دعت وزارة الإتصال المغربية إلى تنظيم يوم دراسي وطني حول الصحافة الإلكترونية يوم السبت 10 مارس بالرباط. وجاءت هذه الدعوة بعد سلسلة لقاءات باشرها الوزير مصطفى الخلفي غداة تعيينه في حكومة السيد عبد الإله بن كيران. وشملت هذه اللقاءات العديد من الفاعلين في الميدان وفي مقدمتهم الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية التي قدمت مقترحات هامة لتنظيم القطاع، إضافة إلى مدراء العديد من المواقع الإلكترونية الوطنية منها والمحلية، في محاولة لملامسة مشاكل وهموم صحفيي العالم الإفتراضي بالمغرب. لكن المتتبع لما يجري في الميدان يمكنه أن يسجل مجموعة من الملاحظات: فالحكومة الجديدة تهدف من وراء هذه الأنشطة المكثفة إلى محاولة تقنين القطاع في أسرع وقت، إذ يرى بعض المراقبين أنه مجال حر لا ينبغي للسلطات التدخل فيه، حيث أن جميع الدول العربية على سبيل المثال ومنها دول تتفوق علينا في تقنيات الإعلام الجديد، ليس لها قوانين منظمة لهذه (المهنة)، بل وحتى دول أوروبية جارة، كإسبانيا مثلاً. كل ما هنالك هو مجموعة من الأعراف المتعلقة بأخلاقيات المهنة. وإذا ما قمنا بإستقراء البلاغ الصحفي الداعي إلى هذا اليوم نجده يقول : "تنظم وزارة الاتصال، بشراكة مع الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، يوما دراسيا حول الصحافة الالكترونية المغربية وذلك في أفق تقنين هذا القطاع وبحث سبل تطويره والنهوض به..." بمعنى أن هناك تغييب واضح للفاعل الأساسي في القطاع، والمعني الأول بهذا اليوم وهم الصحفيون الإلكترونيون والذي ينضوي العديد منهم طه لواء الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية. وبأسلوب آخر يمكن القول بأنها محاولة لجعل القطاع تابعاً -طوعاً أو كرهاً- للهيئات الممثلة للصحافة التقليدية. يكرس ذلك أكثر، برنامج اليوم الدراسي الذي أعطى كلمات خاصة لكل من الفيدرالية المغربية لناشري الصحف والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، مع احترامنا التام للدور الذي تقوم به هاتين الهيئتين، بيد أننا نقف مجدداً على تجاهل الفاعل الأساسي. ورغم أن مصدراً من المكتب التنفيذي للرابطة، أكد أن برنامج اليوم الدراسي جار تعديله، وأنها قد اقترحت عدداً من مؤطري الورشات، وأن الرابطة بشهادة الوزارة هي الوحيدة التي قدمت ورقة مضبوطة ودقيقة، إلا أن البرنامج المنشور على موقع وزارة الاتصال لا زال على حاله لم يتغير. هذا و يبدو أن سرعة تناول هذا الملف من طرف الوزارة، ما هي إلا محاولة لتقنين هذا القطاع حتى يظل تحت السيطرة، خاصة مع دوره البارز في الربيع العربي عموماً والمغربي خصوصاً. حيث أن كل من البلاغ الصحفي وبرنامج اليوم الدراسي، يشيران إلى النموذج الاقتصادي لمقاولات الصحافة الالكترونية، ما قد يستثني المواقع التي لا يمكنها أن تؤسس مقاولات من حق طاقمها في بطائق الصحافة، وبالتالي من حقها في المعلومة، وربما يتطور الأمر إلى متابعتها أو حتى حجبها. عموماً لن نسبق الأحداث، وننتظر خلاصة أشغال اليوم الدراسي الذي من المنتظر أن يناقش واقع الصحافة الالكترونية بالمغرب ومقارنتها بتجارب دولية أخرى، إضافة إلى أشغال الورشات التي ستتناول القضايا القانونية والتنظيمية، النموذج الاقتصادي لمقاولات الصحافة الإلكترونية، الكفاءات والتقنيات ثم أخلاقيات المهنة والملكية الفكرية. سعيد غيدى