الازهار تقصف اشواكا كما ان العروش تقطف ثمارا وبين هذه وتلك نوعا من المودة والطيبة تحمل بين ثناياها نوعا اخر من التوجس حين الغرس او الجني. الطبيعة مليئة بالخبايا والاسرار كما ان الغابة مليئة بالاشجار والازهار وكل اجناس الحيوانات والتي تربت على مبدا القوي ياكل الضعيف اذ لا مكان للضعيف فيها. فمن لم ياكل مع القوي في صعيد واحد لا يمكن ان يملاء جوفه, و انْ كان في غالب الاحيان لقمة سائغة يستسيغها من الف الاكل على موائد الكبار. فالخروج عن المألوف الى غير المألوف يعد غربة كما ذهب الى ذلك اهل الاختصاص, والكشف عن المستور يعد جريمة او قد يعتبر كاشفه مجنونا يحتاج الى ترويض من نوع خاص. لتعزف بعض الالحان على وتر خاص يشنّف الاسماع ويجذب السامع الى الاستماع والانصات الدقيق الى ما قيل وما يقال من الاقوال التي قد يخرج من ضنكها بفكرة تنير السبيل او ظلمة تزيد الطين بلة على البلل الذي اصاب الانسان بالعقم منذ عصور مضت. بين العواصف والامطار الغزيرة والغزو الاستعماري الجديد تناغم شديد خاصة ما يتعلق بالامواج العاتية الاتية لا محالة على العقل البشري ورمزيته, والتي ابت الا ان تمسح كل ما يربط هذا العقل بهويته وارضه, وبالتالي محاولة القضاء على انسانية الانسان بالمسح الاتوماتيكي المضروب عليه. واضحت الازهار تتغنى باشواك شديدة السواد يشوبها شئ من الاحمرار يحس السامع الى لحنها بنبرة حزن تحز في النفس على بناء خرعاليه على سفله حتى تطاير دخانه في السماء ليلون هذه الاخيرة بضباب رمادي يوقظ مواجع البحار والانهار, ليضرب معه موعدا مع عاصفة اخرى واخبار جديدة. تتوهج بعض الاصوات المغردة بالنهوض والقيام الا انها اذا لم تجد الاجواء المناسبة تسعى الى تغيير الاجواء وترحل في رحلة بين الشتاء والصيف للمكاشفة في رسم الاحزان والالام لانارة جل الشموع حتى يتسنى للشمس ان تسطع مرة اخرى على مسام هاته الاحزان.