تمكن العرب، وبعد انتظار طويل من تحقيق حلمهم المنشود في تنظيم أكبر حدث كروي على سطح الكرة الأرضية. ونجحت قطر في نيل مرادها باستضافة بطولة كأس العالم لسنة 2022 بعد أن تفوق ملفها على الملف الأمريكي، لتصبح أول دولة عربية تحظى بشرف احتضان البطولة من أول مرة تقدم فيها ترشيحها، وأبدى الأمريكيون استغرابهم الواضح جراء هذا القرار حتى أن الرئيس الأمريكي وصفه بالخاطئ، مع أن الأمريكيين كانوا ينتظرون الإعلان عن فوز ملفهم خصوصا وأنه سبق لهم أن نظموا بنجاح بطولة سنة 1994. لكن كان للاتحاد الدولي «الفيفا» رأي آخر حيث صوت لصالح قطر 14 عضوا مقابل 8 أعضاء صوتوا للملف الأمريكي، مانحة للدولة العربية حق استضافة المونديال، ولتعم الفرحة العاصمة «الدوحة» من طرف القطريين والجاليات العربية المقيمة بقطر. ووسط تعهدات قطر بإنجاح هذا العرس الكروي، تثار الكثير من التساؤلات حول سر تفوق الملف القطري على نظيره الأمريكي؛ إذ يرى البعض أن العملية لم تكن نزيهة وأن وراء نتيجة الفوز عملية بيع وشراء للأصوات، وهو ما يزيد من حجم الشكوك في مصداقية الفيفا وقراراتها. فلا يعقل أن تنجح دولة تترشح للمرة الأولى، في خطف البطاقة من يدي أمريكا أو أستراليا؛ ولا نظن أن أحدا يشكك في قدرة الدولتين على إنجاح هذه التظاهرة الكروية، لكن ما قد يتم التشكيك فيه هو أحقية قطر في الاستضافة، رغم تجنيدها لموارد مالية وبشرية مهمة في سبيل تقديم المونديال بأحسن حلة ممكنة. إلا أن ذلك لا يعني أن المال هو من يصنع النجاح، وإن كانت قطر تعول على تجهيز الملاعب والفنادق وتأمين كافة وسائل الراحة وسط بنية تحتية عالية المستوى يشهد لها الجميع بذلك، إذ من الغريب أن لا يتم مراعاة بعض الفوارق بين الدول المتنافسة كالتجربة والخبرة التي تمتلكها الولاياتالمتحدةالأمريكية في استضافة التظاهرات الكبرى، عكس قطر تلك الدولة الصغيرة التي لا يتعدى تعداد ساكنتها مليونا و700 ألف ومع ذلك ستنظم كأس العالم 2022، وللفيفا كامل النظر في الأمر فعائدات البترول تغري حتى مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم، مما قد يفيد في تطوير اللعبة بالمنطقة؛ ولم لا أن ينقل الدوري الإنجليزي أو الإسباني إلى قطر؟ كل ما يمكن قوله بخصوص قرار الفيفا أنه كان قرارا غير مدروس، ويفتقر إلى مشروعية حقيقية، وإذا كانت بعض الدول العربية قد أبدت فرحتها العارمة، بعد هذا الانتصار الذي رأت فيه انتصارا للرياضة العربية؛ إلا أن مفهوم التفوق أصبح مرادف للنجاح في التنظيم وليس السعي وراء تحقيق النجاح في الأداء والتنافس. إن مشكلة العرب في كأس العالم أنهم باتوا يسعون فقط للمشاركة الشكلية أو لاستضافة بطولة عالمية ككأس العالم، لأن ذلك بالنسبة لهم بمثابة إنجاز باهر. وقد سبق للمغرب أن تقدم بطلب استضافة المونديال أربع مرات، كلها عورضت بالرفض من طرف لوبي بلاتر؛ والحق أن المغرب لا يمتلك سلاح قطر السري والذي ساعدها على الفوز على منافسين أشداء كأمريكا وأستراليا. والمغرب الغارق في مشاكل داخلية، كان قرار الفيفا رحيما بمواطنيه فهو لا يمتلك ميزانية قطر ولا يضاهيها من حيث بنياتها التحتية أو مستوى الدخل الفردي فيها. حقا تستحق قطر التنويه لأنها أجبرت الفيفا بوسائل خاصة ظاهرة منها وخفية على منحها شرف التنظيم، والعالم مدعو منذ الآن للحضور إلى الشرق الأوسط لمتابعة مونديال على الطريقة العربية، وبدرجة حرارة استثنائية... فهنيئا لدولة قطر ب «مكيفها» الكبير الذي استوعب كل الرغبات والشروط، ولبى إلى درجة غير مسبوقة «دفتر التحملات»...