ما هو التغيير؟ وأي تغيير نريد؟ وعن أي تغيير نتحدث؟ فكيف السبيل إذن إلى هذا التغيير؟ التغيير بكل بساطة مشتق من فعل غير يغير أي بدل يبدل، إذن فما التغيير المراد تحقيقه ،هل التغيير من أسوأ إلى أحسن ثم من أحسن إلى أحسن منه و....، أو التغيير من أحسن إلى أسوأ ثم من أسوأ إلى أسوا منه وهكذا دواليك. في السنوات القليلة الماضية الكل كان يطالب وينادي بالتغيير ،فمنذ حركة 20 فبرايرأججت مجموعة من الاحتجاجات والمظاهرات كلها تنادي بالتغيير، التغيير ولا شيء غير التغيير، فما هي النتيجة يا ترى؟ "إن تغير القيم والأفكار والعادات في مجتمع ما لا بد أن يؤدي إلى تغيير مواز في طرق التغيير عن هذا التغيير الحاصل، سواء على مستوى الفرد، أم على مستوى المجتمع" أحمد عطية في كتابه المقدس والمدنس بين الشعر والحداثة. ما يمكن أن يقال عن هذا التغيير الحاصل في بلدنا العزيز هو تلطيف للأجواء وتهدئة للأوضاع لا أقل ولا أكثر. فلما ثارت مجموعة من الشباب ضد الأوضاع المزرية التي يتخبط فيها المغرب وخرجت إلى الشارع لتطالب بتغيير الوضع القائم على جميع المستويات والأصعدة لم يجد هؤلاء الشباب آذانا صاغية لمطالبهم سواء من الشعب المقهور على حاله والذي لم يستفق بعد من غيبوبته التي وضعته فيه سياسة الدولة منذ عقود، وهذا يتجلى في ردود أفعاله اتجاه هذه المطالب المشروعة من قبيل "شبعوا الخبز هادوا خاصهم الحبس" و"هادوا كيقلبو عل الهضرة" وزد على ذلك رد الدولة التي سخرت أحزابها وإعلامها وسياسييها ومرتزقتها لتفريغ الاحتجاجات السلمية التي خاضها شباب 20 فبراير من محتواها، فالأحزاب حاولت احتواء هذه الحركة ونسبها إلى مخططاتها وإيديولوجيتها، أما إعلامها فقد مارس التعتيم الإعلامي عن تحركات الشباب الفبرايري وشوه صورة هذه الحركة وقام ببث صور لمرتزقة الدولة الذين سخرتهم للتشويش والتخريب لكي يقول للشعب الذي مازال قابعا في غياهب غيبوبته:انظر لهذا الشباب الطائش الذي يخرب ويدمر،فماذا ننتظر منه؟ إذن هذا الإعلام منح للشعب المغربي أقراص منومة أخرى وهذه المرة من صنف خطير جدا لن يستفيق بعدها أبدا وبالتالي هذا الإعلام أقنع الشعب أن هذا الشباب يحاول قلب النظام وتخريب البلد وتمزيقه، إذن ماذا ننتظر نحن بدورنا من إعلام مهمته صنع الخبر وتنميقه وليس بث الخبر بنزاهة. أما مرتزقة المخزن فقد لبوا نداء أسيادهم دون أي تردد ودون أدنى تفكير فقاموا بتدمير وتخريب المحلات التجارية والسيارات وذلك لتشويه صورة شباب حركة 20فبراير الذي خرج إلى الشارع بطرق حضارية حديثة وجد سلمية. ناهيك عن مجموعة من المضايقات والاعتقالات التي طالت الشباب الفبرايري و أهاليهم. يقول خالص جلبي: "العاصفة تكنس الطبيعة وتعيد ترتيب العلاقات، والثورة تكنس الأوضاع وتعيد تنظيم علاقات القوة وتوزيع الثروة" وقد قالت ناس الغيوان :"ماهموني غي إلى ضاعوا" أما الدولة حسب تعبير الفنان المغربي الساخر بادجي تقول ما هموني غير الفلوس إلى ضاعت". ومن هنا فالدولة لا يهمها إلا مصلحتها ولاشيء غير ذلك أو كما يصرح صديقي عند وصفه لهذه الوضعية :الدولة تقول أنا ومن بعدي الطوفان. قلت في البداية إن هذا التغيير فقط تلطيف للأجواء لا أقل ولا أكثر،لعل الكثير سيستغرب لماذا قلت هذا الكلام وهناك فئة أخرى تتساءل كيف؟ أقول لهؤلاء كلهم لقد مرت على حركة 20 فبراير أكثر من ثلاث سنوات ،فماذا تغير وماذا تبدل؟ سنعود للأحداث من بدايتها فقبل نزول حركة 20 فبراير إلى الشارع قام شاب بالنزول إلى الشارع يوم السبت 19فبراير وهذا الشاب ينتمي إلى بلدتي الجميلة أغبالا، وهومحسوب أوبالأحرى منخرط في حزب العدالة و التنمية.وهذا الشاب شاءت الأقدار أن يصبح خبير أحياء.ذ إذن المحطة الأولى هي محطة 19فبراير تلتها محطة 20فبراير ومن بعدها المحطة الثالثة المتمثلة في 09 مارس، هذه المحطة التي خاطب فيها الملك "الممثل الأسمى للبلاد، أعلى سلطة في البلاد" شعبه ليطمئنه ويؤكد له أنه حان وقت التغيير بالفعل وقدم له بعض الوصفات التي من الممكن أن تهدئ من روع الشباب وحماسته ،هذا الخطاب وصف بأنه خطاب يستجيب لمتطلبات و طموحات الشباب ، وقيل كذلك :ملك شاب يعرف طموحات الشباب ويعرف كيف يهدئ من روعهم وكيف يستجيب لرغباتهم. بعد محطة 09 مارس أتت محطة رابعة: محطة 01 يوليوز للتصويت على الدستور الجديد التي تداولت فيه الأحزاب ومجموعة من الفعاليات السياسية لشهور عدة وبعد جولات ماراطونية طويلة فكما صرحت بعض المصادر المقربة للأجواء بأن هذه الوثيقة الدستورية التي صوت عليها بنسبة 73 % كما أعلنت المنابر الإعلامية هي النسخة التاسعة التي تم التوافق عليها. وهنا يأتي دور إعلامنا مرة أخرى ليشيد بالدستور وأعلن لنا بأن الدستور المغربي دستور يضاهي دساتير الدول المتقدمة والديمقراطية المعروفة في العالم، وأستغرب كذلك من هذا الإعلام حين يبث تصريحات لمسؤولين دوليين غير معروفين ويترجم لنا أقوالهم ويؤكد لنا بأن هؤلاء وصفوا الدستور المغربي بالدستور الجيد والديموقراطي دستور لا مثيل له في العالم. ممكن أن يكون هذا الدستور ديمقراطيا لكن في الرفوف وإلا بماذا سنفسر مطالب المحتجين الذين يطالبون يوميا بتنزيل مضامين الدستور فعن أي ديمقراطية نتكلم وعن أي ديمقراطية نتحدث ؟ وماذا تعني الديمقراطية عند الدولة؟ وماذا تعني عند الشعب؟ لأنه حسب تعريفات الدولة للديمقراطية فالديمقراطية ديمقراطيات، ومن جهة أخرى وصف هذا الدستور بدستور مبهم وأنا أصفه بالملغوم لأنه مرتبط بقوانين منظمة له، فلمن أسندت هذه المهمة يا ترى؟ وماذا ننتظر من دستور هو بمثابة دستور بحاجة إلى تكميل؟ الشعب يتألم والدولة تقدم له جرعات لكي ينام وكلما حاول الإستيقاظ زادته جرعات أكثر تأثيرا. بعد محطة 01 يوليوز تأتي المحطة الخامسة التي هي محطة 25 نونبر، محطة الانتخابات التشريعية التي أفضت بفوز حزب العدالة والتنمية وحزب الاستقلال بالأغلبية المطلقة ،مما أتاح لهما تشكيل الحكومة الجديدة في عهد دستور جديد، لكن هذا التحالف بين هذين الحزبين لم يعمر كثيرا، وذلك نتيجة فوز حميد شباط بالأمانة العامة لحزب الاستقلال والذي هدد رئيس الحكومة بالانسحاب من الحكومة، وهو وعد لم يخلفه شباط.