْل إصلاح مقتضيات القانون الجنائي الخاصّة بالإجهاض بأنْ ينصّ القانون الجنائي على أنّ جسد المرأة "هو ملك لصاحبته ولا يحقّ لأحد غيرها أن ينوب عنها في اتخاذ القرار بشأنه أو أن يتصرف فيه دونما إرادتها أو موافقتها"، ويعتبر التحالف أنّ تجريم إيقاف الحمل "يشكّل انتهاكا لحقوق المرأة ولحُرْمة جسدها، ويكرّس تمييزا ضدّها وشكلا من أشكال العنف تجاهها". وبيْنما أُجّلَ إدراج الفصول المتعلقة بالإجهاض في مشروع القانون الجنائي الذي أفرجتْ عنه وزارة العدل والحريات يوم الثلاثاء الماضي، في انتظار إحالته على البرلمان، طالبَ تحالف ربيع الكرامة بإدراج الإجهاض الطبي الآمن ضمن الخدمات الصحية العمومية، وتسهيل الولوج إلى الاستفادة منه مجّانا، وبرمجة خدمة الإجهاض باعتبارها جزءً من السياسة الإنجابية للدولة.