مع وصول المخطط الاستعجالي إلى سنته الأخيرة وأمام ما سجل عليه من ملاحظات وما يمكن أن يتخذ من تدابير، قال محمد الوفا، وزير التربية الوطنية، إن كل ما يتعلق بالاستعجال والاستنفار هي أمور انتهت بالتربية الوطنية، معتبرا أن الاستعجال منطق يجب أن يظل بعيدا عن مجال التربية والفكر، كما أكد ولأكثر من مرة على ضرورة تفادي وعدم جدوائية القرارات الانفرادية والفوقية مبرزا في الوقت ذاته أهمية الحوار والتشاور على أوسع نطاق خاصة في مجال مثل التربية والتعليم. محمد الوفا قال حيال قضايا مختلفة إنه في لحظة تشخيص لكثير من المجالات بالوزارة وأن الصرامة وعدم التساهل بعد النصح والتحسيس ستكون هي المقاربة المعتمدة لديه وذلك بتطبيق القانون الجاري به العمل وتفعيل الحكامة الجيدة. الوفا قال أيضا انه لن يتساهل في العديد من المظاهر السلبية وذات أوجه مرتبطة بالفساد مستحضرا في هذا الصدد موضوع الساعات الإضافية وما أصبحت تعنيه من ابتزاز للأسر وعبث في نقط التلاميذ وأيضا موضوع ازدواجية اشتغال العديد من الأساتذة في التعليم العام والخاص مع العطاء والتميز في الثاني عكس الأول. وزير التربية الوطنية وقف أيضا عند ما يحدث من ظواهر سلبية داخل المدرسة وفي محيطها خاصة ما يتعلق بترويج المخدرات ومشكل الأمن المدرسي وهي أمور تعهد بالتحرك الناجع للقضاء عليها، كما توقف الوفا عند ما وصفه بحُمة مكاتب الدراسات الأجنبية التي اجتاحت المغرب وقال غنها جد مكلفة وأثمنتها خيالية وأنه اتخذ قرار توقيفها مؤكدا على أن الوطن يضم كفاءات عالية المستوى في الشأن التعليمي وغيره. الوزير يتطرق أيضا في هذا الحوار الأول له مع جريدة يومية إلى موضوع المذكرات الأخيرة الممنوعة وحيثياتها وأيضا إلى خلاصة لقاءاته مع مختلف النقابات والفئات المضربة والمحتجة كما يتناول أيضا موضوع التعليم بالقطاع الخاص ومشكل الموارد البشرية إلى غير ذلك من النقاط والتفاصيل ذات الصلة بالتربية والتكوين ضمن هذا الحوار المطول. - وجهتم انتقادات بشكل لبق لمن سبقكم على رأس هذه الوزارة، وهو ما تأكد من خلال عدد من الإجراءات التي اتخذتموها والمتمثلة أساسا في ثلاث مذكرات اعتبرت مصححة لاختلالات سابقة وذلك في فترة لم تتجاوز 60 يوما فكيف جاء ذلك؟ - أولا وقبل كل شيء أنا لم أنتقد الفترات السابقة، وصلت لوزارة التربية الوطنية وقمت بتشخيص للوضع، وتعلمون أن أسرة التربية الوطنية عاشت مخاض سنة 2010 وتنمى هذا المخاض سنة 2011 وبطبيعة الحال كنت ملزما بوضع تشخيص لهذا المخاض وكانت انقادات موجهة إلى تدابير عدة اتخذت وهي ذات صبغة إدارية وكانت أفقية ولم يتم بخصوصها استشارة مكونات أسرة التربية الوطنية، ولذلك فبعد التشخيص والاستشارة مع المتدخلين في المنظومة التربوية وصلت إلى قناعة مفادها أنه لابد من الاستقرار في المنظومة التربوية، واعتبرت أن هذا الاستقرار لا يمكن أن يحصل دون اتخاذ عدد من التدابير التي يمكن أن تأتي بنتيجة فورية للاستقرار، ومن بين هذه التدابير توقيف العمل بالمذكرة 122 التي