هذا الموقف حير رئيس الحكومة ورفع الأمر بدوره إلى ملك البلاد، والذي أمر رئيس الحكومة إلى تشكيل حكومة جديدة حينما تبين استحالة تصالح الحزبين، وهنا سيأتي العجب العجاب ،فحين كان البعض يتوهم ويتوقع بأن الحكومة فشلت وأصيبت بالسكتة القلبية ومن ثمة ستكون هناك انتخابات مبكرة لأوانها، جاء ما لم يكن في الحسبان وما لم يتوقعه العارفون للشأن السياسي المغربي . رئيس الحكومة يتحالف هذه المرة مع تماسيحه وعفاريته بعد إصداره لفتواه المشهورة"عفا الله عما سلف" ولن يفوتني هنا ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية حين صرح بأنه سيستقيل إذا فاز كريم غلاب برئاسة البرلمان علما أنه كان يعلم علم اليقين بأن من سيفوز بهذا المنصب هو تمساح وعفريت آخر، فقد سبق لرئيس الحكومة أن أعلن عن الإسم الذي يناسبه، والجميع يعلم الصراعات التي وقعت داخل حزب العفاريت والتماسيح كما كان يصفهم رئيس الحكومة في السابق. وهنا أقول لرئيس الحكومة كفاك تمثيلا فألاعيبك أصبحت مكشوفة، إذن على من تضحك؟ في نظري إنك تضحك على نفسك لأنك ممثل بارع أتقنت دورك وأمليت ما أملاه عليك المخرج، فالفيلم وشيك على الانتهاء، لكن ماذا ستفعل بعده؟. وهنا لابد من طرح سؤال؛ ما العلاقة بين خطابات رئيس الدولة الذي هو رئيس حكومة الظل كما صرحت بذلك بعض الأقلام الصحفية ورئيس الحكومة الذي هو بمثابة ممثل أتقن بعض أدواره وفشل في أدوار كثيرة، وبين الأحزاب التي هي بمثابة قطع وبيادق الشطرنج، وبين الشعب التائه في غيبوبته. رئيس الدولة يدعو قي خطاباته إلى التغيير وتحسين الأوضاع والحكومة تتخبط في قراراتها ولم تلتزم بوعودها بل أكثر من ذلك تتناقض في قراراتها، والأحزاب تكتفي بالتفرج وتلعب لعبة الغميضة، والشعب مغلوب على أمره. العلاقة غامضة و ملتبسة وجد معقدة لا يعرف خباياها ولا يعلم أسرارها إلا الراسخون في العلم، أما الجاهلون يقولون هذا قدرنا آمنا بواقعنا ورضينا به، أما المثقفون فحدث ولا حرج فالمثقف كما قال سعيد إدوارد يتوقف عن كونه مثقفا عندما يقترب من السلطة. لقد سئمت الوضع وأقول لمن يلومني كما قال النابغة الأمازيغي: "إن تكلمت سأموت وأن سكت سأموت إذن سأتكلم ثم أموت" بل أكثر من ذلك سأكتب، فالإنسان الذي لم يعد له وطن يتخذ من الكتابة وطنا يقيم فيه حسب تعبير إدوارد سعيد. إذن ما دوري في الحياة إن لم أقل ما يخالج خواطري وأصرح به، فالموت أرحم من حياتي التي أحياها في عذاب لم أعد أحس بأني مواطن مغربي، أصبحت غريبا في وطني فقدت كرامتي، هويتي...، إعلام يحاربني يوميا، مدرسة تعرب الإنسان والحجر والشجر... منبر المسجد لم يفوت بدوره الفرصة يكفر ويمجد التعريب ببركاته بل أكثر من ذلك يصف كل مخالفيه بالملحدين. أقول لهؤلاء جميعا سأقاوم بكل ما أوتيت وأقول لهم كذلك أنا أمازيغي لن تثنيني محاولاتكم بالتخلي عن هويتي، فأنا كافر بعروبتكم وملحد بفكركم وأعتز بمبادئي. وفي الأخير أختم بقول داعية السلام الهندية أرند هاتي روي: "إنهم يريدون منا أن نعتبر فجأة أن الخنازير أصبحت فيلة، وأن العذارى انقلبت ذكورا"، وكذلك بقول الشاعر الروسي باكونين: وطني إن لم يعشقني وأنا الحلف الذميم كعشق فتاة لفارسها الوسيم ليس وطن إنه سجن بقضبان أغبالا نايت سخمان في 20 أبريل2014