قال السفير الروسي فاليري بافلوفيتش فوروبييف، مؤخرا بالدارالبيضاء، إن العلاقات التي تجمع بين المغرب ودولة روسيا متينة على مستوى البحث العلمي، وهو ما تعكسه الشراكة بين مركز أبحاث تكنولوجيا المعلومات والتواصل في خدمة التنمية الجهوية بالدارالبيضاء، والجامعة الوطنية للبحث العلمي بموسكو، توحيدا منهما للجهود وتبادلا للمعارف والتقنيات والخبرات، في مجال البحث العلمي والتكنولوجي، وفي الشأن البيئي والوظائف الخضراء. وأضاف السفير الروسي في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الذي احتضنته المدرسة العليا للتكنولوجيا للدار البيضاء، تحت شعار "الطاقات المتجددة والمهن الخضراء"، أن العلاقات الدبلوماسية التي تربط المملكة المغربية، بدولة روسيا، جيدة في مجال البحث في حقل الطاقة المتجددة، حيث أخذ مسارا صحيحا، وما "المؤتمر المنظم حاليا إلا مثال ناجح للشراكات التي تجمع بين الدولتين"، مضيفا أن "هناك تبادلا أيضا بين الطرفين للطلاب الذين يدرسون ويتعلمون، حيث نشجعهم على محاولة ابتكار وسائل ناجعة في مجال الطاقة النظيفة، خصوصا وأن هذا العصر أصبح في حاجة ماسة لطاقة جديدة تتماشى مع متغيرات المناخ، والطلب المكثف للإنسان عليها". ومن جهته اعتبر عبد الواحد الزرفي، رئيس قسم تنسيق البحث بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الذي تطرق لأهم المشاريع التي تعكف عليها وزارتهم، من خلال الدعم وعقد شراكات مع هيئات ومؤسسات من مختلف الدول في مجال الطاقة البديلة، من قبيل دولة فرنسا وألمانيا وإسبانيا، موضحا في تصريح خص به "بيان اليوم"، أن وزارة التعليم العالي، لها العديد من المختبرات الخاصة بمجال البحث العلمي في الطاقة النظيفة بمختلف الجامعات المغربية. وأشار أن هناك مساع "جاهدة لتوفير أهم آليات الاشتغال مع دعمهم اللازم لهذا المجال، الذي أصبح ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، وهو ما تطلب وضع استراتيجيات ومشاريع أخرى من المرتقب أن يعلن عنها في المستقبل، تدعيما للتوجه الجديد الذي رسمت خطوطه المملكة المغربية مباشرة بعد احتضانها لفعاليات كوب 22". حق الإنسان في كوكب نظيف ومما لا شك فيه أن الحديث عن موضوع الطاقة النظيفة، مرتبط أساسا بحق الإنسان في أن يعيش على أرض وبيئة نظيفة، تكفل له سلامة صحته وعافيته، وهو ما دفع اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر لاستدعاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث حضرت زينب علوي، نيابة عن رئيس المجلس إدريس اليزمي، وتطرقت في مداخلتها إلى الهموم التي تشغل الحقوقيين في هذا الموضوع، موضحة أن "الحفاظ على هذا الكوكب هو حفاظ الإنسان على حقه في العيش بسلام"، بعيدا عن الأمراض والمضايقات التي تقف وراءها النفايات المطروحة بالأطنان بشكل يومي. وقالت ذات المتحدثة إن "المجلس الوطني لحقوق الإنسان يولي أهمية كبيرة لهذا النقاش في أجندة عمله"، حيث سبق لإدريس اليزمي أن شارك كعضو رئيسي في لجنة الإعداد والتحضير والسهر على أطوار كوب 22، وهو الأمر الذي يعد عربونا على الأهمية البالغة لهذا المجال، الذي أضحت جمعيات المجتمع المدني والمختبرات العلمية تدق ناقوس خطره، لذا "يجب أن نتدخل من خلال توصيات لدى الهيئات الحكومية، لتبادر إلى وضع خطة محكمة للحفاظ على ما تبقى من هذا المناخ لصالح الأجيال القادمة، التي هي الأخرى في حاجة لمحيط نظيف وبيئة سليمة"، كما توضح زينب علوي. الطاقة المائية تجمع المغرب وروسيا كما عرف اليومان الدراسيان مشاركة العديد من الباحثين المغاربة والروس المتخصصين في مجال الطاقة البديلة، ساهم كل واحد منهم في طرح أفكاره وتبادلها، إغناء لطاولة الحوار المستديرة التي احتضنت كل التصورات والرؤى التي تصب في هدف واحد، القاضي بإخراج الإنسان من قوقعة استهلاك مصادر الطاقة القديمة، التي أثرت بشكل سلبي على مناخ الكرة الأرضية، والتوجه نحو استخدام وسائل جديدة في إنتاج طاقة صديقة للإنسان. هذا ما أكد عليه عبد الرحيم الفاضيلي، الأستاذ بكلية العلوم والتقنيات بالمحمدية، في تصريح صحفي لبيان اليوم، موضحا "أن المغرب انخرط منذ مدة طويلة وبشكل رسمي في إنتاج الطاقة البديلة من خلال محطات متعددة في مجال الطاقة الريحية، ثم الطاقة الشمسية". وأرجع المتحدث هذا التحول الإيجابي إلى خصوبة المجال الجغرافي للمغرب، الذي يتوفر على جبال كثيرة، ومناطق صحراوية، قابلة لأن توفر للمغرب كما هائلا من الطاقة النظيفة. وأفاد ذات المتحدث، المتخصص في مجال الكهرباء، أن هناك سبلا أخرى لتطوير الطاقة المتجددة في المستقبل، ستمكن المملكة المغربية من احتياط مهم خلال سنة 2030 الذي سيصل إلى 