كانت مركزة على استعمال للزمن تم تنزيله بقرارات، وهذا خطأ في المنظومة التربوية في رأيي لأن استعمال الزمن يوضع بين مدير المؤسسة والعاملين داخلها ويكون مطابقا لواقع تلك المؤسسة ولمحيطها، وعلى كل حال فللمفتشين مسؤولية كبيرة في المصادقة على استعمال الزمن هذا، وبطبيعة الحال المفتشون طبقا للقانون لديهم الحق لكي ينظروا في توفر استعمال الزمن على البعد البيداغوجي وللزمن من الناحية البشرية وكذلك أن ساعات التدريس القانونية والإجبارية متوفر. أما ما يتعلق بالمذكرة 204 فهي تقول أمرين الأول أن بيداغوجية الإدماج لا يمكنها أن تدخل للمؤسسة الثانوية في سلكها الأول والثاني إلا بعد تقويم وتقييم لبداغوجية الإدماج التي طبقت في الإعدادي وهذا يتطلب أن نتوقف من أجل تقيم مردوديتها على التعليم وأيضا على التلميذ وعلى الأستاذ، وهل عززت الجودة أملا باختصار قياس مدى تحقيقها للأهداف التي وضعت لها. والمسألة الأخرى والجوهرية هو التقويم الذي من المفترض أن يقوم به الأستاذ داخل القسم، حيث اكتشفت أنه من الناحية التربوية والبيداغوجية أن الأستاذ سيصبح بيروقراطيا يملئ وثائق ومطبوعات بدل التقويم الحقيقي لمجهود التلاميذ لأنه مطالب بعملية معقدة ومرهقة وهذه أمور توضع عند المدير وهو بدوره يجمعها ويحتفظ بها، واعتبرت بأن التقويم التقليدي كافي لكي نعرف مستوى التلميذ أو التلميذة، وقلت بأن الطريقة المعقدة سنقوم بإيقافها إلى نهاية السنة الدراسية، والآن نحن بصدد تهيئ وثيقة تتناول كيفية وضع استعمال الزمن مكان المذكرة 122 ولكننا نجري بهذا الصدد مشاورات كبيرة مع جميع المتدخلين ومن المفتشين وجمعيات الأباء حتى نفهم هذا الموضوع جيدا وحتى لا تبقى القرارات فردية وفوقية، فلا يمكن أن نضع استعمال زمن لثانوية في مدينة سلا ويكون هو نفسه لثانوية أخرى في البادية وبالتالي لابد من مراعاة خصوصيات كل منطقة على حدا، وهذا الاختلاف نجده أيضا حتى على مستوى القرى نفسها فالقرية التي تعرف تجمع للسكان ليست هي المتفرقة وهناك مناطق جبلية وأخرى صحراوية وبالتالي لابد من مراعاة هذه الجوانب، كما أننا أيضا بصدد وضع آلية للتقويم خارج كل هذه البهرجة التي يحاط بها هذا الموضوع، وذلك بمعايير دقيقة لمراقبة ولتطور التلميذ. - ماذا عن مدرسة التميز وما أثير حولها؟ - بالنسبة لمدرسة التميز هذا أحد المواضيع التي يريد بعض من الناس تضخيمه وهو بسيط جدا، فقد اتخذت قرارا مفاده أن كل مدرسة ستحدث في الدخول المدرسي 2013/2012 ستكون بتكلفة مرتفعة وغير مطابقة للواقع ولإمكانيات بلادنا، أما مدارس التميز وهي لا تتعدى أربعة أو خمسة بكل من الناظور ومكناس وسلا ونوعا ما كلميم لأنها مبادرة ذاتية من الأساتذة والمدير ووصلوا إلى عمل متميز. - و ماذا عن المستفيدين الآن في مدرسة التميز؟ - أولئك لديهم مكتسب وسيستمر حتى ينتهي برنامجه ولم ولن نمس أي مدرسة تتوفر على مكتسبات على هذا المستوى، ولكن لابد أن يفهم أن هناك مصالح مستترة في هذا الموضوع ضد التلاميذ. - مثال عن هذه المصالح المستترة؟ - الساعات الإضافية مثلا، عدد التلاميذ المتواجدين في الأقسام وهذه أمور ليست معقولة، ولذلك سنجلس قريبا مع مدراء هذه المؤسسات وممثلي الأساتذة لتناول هذه الأمور لأنه لا يمكن أن نترك وضعية تعليم وسط تعليم. - هل من توضيح أكثر بخصوص موضوع المدارس الجماعاتية؟ - هي نموذج مهم لكن للأسف لدينا ست مدارس جماعاتية فقط، وهي بمثابة مجمع تربوي يضم إلى جانب الفصول الدراسية سكن المدرسين وداخلية ومطعم للتلاميذ،مع الإشارة إلى أن هذه المؤسسة بمثابة بديل للوحدات المدرسية البعيدة والمشتتة حيث هناك تلاميذ يقطعون أربع أو سبع كيلومترات للوصول إلى الوحدة المدرسية أو المركزية،ولتشجيع هذه المؤسسات المهمة سيعمل صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشين مؤسستين نموذجيتين تضم سكن للمدّرسين وداخلية للتلاميذ وذلك في القريب العاجل. - موضوع الساعات الإضافية السيد الوزير يعد من بين الظواهر التي باتت تؤرق اليوم الأسر والتلاميذ على حد سواء، بما فيها من ابتزاز للتلاميذ ومنح النقط للمواظبين عليها وإقصاء غيرهم. فكيف ستحدون من هذه الظاهرة السلبية في الوسط التعليمي؟ - هذا الملف بدأت أصل فيه إلى بعض الاستنتاجات وسوف أواجهه بكل حزم وصرامة لأنه لا يمكن لأستاذ لحسن الحظ أن الظاهرة تمارسها أقلية وفي بعض المواد في مدرسة عمومية أن يستغل موقعه لكي يؤثر على مستوى التلميذ أو نقطته وهذا أمر لن أقبله. وأقول لأولئك وغيرهم انتهى زمن التسيب وهذه الظاهرة نوع من التسيب فهناك قانون الوظيفية العمومية وأنظمة وزارة التربية الوطنية لأنه لا يمكن أن نقول بأن هناك فساد وهناك غياب الحكامة ونجد أفراد داخل المنظومة يمارسون الفساد وإن بطريقة ملتوية وهذه أمور سنواجهها بجدية، ومن خلالكم أوجه نداء لرجال التربية وأقول لهم وهم أقلية كفى كفى كفى وعفا الله عما سلف وكما يقول المغاربة «حنا ولاد اليوم» ولكن لا مناص من الانضباط للقوانين وللضمير أيضا. - لكن ما هي الإجراءات العملية لوضع حد للظاهرة وبشكل آني؟ - أنا الآن في مرحلة تشخيص الظاهرة لأنه موضوع ليس بالسهل ومتفاوت من مادة إلى مادة ومن الشُعب العلمية إلى الشُعب الأدبية ومن مدينة إلى أخرى، وهذه أمور لن نسكت عنها، وهناك وجه آخر لهذه الظاهرة وهو لا يقل خطورة عن الأول وهو الأساتذة الموظفين في القطاع العام والمشتغلين أيضا في القطاع الخاص وهذا أمر لن نقبله أيضا، وقد اجتمعت في هذا الخصوص مع مسؤولي المؤسسات الخاصة الكبرى وتحدثنا في هذا الموضوع وقلت لهم إنه من غير المعقول أن يعطي الأستاذ نتيجة في القطاع الخاص والعكس في القطاع العام وهذا أمر ما أنزل الله به من سلطان وهذه أمور سنوقفها عند حدها. - كيف ذلك، سؤال الآليات خاصة أن هناك مذكرة تهم التدريس بالقطاع الخاص صدرت سنة 2002 تخول للأساتذة العمل ثمان ساعات بالقطاع الخاص، فهل ستصدر مذكرة أخرى في الموضوع أم ماذا؟ [b]- سيكون ذلك بتطبيق القانون، ولن أصدر أي مذكرة أخرى لكني سأقوم بحملة تفتيش وسأنسق مع باقي أجهزة الدولة