غالبا ما يُقرن الحديث عن مدينة بني ملال بعين أسردون ومدارها السياحي.عين أسردون هي فخر بني ملال وأحد عناوينها الكبرى، حيث يستشهد بها أهلها وناسها تقديما وتعريفا بالمدينة والمنطقة. لاشك أن عين أسردون تعيش هذه الأيام أحلى آمالها وأيامها، من خلال رؤية نفسها وهي تتزين لزوارها مُزيلة عنها رداءا باليا أكرهت على مدى سنوات طويلة على أن ترتديه زياًّ وصورة. اليوم فقط، صار من حق عين أسردون ومدارها الجميل أن يتعرف على أشكال جميلة من الكراسي المؤثث لها بخشب ناعم يمنح الجالس راحة ومتعة، وأن تتعرف على أشكال ورد متعدد الألوان، مع التأثيث لكل ذلك بالتخفيف من طغيان أشجار تركت لتنمو من دون اعتناء أو جمالية، مع إصرار لافت على نظافة المكان. في السابق، تُركت عين أسردون لنفسها وزوارها من دون أن يتم التفكير في شكل يلائم مشيتها وجمالها. كانت عين أسردون أشبه بفاتنة أكرهت على أن تلبس العادي من الثياب وأن تتجمل في العام أقل من مرة واحدة. الحُسْن والبهاء اهتمام وعناية قبل أن يكون حروفاً من الجمال تمنح لصاحبها هبة من الله. كان من حق عين أسردون على مسؤولي وناس المدينة أن يتم الاعتناء بها لأنها كانت تستحق أفضل من واقعها السابق. وكان من حق أبناء بني ملال أن يفخروا بعين أسردون ملء جمالها من دون غصة في الحلق، وقت كانوا يعيشون متذمرين من كل ذلك الإهمال الذي رافق كنزا سياحيا وطبيعيا لم يستثمر بالشكل اللائق والمطلوب. بني ملال، هي من بين المدن المغربية القليلة التي تغنّى بجمالها وطبيعتها الشعراء والفنانون. مدينة تميزت بطبيعتها الفاتنة وبعيون الماء فيها وعلى جنباتها. \"تونس الخضرا ... يابْني ملال\"، تماما كما تغنى بها أولاد البوعزاوي وشيوخ العيْطة. بْني ملال أشجار الزيتون والماء المنساب عبر أحياء المدينة صافيا ونقيا. بني ملال عين أسردون. \"عين أسردون الرابحة العْيون\"، كما تردد الأغنية الشعبية. بني ملال، حيث جبال الأطلس شامخة في خلفية المشهد، عبر مرتفعات تاسميط التي ظلت تغري بالتسلق. ضريح سيدي أحمد بن قاسم. بوعشوش وباب افتوح. الغديرة الحمراء وتامكنونت وساحة الحرية. العامرية والهدى والصفا والوفا والأدارسة. بين الأمس واليوم، عرفت مدينة بني ملال تحولات كثيرة جعلت قصائد الشعراء وأغاني الفنانين، التي قيلت في جمالها وفتنة طبيعتها، أقرب إلى الذكرى منها إلى الواقع. بين الأمس واليوم، امتدت بني ملال، قليلا أو كثيرا، في الجغرافية المحيطة بها. حلت البنايات الإسمنتية محل أشجار الزيتون والمساحات الخضراء. أحد المستخدمين في الشركة التي عهد إليها بتزيين وتهيئ مدار عين أسردون، قال للصحراء المغربية، فيما كان يسقي الحديقة الصغيرة التي تتوسط المدار، إن بني ملال هي مدينة الخضرة والحدائق والماء الدافق، غير أنه كان ماءا دافقا ضائعا بين أزقة المدينة. بدا المستخدم، الذي جاوز الخمسينيات من العمر، سعيدا ومرتاحا إلى عمله، حتى أنه قد يعطيك انطباعاً بأنه يعتني بحديقة بيته أو بحقله الصغير. بعض السياح كانوا يتجولون في هدوء لافت. الكاميرا في اليد فيما العين ترصد متعة فاتنة. أحد رواد عين أسردون، قال إن الناس كانوا يرددون اسم عين أسردون فتعجبهم لذلك كانوا يقررون المجيء لرؤيتها والاستمتاع بها، لكنهم حين يصلون إليها لايجدون أمامهم سوى شلال ماء متدفق وازدحاما غريبا وعائلات تنام كيفما اتفق، وحيث اللانظام واللاانتظام والفوضى تعُمُّ المكان. الملاليون يتحدثون بإعجاب كبير عن الوالي والدينامية التي بعثها في جسم المدينة، التي يبدو أنها صارت أوراشاً مفتوحة تلخص للإهمال الكبير الذي سكن المدينة سنوات طويلة، حتى سماها البعض مدينة التراب، تلخيصا للغبار الذي ظل يتطاير عبر جنباتها. هذه الأوراش هي أشبه بمحاولة لتدارك الوقت الضائع والعودة إلى ذكريات الماضي الجميل، حيث المدينة قصيدة تًُغنى ووجهةٌ مفضلة تغري بالسياحة والزيارة. ليست عين أسردون ومدارها من صار يُنظم ويُزين للناظرين، بل هناك مشروع تهيئة منتزه تامكنونت، الذي سيرتبط بعين أسردون إلى جهة وسط المدينة، ليشكلا مداراً سياحيا يليق ببني ملال وتاريخها والخيال الأخضر الذي ظلت تثيره عند البعيدين عنها. يقول محمد المخطاري، وهو مدير جريدة المجتمع الملالي الجهوية، إن عين أسردون قد عُرفت على مدار السنوات كمقصد للعائلات خلال فصل الصيف، حيث كانوا ينصبون خيامهم من دون نظام يحفظ للمدار جماليته ويحبب السياح والزوار فيها، أما اليوم فيجري العمل على استثمارها وتسويقها سياحيا وفق شروط تساير استراتيجية تبدو مدروسة، عبر جعل بني ملال مدينة حدائق وخضرة مع تلميع صورتها وتقديمها كوجهة سياحية يمكنها أن تساهم في النظرة السياحية للمغرب وأن تمنح تنويعاً جميلا للمنتوج السياحي المغربي هذه الإضافة، التي ستقدمها بني ملال للمنتوج السياحي المغربي، يضيف محمد المخطاري، لن تكون عين أسردون إلا أحد عناوينه الجميلة والبهية .