قال رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أحمد حرزني إن المجلس باشر مرحلة جديدة من عمله قائمة على النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنهوض بثقافة حقوق الإنسان، وذلك بعد الانتهاء عمليا من تفعيل جل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة. وأوضح حرزني، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الاحتفال غدا باليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 دجنبر)، أنه تم الانتهاء عمليا من تصفية إرث ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الذي تطلب وقتا لا بأس به، حيث حصل جل الأفراد المعنيين وعائلاتهم على تعويضات وأصبحوا يتوفرون على التغطية الصحية. وأبرز أنه تم كذلك، في مجال جبر الضرر الجماعي، إطلاق مشاريع تتعلق بالحفظ الإيجابي للذاكرة، وإنجاز مشاريع تنموية وأخرى متعلقة بتعزيز قدرات الفاعلين المحليين، والكشف عن الحقيقة في جل حالات الاختفاء القسري (باستثناء 9 حالات لم يتمكن المجلس من الكشف عنها). وفي هذا الصدد، فند حرزني بعض الادعاءات حول وجود حالات أخرى للاختفاء القسري لم يتم بعد الكشف عن مصيرها، داعيا المعنيين بالأمر إلى الإدلاء بما يفيد ذلك، خاصة وأن الاختفاء القسري يعتبر من الجرائم التي لا يسري عليها التقادم. وبخصوص التوصيات المتعلقة بالإصلاحات القانونية والمؤسساتية، وخاصة مجالي العدالة والحكامة الأمنية، ذكر بأن المجلس رفع رأيه إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي تضمن مقترحات تتصل بإصلاح القضاء وجعله أكثر استقلالا، موضحا أن هذه المقترحات انعكست في خطاب جلالة الملك تخليدا للذكرى ال56 لثورة الملك والشعب (20 غشت 2009). وأبرز في هذا الصدد أن الحكومة مسؤولة الآن عن تفعيل هذا الإصلاح. وأضاف أن المجلس قام أيضا بمراجعة شاملة للقانون الجنائي على ضوء المعايير الدولية لحقوق الإنسان, وأن المقترحات التي خرج بها المجلس توجد رهن إشارة الحكومة, كما قام في السياق ذاته، بدراسة قانون المسطرة الجنائية. المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يؤسس لمرحلة جديدة في مجالات اشتغاله وعلى صعيد آخر اعتبر حرزني أنه بعد الورش الكبير المتعلق بمتابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، فتح المجلس صفحة جديدة في عمله في مجال ترسيخ حقوق الإنسان والنهوض بها، تتسم بالتركيز على حقوق مدنية وسياسية قال إنه «لم تتم معالجتها بما فيه الكفاية في السابق ويتعين الآن إعطاؤها الأهمية التي تستحقها»، موضحا أنه تدخل في هذا السياق قضايا الاتجار في البشر والمهاجرون وطالبو اللجوء وقانون الصحافة. وأضاف أنه سيتم في هذه المرحلة أيضا الاهتمام بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية بهدف تعميق ودعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والعمل على توسيع الولوج إلى الخدمات الأساسية من قبل المواطنين ورفع جودة هذه الخدمات (الصحة، السكن، التعليم، الشغل..). كما اعتبر أن المجلس مطالب أيضا في هذه المرحلة، بالاستمرار في مواكبة مسلسل دمقرطة البلاد، لأن اختصاصاته لا تقتصر فحسب على النهوض بحقوق الإنسان، مبرزا أن المغرب يوجد في مرحلة مأسسة الديمقراطية التي تتطلب التعاون بين جميع الفاعلين والعمل على إرساء توازن أكبر بين السلط وتوزيع أكثر عدالة للسلط بين المركز والجهات. وفي هذا الصدد، أبرز أن المجلس يدعم العمل الذي تقوم به اللجنة الملكية الإستشارية للجهوية ويتطلع لنتائج عملها، وكذا لتنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يعتبر فضاءا لتعبير جميع فئات المجتمع عن آرائها في القضايا المطروحة، ومن المنتظر أن يضطلع بدور أساسي في ترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان. الخطة الوطنية للنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان والأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان.. آليتان أساسيتان لمأسسة الديمقراطية وقال حرزني إن الخطة الوطنية للنهوض بالديمقراطية وحقوق الإنسان، التي تأتي تنفيذا لتوصية مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان 1993 ويعتبر المغرب من أوائل البلدان المتوفرين عليها، تغطي القضايا التي يشتغل عليها المجلس خلال المرحلة المقبلة ولاسيما الحكامة والديمقراطية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. وأعرب عن أمله في أن يتم في القريب العاجل عرض هذه الخطة، التي تعتبر ثمرة عمل مشترك بين المجلس والحكومة والمجتمع المدني، على مجلس الحكومة وأن يشرع في تفعيلها على الصعيد الحكومي. وبخصوص الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان، أبرز السيد حرزني أنه تم الآن الخروج ببرنامج فعلي للشروع في تفعيلها في أقرب الآجال، موضحا أن هذه الأرضية تتضمن مجموعة من الإجراءات والتدابير في إطار ثلاثة مستويات للتدخل تهم التربية والتكوين والتحسيس. أحداث العيون.. المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان أنصفت المغرب ونوهت بالتدخل الحكيم لقوات الأمن أكد حرزني أن المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان أنصفت بصفة عامة المغرب، حيث أقرت بأن هذه الأحداث كانت اجتماعية في جوهرها وأن قوات الأمن احترمت القانون وتميز تدخلها لتفكيك مخيم كديم إيزيك بالحكمة ورباطة الجأش، معتبرا ذلك «نصرا للمغرب». وأبرز أنه باعتبار المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان المخاطب الرئيسي للمجلس، فقد توجه لها المجلس بطلب من أجل توخي الموضوعية والحياد في تحرياتها وتصريحاتها. وأوضح أن تصرفات ومواقف بعض الأحزاب السياسية والمؤسسات الأوروبية كانت مبنية على أفكار ومواقف مسبقة وليس على الواقع، وهو ما برز من خلال عدم انتظار هذه الأخيرة صدور تقارير المنظمات الحقوقية لتصدر أحكامها. وخلص إلى التأكيد على أن الإجماع الوطني قادر على إحباط جميع التحرشات والمناورات التي يقوم بها خصوم الوحدة الترابية للمملكة، في محاولة يائسة لتأليب الرأي العام الدولي عليها.