يترّقب المغاربة أول نزال للبطلة في الملاكمة، خديجة المرضي، في أولمياد ريو، وهي تنازل الكازاخستانية داريغا شاكيموفا، بدور ربع نهائي وزن 75، إذ إن فوز المغربية في النزال المقرّر يوم الأربعاء 17 غشت/أغسطس سيضمن لها ميدالية للمرة الأولى في تاريخها. وما يجعل الآمال معلّقة على خديجة، كونها حقّقت ذهبية الأولمبياد التجريبي، وفازت على البرازيلية فلافيا فوريغيديو، زيادة على تحقيقها الكثير من النتائج الإيجابية جعلت المشرفين يعفونها من خوض نزال ثمن النهاية.
غير أن قصة خديجة المرضي ليست كقصة بقية الملاكمات والملاكمين، فهذه الفتاة البالغة من العمر 25 سنة، تحمل في قفازيها حلم والدتها التي توفيت بسكتة قلبية وهي تشجع ابنتها في قاعة الملاكمة.
وقع هذا المشهد المؤلم في أكتوبر/تشرين الأول 2014، عندما فازت خديجة في إحدى مباريات دورة كأس محمد السادس الدولية للملاكمة بمدينة مراكش، فبعد تحقيقها للفوز في دور ربع النهائي، اكتشفت خديجة أن والدتها، التي تنقلت معها من الدارالبيضاء، قد دخلت في نوبة إغماء جرّاء فرحتها الغامرة بفوز ابنتها، ورغم محاولات إنقاذها، إلّا أن الأم لفظت أنفاسها الأخيرة في مشفى المدينة.
قال مقربون منها إن الأم عبرت عن اعتزازها بابنتها في فرحتها الأخيرة، فكان هذا الكلام دافعًا لخديجة، التي مسحت دموع الألم على فقدان أعزّ الناس إليها، واختارت إكمال مشوارها في تلك الدورة،. كان القرار شجاعًا للغاية وأدهش الكثير من المتتبعين في تلك الدورة: من أين لهذه الملاكمة بكل هذا الصبر وهذا التصميم وهذه الإرادة حتى تنبعث من رماد الحزن وتشارك في اليوم الموالي في دور نصف النهائي؟
في مباراة تابعها جمهور مدينة مراكش، حققت خديجة الفوز بكثير من الإصرار، ثم عادت في المباراة النهائية لتحرز اللقب وسط تعاطف كبير. ظهرت خديجة المرضي قوية وهي توجه اللكمات وتستحضر حلم والدتها بأن تفوز بأكبر عدد من الألقاب، وظهرت أقوى وهي توجه كلامًا لأمها في تصريح مصورّ: لأجلك.. سأحقق المزيد من الألقاب.
إنجاز خديجة المرضي في تلك الدورة أتى أشهرًا قليلة بعد فوزها، رفقة المنتخب المغربي للسيدات في رياضة الملاكمة، على ذهبية كأس إفريقيا، وقد فازت حينئذ خديجة المرضي على ميدالية ذهبية، زاختيرت عام 2015، في استطلاع رأي أنجزته الإذاعة الوطنية المغربية، أفضل رياضية للعام، فيما اختير زميلها في الرياضة نفسها، محمد ربيعي، أفضل رياضي.
لا تحمل خديجة في نزالها بعد غد الأربعاء، حلم والدتها فقط، فهي تحمل حلم زوجها وأسرتها الصغيرة، وأصدقاء طفولتها في الحي الصفيحي الذي ترعرعت به، وحلم المغاربة الراغبين بأوّل ميدالية ذهبية أولمبية للمغرب في رياضة الملاكمة، لذلك تقضي خديجة أغلب وقتها في الاستعداد لمباراتها الأولى وفق ما استقيناه من القرية الأولمبية بريو، ممّا يعد بنزال قوي تتطلّع من خلاله خديجة نحو الذهب الأولمبي.