يسطع نجم مدينة ورزازات الأخاذة برمالها الذهبية وواحاتها العظيمة وقصورها العالية، خلال شهر أبريل الجاري، بتنظيم تظاهرة كبرى تحت اسم "أيام الثراث" إذ يستضيف قصر آيت بن حدو خلال الفترة الممتدة بين 22 و30 أبريل، أكثر من عشرين فنانا تشكيليا من القارات الخمس، وموسيقيين من المنطقة، في إقامات فنية إبداعية كبيرة يتفاعلون من خلالها مع سكان وفناني المنطقة وأيضا مع الزوار عبر أعمال فنية متنوعة.. ويعرف افتتاح أيام التراث لهذه الدورة تنظيم إقامة موسيقية لمدة ثلاثة أيام يجمع فيها الفنان الأمازيغي خالد البركاوي مجموعات إيقاعية تقليدية مغربية وإِفريقية لخلق عروض فنية تسلط الضوء على سحر المآثر التاريخية لقصر آيت بن حدُّو، فضلا عن مشاركة فرقة موسيقية وغنائية ثراتية من قبيل كناوة، والهواريات، وأحواش.. وضمن فعاليات أيام التراث هذه، تنظم زيارات بالمجان في الأماكن الرمزية للقصر حيث يكتشف فيها الزوار علامات من التراث المحلي، وذلك في زيارات تستغرق ساعتين عبر 6 أماكن و18 عرضا موسيقيا وأزيد من 12 معرضا. كما ستسهر جمعية "أركان من أجل الترويج للفن والحفاظ على التراث" أثناء أطوار هذا المعرض، على إقامة محفل فني وتراثي كبير من خلال "معرض آيت بن حدو" في دورته الأولى التي سيشرف عليها الفنان التشكيلي المغربي عبد الرحمان وردان، والتي تشهد تنظيم إقامة فنية لإبداع قطع فريدة ومستلهمة من موضوع "التراث، اللغة الأصيلة للشعوب"، ويتزامن هذا المعرض مع الدورة الثانية لتظاهرة "أيام التراث آيت بن حدو" المنظمة من طرف جمعية "آيت عيسى للثقافة والتنمية". وأولت هذه الدورة اهتماما خاصا للبورتريهات التي سيتم إنجازها بشكل مكبر، ناهيك عن تخصيص فضاء لوضع مجسمات فنية من الديكورات المتلاشية المتبقية من تصوير أفلام بالمنطقة. ولعل توفر المنطقة على الخشب بجميع أنواعه، قوى من خيار تشجيع تنظيم معامل للنحت على الخشب، حيث سيكون الفنانون أحرارا في اللجوء إلى هذه المواد التي يمكن عرضها سواء في القرية أو في الحديقة الفنية لآيت بن حدو، التي تقع في قمة الوادي، إذ بتعاون مع سكان القرية، سيتم تحديد الفضاءات لوضع إبداعات من فن الشارع بها. ومن جانب آخر سيتم تنظيم معامل للإبداع تدمج الساكنة المحلية للإسهام في التربية على الوعي الفني وتشجيع المواهب المحلية على ممارسات إبداعية جديدة والنهوض برصيدها الفني، مع تخصيص هذه المعامل لفن الصناعة التقليدية، وفن التصوير الأصلي وفن استرجاع المتلاشيات. وعلى مستوى التصميم السينوغرافي أوكلت هذه المهمة المعقدة والفريدة لهذا المعرض للفنانين سايدو ديكو البوركينابي وعبد الرحمان وردان المغربي، إذ ستعرض صور مكبرة مختارة لوجوه سكان القرية، إضافة إلى أماكن مخصصة لعرض تركيبات فنية تمزج بين بقايا ورشات أفلام عالمية صُورت بالمنطقة. وتشهد هذه التظاهرة ورشات يشارك فيها السكان المحليون بهدف تطوير الحس الفني وجعل الفنانين المحليين قادرين على تعلم ممارسات إبداعية جديدة والترويج لطاقاتهم الفنية، زد على ذلك تخصيص ورشات للفنون التقليدية والفن التصويري والتوظيف الفني للمواد المستعملة، قس على ذلك تثمين الإبداعات الفنية المحلية عبر ورشات لصباغة القماش والنسيج لصالح الصناع التقليديين للمنطقة، إذ سيتحول قصر أيت بن حدو إلى متحف مفتوح مخصص للفن والإبداع ومشاطرة التراث العالمي. علاوة على هذه الأنشطة الميدانية المتميزة بالاحتفال بالتراث وتقريبه من الجمهور، تنظم هيئة "السيركاس" محاضرة حول موضوع "التراث المادي واللامادي المغربي من أجل التحسيس بإشكالية الحفاظ عليه"، كما سيتم اغتنام هذا الحدث الفني لبلورة مشاريع مستدامة تهدف لتأطير الحياة الثقافية والفنية للمنطقة. وبهذا ينعم هذا الشهر بإنتاج أعمال فنية في مختلف التخصصات، لوحات تشكيلية، نقش، فن الرسم على الجدران، عروض سمعية بصرية ومنحوتات، تكون اللبنة الأولى لإنشاء "قصبة الفنون العصرية لآيت بن حدو" و"الحديقة الفنية الدولية لآيت بن حدو".. وعرفت كواليس إعداد هذه الدورة توفير الظروف المثلى للاستقبال والزيارة بالنسبة للجمهور لتبيان أن التراث يحمل أيضا رؤية للمستقبل، ومشروع مصير جماعي في خدمة مجموعة، أو ثقافة تنسج الروابط بين الشعوب، كما تعتبر فرصة سانحة للقيام بمشاريع ذات طبيعة احتفالية، مخصصة لهيكلة الحياة الثقافية والفنية لهذه المنطقة. وأوضح بلاغ اللجنة المنظمة أن هذه السنة تصادف الذكرى الثلاثين لإدراج اسم "قصر آيت بن حدو" ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، محققة بذلك طموح سكان القرية وعائلاتهم في ضرورة إعادة توطيد الاتصال بجذورهم وتثمين تراثهم وتبليغ قيمهم الموروثة للأجيال الصاعدة.