تُطرح في الأسواق مع بداية العام الجديد مجموعة أفلام «دي.في.دي» وعددها أربعة ويُعتبر مضمونها نادراً وثميناً. وقد صدرت المجموعة بعد عشرة أعوام من التحضير لها وهي تخصّ الفنان الراحل شارلي شابلن إنما في أفلام غير معروفة له وتعود جميعها إلى مرحلة الشباب حين لم يكن شابلن قد عرف بعد النجومية. ولهذه الأفلام قصة بل أكثر من قصة واحدة منها تتعلق بالفنان البريطاني في مجال الميوزيك هول الذي أبحر مباشرة من «ستوديوات كايستون» إلى هوليوود عام 1914 وكان يدعى شارلي شابلن وقد اقترح في أولى إطلالته بأن يحمل العصا ليمشي ويستعين بها مع قبعة سوداء وجاكيت ضيقة على جسده النحيل، وينتعل حذاء كبيراً يجعله ملتوياً إلى الخارج في مشيته الطريفة الأقرب إلى مشية البطة! هذا الاقتراح سرعان ما أصبح نموذجاً محبوباً لفنان عرف الشهرة عن أدواره الكوميدية ولما يتجاوز الخامسة والعشرين. من هذه المرحلة بالذات تطلع مجموعة الأفلام القصيرة وعددها 34 فيلماً قصيراً وفيلم طويل وحيد وكلها في نوعية سيئة جداً لأن طريقة التصوير كانت بدائية، وبالتالي كان يجب أن تكون جميعها تالفة. أما هذه الأشرطة وعمرها اليوم أكثر من 60 أو 70 عاماً فقد شهدت عملية ترميم وتنظيف دقيقة ومكلفة للغاية. ومن المعروف أن ماك سينيت صاحب «استديوات كايستون» وعندما أفلس عام 1916 باع كل أفلامه «بالوزن» أي بالأطنان للاستفادة فقط في إعادة تصنيع المادة المصنوعة منها. غير أن البعض عرف كيف يستفيد من هذه الأفلام، والمعروف أن عدداً كبيراً من أفلام شابلن خضعت أيضاً إلى عمليات مونتاج وسرقة وكانت تُطرح مجدداً في الأسواق على أنها أفلام قصيرة وجديدة له. أما شركة «لوبستر فيلم» التي عملت على ترميم هذه الأفلام اليوم، فقد قامت بعمليات بحث أطلق عليها مديرها سيرج برومبارك لقب «البحث عن الكنز الضائع» لفترة عشرة أعوام في العالم كله وذلك لأن «شارلو قد سافر كثيراً» من استراليا إلى روسيا إلى اليابان..» كما أطلقت دعوات إلى أصحاب المجموعات والتحف النادرة للمشاركة تحت شعار «انقاذ ما تبقى من إبداع شارلي» ولقد تجاوب عدد كبير من محبيه وقدموا ما لديهم، وكانت الكارثة في رداءة الأفلام وفي كل ما تطلبته من عمليات ترميم مكلفة. ويعترف سيرج برومبارك بأنه عاش مغامرات رائعة في هذه التجربة التي جعلته يكتشف أخيراً عدداًَ لا بأس به من الأفلام القصيرة التي كان مصيرها التلف الكلي بعد وقت قصير. ويعترف بأن أجمل ما عثر عليه كان فيلم «شارلو والمظلة» في نسختين منفصلتين، كل واحدة في بلد وتبين بعد الدراسة والبحث الجزء الأصلي كما كل الأجزاء المضافة إليها. كذلك عثر في بيونس ايريس على فيلم «الفرصة» وكان وضعه سيئاً للغاية وتنقصه الدقائق الأخيرة التالفة فعثر على الدقيقتين الأخيرتين في فيلم تالف أيضاً لدى «معهد الفيلم البريطاني» في لندن وتم دمج الفيلمين لعمليات الحذف والربط. أما الاكتشاف الأكبر والأجمل فكان مع صاحب المجموعة بول بياروكي الذي اكتشف في يونيو الماضي الفيلم «القبض على اللص» في سوق الأثريات القديمة وفيه يطل شابلن بدور شرطي فاشل وهزلي ويتمتع الفيلم بطرافة كبيرة حيث يبدو شارلو الشرطي مخفقاً في كل ما يفعله، فيرمي طفلاً من يده بدلاً من كيس القمامة في السلة المخصصة للقمامة، ويمسح قدميه ليدخل الى مركز الشرطة برجل عجوز يجلس أمام الباب ظناً منه أنه الممسحة وفي المشهد الأخير يسرق الرضاعة من فم طفل علها تساعده في معركته! ويعتبر برومبارك أنه نجح في كل التحديات التي وضعها على عاتقه في عملية البحث تلك ويعترف بأنه سعيد للغاية بصدور مجموعة الأفلام حالياً غير أنه لا زال يعيش المغامرة مع نفسه في التحدي الذي أخذه على عاتقه بالبحث عن فيلم اعتبرته الشركة مفقوداً ولا أمل في إيجاده وهو فيلم «صديقها رجل العصابة» الذي تم تصويره في 4 يونيو 1914، على أمل أن يعثر عليه كما حصل مع الأفلام المفقودة الأخرى.