52 في المائة من الطاقة الصديقة للبيئة. وأكد أن "هناك انفتاحا أيضا على العديد من المجالات من خلال تنويع مصادر الطاقة، فبعدما كانت لدينا الطاقة الشمسية والطاقة الريحية، نحاول الآن، أن تكون لدينا طاقة مائية، من خلال مجاري المياه، التي يمكن استغلالها في هذا الميدان"، مضيفا أن "هناك مشاريع ظاهرة ومعلن عنها، وأخرى لم تخرج إلى العلن بعد". مجهودات شبابية في حاجة إلى الدعم استنادا لهذه التصورات والمداخلات، يمكن القول إن هناك أفكارا مثمرة وجذابة بالنسبة للمستثمر في هذا المجال، خاصة في ظل وجود مجهود جبار تقوم به مختبرات علمية في كليات التكنولوجيا بالمغرب، التي في حاجة لمحتضن وراع لهذه المشاريع المهمة، خاصة وأنه سيكون لها تواجد كبير خلال الأعوام القادمة، وهو ما انكب عليه المشاركون الذين ناقشوا التوجه الجديد الذي يجب أن تسير فيه الدولة من خلال تكوين العامل البشري في هذا الحقل، عن طريق تشجيع البحث العلمي في مواضيع متعددة تبرز السبل الكفيلة لإنجاح وتطوير هذا النموذج الجديد، الذي سيسهم لا محالة في الحفاظ على البيئة، ويقدم حلولا موضوعية في التوجه نحو مصادر أخرى لإنتاج الطاقة النظيفة، مع البحث عن خلق شراكات مع مؤسسات متنوعة لاحتضان هذه المشاريع والأفكار الرائدة، إذ خرجت بعض الجمعيات الشبابية إلى المجتمع تعرف بنفسها لدى الطلاب والرأي العام المحلي، ناهيك عن المستثمرين، الذين لا زالوا متوجسين من آفاق هذا الحقل. وهو ما أوضحه عصام الفرياطي، رئيس المعرض الدولي للضخ الشمسي، الذي جاء للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي انفتاحا من مؤسسته على الجامعات المغربية، وخاصة مدرسة التكنولوجيا لجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، وليقدم مشروعا في الطاقة الشمسية يستهدف المجال الفلاحي بالدرجة الأولى وخاصة المناطق النائية بالمغرب، التي تعرف خصاصا في هذا المجال. وأعتبر الفرياطي أن "دورنا نحن هو توعية جميع شرائح المجتمع من طلبة، وفلاحين فاعلين في القطاع، بهذا المشروع الجديد الذي يعتمد على الطاقة الشمسية، ولا يضر بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للإنسان، وهو ما تفاعل وتجاوب معه عدد كبير من المؤسسات كالوكالة الدولية للطاقات المتجددة، التي رحبت بالفكرة، فضلا عن إقناع بعض الضيعات للتوجه لهذا المصدر الجديد وهو ما أقبل عليه عدد من الفلاحين الذين وثقوا في المشروع". محطتان للطاقة البحرية بالمغرب ويعد تنظيم هذا المؤتمر في نسخته الثانية، فرصة سانحة لمناقشة موضوع الطاقات المتجددة والبديلة، والتطرق له من كل الجوانب للخروج بتوصيات تخص الاهتمام أيضا بالفضاءات الخضراء، وإدماج التربية البيئية في البرامج التعليمية، والاهتمام بالمجال الإيكولوجي، حيث اعتبر لمقدم الخديوي، نائب مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا بجامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء، والمكلف بالبحث العلمي والتعاون، أن المملكة المغربية تشهد اليوم مستجدا حقيقيا في مجال الطاقة المتجددة والصديقة للبيئة، متمثلا في محطة "نور1" بورزازات، فضلا عن توفر المغرب على مساحة كبير وغنية من البحر، قابلة لأن تستثمر وتستغل في إنجاز محطات لاستخراج الطاقة البحرية المشابهة لإنتاج الطاقة في السدود. وأفاد لمقدم الخديوي، أن المغرب استثمر لحد الآن في مجال الطاقة الريحية والطاقة الشمسية، وهو مقبل على الإنتاج في الطاقة المائية التي تعود براءة اختراعها لمركز البحث بالمدرسة التكنولوجية التابع لجامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء، حيث يسعى هذا الأخير إلى إخراج مشروعه للوجود من خلال مساهمة وتبني بعض المؤسسات لهذه الفكرة والتصميم الجاهز، الذي رصد لمحطتين بمدينة الدارالبيضاء وتمارة. وأشار الخديوي أن حضور الروس في هذا الملتقى جاء أولا نتيجة للعلاقة الطيبة التي تجمع بين البلدين، ثم رغبة المختبر، في الاستفادة من تجارب جامعة موسكو، وكذا تطعيم المشروع المغربي بأفكار تعود لنماذج أخرى من دول متعددة. وتجدر الإشارة إلى أن المؤتمر شهد حضورا وازنا لمختلف الفعاليات المدنية والحكومية، أجمع فيه كل المتدخلين والمشاركين على ضرورة وعي البشرية بأن هذا الكوكب في حاجة لسياسة طاقية واستراتيجية فعالة وهادفة للحفاظ على البيئة، مع ضرورة توفر تدابير استباقية للحد من المخاطر التي يشهدها العالم، وذلك من خلال اللجوء إلى الطاقات البديلة والمتجددة، التي تتطلب إرادة سياسية حقيقية من طرف الأجهزة الرسمية وجمعيات المجتمع المدني، المهتمة بالبيئة والطاقة النظيفة، وكذا مستثمرين ومؤسسات خاصة، في إطار مبدأ الالتقائية.