بالمقارنة مع سائر الفنون، يعد فن الغناء والطرب أكثر ما يحظى باهتمام المسؤولين عن البرمجة بالتلفزة المغربية، وبالأخص القناتان الأولى والثانية. دون أن يعني ذلك أنه يحتل المساحة الزمنية التي من المفروض أن يحتلها ضمن خريطة برامج التلفزة. غير أن درجة الاهتمام المومإ إليها، تكمن في العناية بتخصيص موعد أسبوعي قار، على الأقل، وغالبا ما تتجاوز مدة بثه ستين دقيقة، وقد تمتد هذه الفترة الزمنية إلى ساعتين ونصف، وهذا المقدار الزمني، نادرا جدا ما يحظى به برنامج يعنى بالخصوص بشؤون الفكر والأدب. ومما يدفع إلى القول كذلك إن حصة الطرب والغناء تتمتع بحظوة أكبر ضمن خريطة برامج التلفزة المغربية، أنه عادة، يتم برمجتها في وقت ذروة المشاهدة من (الويك إند) نهاية الأسبوع، ابتداء من الساعة التاسعة والربع ليلا، إذا شئنا الدقة. وسواء عبر القناة الأولى أو الثانية؛ فإنه يتم الحرص على أن يتولى منشط معين، تقديم الفقرات الغنائية؛ ففي حالة القناة االثانية، نلفي الإعلامي عماد نتيفي، يختص في تنشيط هذا النوع من البرامج، حيث أقدم على عدة تجارب من هذا القبيل، وهو حاليا مستقر في برنامج أسبوعي موسوم ب»سهران معك الليلة»، وإن كان يسعى إلى تنويع فقرات هذا البرنامج، من خلال إدماج فقرة قارة وخاصة بفن الفكاهة، إلا أن مجال الطرب والغناء، يشغل النسبة الأكبر من المساحة الزمنية لبث هذا البرنامج، والتي تناهز الساعتين والنصف، لكن كيف يتم تدبير هذه الحصة الزمنية، وما مدى حضور الأغنية المغربية بين فقرات البرنامج ككل؟ يعنى برنامج «سهران معك الليلة»، بعرض أنماط غنائية متنوعة؛ حيث نجد إلى جانب الأغنية المغربية الشعبية وكذا العصرية، هناك انفتاح على الأغنية التي تنتمي إلى بلدان عربية أخرى. وبخصوص الأغنية المغربية؛ فإن منشط البرنامج، يحرص على أن يقدم في الختام الأغنية الشعبية، وبالأخص ما يرتبط بفن العيطة، إلى حد أن هذا أصبح قفل البرنامج، هذا الإصرار على الاختتام بفن العيطة في الغالب، يظل غير مفهوم، ما دام أن حلقات البرنامج التي تبث أسبوعيا بشكل منتظم، تستدعي تنويع الفقرات وتكسير الرتابة. إلى جانب ذلك، نجد الأغنية العصرية لا تحضر باعتبارها إبداعا متجددا، بل محاكاة؛ حيث يتم تكليف بعض الأصوات الشابة بأداء أغاني مطربينا الرواد، وقلما يحضر الرواد أنفسهم. عند الانتقال إلى القناة الأولى، يظل برنامج نغموتاي، من بين أبرز البرامج التي تهتم بفن الطرب والغناء، وهذا يبدو جليا انطلاقا من العنوان نفسه، وهذا البرنامج بدوره، يحضر فيه خليط من الأنماط الغنائية، وإن كان الانفتاح على بلدان عربية أخرى، يظل محدودا جدا، غير أن ما يعاب على هذا البرنامج أنه يكاد يستضيف الوجوه نفسها في مختلف حلقاته، سواء باعتبارهم ضيوفا رئيسيين أو متتبعين فوق منصة التصوير، في حين أن التنشيط يستدعي كذلك البحث والانفتاح على سائر المعنيين، ولم لا العمل على اكتشاف مواهب جديدة. ويبقى برنامج «شذى الألحان»، من بين البرامج التي تهتم بتقديم عروض الطرب والغناء، حيث يختص بتقديم ألوان مختلفة من التراث الغنائي، سواء الوطني أو الكوني، بالموازاة مع ذلك، تحرص منشطته الفنانة ماجدة اليحياوي، على استضافة باحثين مختصين، الشيء الذي يتيح للمتتبع أن يحصل على رصيد من المعلومات إلى جانب متعة الطرب الأكيدة. بالرغم من هذه المواعيد القارة، التي تعنى بمجال الموسيقى والغناء؛ فإنها تظل غير كافية، سيما وأن المشاهد ليس مطلوبا منه بالضرورة أن ينتظر نهاية الأسبوع لمتابعة الحصص الموسيقية. من هنا، تستدعي الضرورة التفكير في إنشاء قناة مغربية خاصة بالأغنية، يحضر فيها هذا الفن بكل أنماطه وتلاوينه ولغاته.