أثارت تصريحات لمجموعة من الدعاة السلفيين في مصر، أبرزهم الشيخ محمد حسان الذي يملك قناة «الرحمة» الفضائية، حالة من الجدل على الانترنت وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، بعد أن أدان الدعاة السلفيون ضحايا مجزرة «رابعة» بالتسبب فيها والمسؤولية عن الدماء، بينما برأوا الجيش والنظام من المسؤولية. وأثارت تصريحات محمد حسان موجة من الجدل في مصر لأنه لزم الصمت تجاه أحداث فض اعتصامي «رابعة» و»النهضة» منذ آب/أغسطس 2013، ولم يعلق على الأمر، في الوقت الذي كان فيه الكثيرون يستنكرون سكوته ويدعونه لموقف واضح يدين المجزرة ويدين مرتكبيها، خاصة وأنه أحد مالكي القنوات الفضائية الدينية، إلا أن خروجه عن صمته بعد ثلاث سنوات كان مفاجئاً بإدانة المعتصمين وليس من قاموا بفض الاعتصام. وتفاوتت ردود الأفعال في أوساط النشطاء المصريين على الانترنت بين من قام بتكذيب محمد حسان ونفي بعض المعلومات التي وردت على لسانه، وبين آخرين اعتبروا أن تصريحاته مع عدد آخر من الدعاة السلفيين، والتي تصب كلها في الاتجاه نفسه تمثل دليلاً على أنها ربما جاءت بطلب وضغط من النظام في مصر الذي يبدو أنه يقوم باستخدام دعاة جدد من التيار السلفي غير أولئك الذين استعان بهم خلال الأعوام الثلاثة الماضية وتعرضوا لانتقادات. ويأتي هذا الجدل في مصر في الوقت الذي يحيي فيه المصريون ذكرى مرور ثلاث سنوات على قيام الجيش المصري وأجهزة الأمن باستخدام القوة لفض اعتصامي «رابعة» و»النهضة» اللذان كان الإخوان المسلمون قد نظماهما لرفض ما يعتبرونه انقلاباً عسكرياً أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وجاء بالجنرال عبد الفتاح السيسي رئيساً للجمهورية. محمد حسان: الإخوان رفضوا الصلح وبثت قناة «الرحمة» الفضائية شهادة الشيخ محمد حسان عن فض اعتصامي «رابعة» و»النهضة» ضمن برنامج خاص أطلقت عليه اسم (لله ثم للتاريخ) حيث أكد أن السيسي وافق على جميع مطالب قيادات جماعة الإخوان المسلمين قبل فض الاعتصام، لكنهم تراجعوا عن الاتفاق، حتى إن الرئيس عرض عليهم الاستفتاء على بقاء الرئيس مرسي في الحكم إلا أنهم رفضوا. وحمَّل حسان ومعه كل من الشيخ جمال المراكبي والداعية عبد الله شاكر الإخوان المسلمين مسؤولية فض الاعتصام بالقوة، والمسؤولية عن الدماء التي سالت، وذلك بسبب رفضهم التصالح مع النظام. وقال الشيخ المراكبي الذي تحدث على شاشة قناة «الرحمة» وإلى جانبه حسان: «خوفنا السيسي بالله من عاقبة أن تسيل الدماء في مصر وأقنعناه بعدم فض الاعتصام وقال لن أفض الاعتصام بالقوة ولو قعدوا سنة بس هما مينفعش يقفلوا الطريق حتى المطار ويوقفوا حياة المواطنين»،مكملا: «طالبنا السيسي بالإفراج عن كل المعتقلين السياسيين ومنهم الرئيس مرسي ولكنه قال لنا ده في إيد القضاء واحنا وافقنا على أن القضاء يقول كلمته». وتابع: «السيسي وافق على أنه من الممكن الإفراج عن المعتقلين خطوة مقابل خطوة من الإخوان واشترطنا أن يجلسوا على مائدة التفاوض فوافق السيسي أن يجلسوا بصفتهم أكبر حزب في مصر». مستطردا: «لما جلسنا مع الإخوان وقلنا لهم على نتيجة المقابلة مع السيسي قالوا لنا شكراً يا مشايخ نعتذر لكم لسنا موافقين». قيادات إخوانية ترد ورد العديدُ من قادة الإخوان على تصريحات حسان عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي ازدحمت بالجدل حول تصريحاته، فيما ردت أيضاً شيماء، ابنة الرئيس الأسبق الدكتور محمد مرسي وأدلت بشهادتها حول فترة ما قبل فض الاعتصامين، وذلك من خلال تدوينة مطولة على «فيسبوك» خاطبت فيها الشيخ محمد حسان بقولها: «يا صاحب اللحية». وكتب القيادي في حزب الحرية والعدالة عمرو دراج على «فيسبوك» متهماً حسان بالكذب، وقال دراج: «المدعو محمد حسان يكذب كما يتنفس. يدعي أنني قلتُ له كلاماً رغم أني لم أقابله في حياتي. ويدعي أن آشتون قالت لنا قبل الفض بأيام أن الدكتور مرسي سيعود ولذلك رفضنا ما يسمى بعروض السيسي، في حين أن آشتون لم تكن موجودة في مصر في ذلك الوقت أصلاً. كلامه كله تناقض فكيف يقول إن آشتون قالت لنا علينا قبول الواقع وفي نفس الوقت وعدتنا بعودة الدكتور مرسي؟!». وانتهى إلى القول: «هذا الرجل مشارك في مسؤولية الدماء التي سيسأله الله عنها يوم القيامة، وحسبنا الله ونعم الوكيل في من يُطلقون على أنفسهم علماء». أما القيادي الإخواني الشيخ عصام تليمة فكتب مقالاً يرد فيه على حسان بالقول: «صمت الشيخ محمد حسان فترة طويلة فحمدنا الله أنه سكت، فالسكوت خير من قول الباطل، وليته داوم على فضيلة الصمت، رغم أن الصمت ليس مقبولا كموقف لأهل العلم، فالساكت عن الحق شيطان أخرس». وتابع: «ليت الشيخ حسان ظل صامتا، فقد كان في صمته حجة في إسكات الناس عنه، وأنه خير من غيره ممن تكلم بالباطل، لكنه للأسف خرج عن صمته بما يعبر عنه الناس بقولهم: سكت دهرا، ونطق كفرا». وانتهى تليمة إلى القول: «لقد قدم الشيخ حسان خطابا يسيء للشرع، ويقدم الشرع للناس على أن دماء الناس درجات وطبقات، فهناك طبقات يدفع فيها المال ليسكت الناس عن حقها، بينما هناك طبقة فوق كل الناس، لا يتساهل الناس في حقها، وهي دماء الشرطة والجيش، بينما الشعب فيمكن أن يتبرع الخليجيون ترضية لأهل الشهيد عن دمه؟! في أي مذهب فقهي، أو كتاب أو سنة وجدت هذا التفريق يا شيخ حسان؟!». جدل بين النشطاء ولم تتوقف الردود على الشيخ محمد حسان عند قادة الإخوان، بل توسعت إلى العديد من النشطاء الذين انشغلوا بجدل حول كلام حسان، حيث تساءل الصحافي عمرو فراج ساخراً: «هو يعني قتل الناس برصاص خارق للدروع وحرقهم عشان كانوا معطلين المرور!!؟ هراء مستمر ومتبادل من الجميع وناس مورهاش حاجة غير إنهم يتكلموا، لا حق اللي ماتوا رجع ولا حق المحروقين رجع، والمعتقلين لسه في السجون بيتعذبوا وبيموتوا بالبطيء وبيتحكم عليهم بالاعدام وبتنفيذ الإعدامات». أما الناشط محمد فريد سلام فكتب على «فيسبوك»: «نعم محمد حسان صادق في أن الإخوان رفضوا أي اتفاقات مع الجيش، وأصروا على المواجهة، هذه حقيقة ولا يجب نفيها ولا يجب شتمه لأنه قال ذلك، هذا لا يصح، ومسبته لن تقدم ولن تؤخر». وأضاف: «ولكن حسان أيضا قال كلاما عائما خائبا ليس فيه إنكار حاسم على من سفك الدماء، وساوى بين الفريقين وكأنهما متساويين في الجريمة وعمَّم، وهذا قبيح منه جدا وتدليس، محمد حسان حمل الإخوان وحدهم مسؤولية المذابح، وهذا انحراف كبير وعدم إنصاف منه وتدليس وموالاة للظالمين بلا شك، نعم الإخوان أخطأوا طبعا وهو «خطأ» قد يصل إلى الخطيئة والرعونة وربما يجب مسائلتهم أيضا، ولكن هذا لا يرقى إلى مستوى جرم السيسي أبدا بأي شكل من الأشكال! وتابع: «حسان صدق في أمور ودلس في أخرى ولف ودار محاولا الخروج من المأزق فائزا، ربما أعجب كلامه البعض، وربما رأى البعض أنه محق، وربما نافح عنه البعض ولكن التاريخ يا محمد لا يرحم».