بعد فضيحة الرشوة وتوقيف أعضاء من الفيفا، نتيجة ترجيح كفة دولة عن أخرى، يطرح السؤال عن نزاهة ومصداقية، اختيار الدولة المحتضنة، وهل المغرب كان ضحية مؤامرة خارج الاقتراع؟ لقد تقدم المغرب للفيفا بوثيقة الحلم بصيغة جديدة، كلها جدية والتزام لربح الثقة وكان الملف المغربي بعشرات الصفحات، كل كلمة تزن أطنانا من الصور التي ترصد موقع الحلم في ذاكرة شعب يحب كرة القدم شعب أنجب الأسطورة، الجوهرة السوداء، المرحوم العربي بن امبارك، وتمنى الجميع أن تكون لسنة 2010 موطنا عربيا، مسلما، إفريقيا لحدث كوني اسمه كأس العالم. فبعد تجربتي 1994 و 1998 صاغ المغرب ترشيحه بمنظور جديد لربح الثقة بعدما فرض نفسه كمرشح حقيقي قادر على رفع التحدي وكانت الحظوظ كبيرة أحيانا، ومتكافئة أحيانا أخرى، ويتعلق الأمر بجنوب إفريقيا. ومع أن عوامل عدة كانت تلعب لصالحنا، منها قرب المسافة بين المغرب وأوروبا، موقع المغرب الإستراتيجي والمتميز كبوابة لإفريقيا مع مناخ معتدل، يطل على بحرين. والكل يتذكر المجهود الذي بذلته جمعية 2010 التي كان يترأسها سعد الكتاني، وكانت تضم بين أعضائها أسماء وازنة لترويج ملف المغرب منها صلاح الدين بصير وهشام أرازي ويونس العيناوي، حيث كان الترويج على أوسع نطاق، مذكرين بمنجزات المغرب الكروية، وسكانه الكرماء وسعة صدرهم، واندمامجهم مع مختلف الثقافات ومنفتحين على كل الأديان السماوية. لقد استعد المغرب وعبأ كل إمكانياته على جميع المستويات وانطلقت ورشات جديدة، من أجل إكمال البنية التحتية وها هي ملاعب مراكش، طنجة وغيرها على وشك فتح مدرجاتها في وجه المتفرجين، لكن أشياء ما وقعت ليلة الاقتراع، فحتى بعض الأصوات التي ظلت في جيوبنا ولت ظهرها ومالت بطريقة أو بأخرى لصالح جنوب إفريقيا، فحتى بنهمام القطري نفسه (رئىس الاتحاد الأسيوي) لم يكن رحيما بنا، أما فوزي بلاتر رئيس الاتحاد الدولي، فقد أعلنها صراحة، وأظهر من خلال تحركاته أنه مساند لجنوب إفريقيا. لقد أسعفتنا الذاكرة أن نكتب في هذا الموضوع، موضوع ما كان ليثا رلولا الفضيحة التي أزكمت الأنوف، وجعلت مصداقية الفيفا في الميزان، إنه لابد من ذكر الحقيقة للتاريخ، وهي صدق بعض الأقلام المغربية أنذاك وقراءتها لواقع الاقتراع المغشوش خلال سنوات مرت. والذكرى، كما هو معلوم: هي وقفة على ما وقع في الماضي ومحاولة تجاوز الأخطاء والعثراث والتي يستغلها منافسونا، ولو بطريقة غير شريفة. قد يخطئ المتتبع ويجزم بأن مؤهلات وإمكانيات جنوب إفريقيا ضخمة، وعلى جانب كبير من التطور، فلا أحد يشك في التجهيزات الرياضية الرفيعة المتوفرة، ناهيك عن الثرواث المادية الضخمة والتي بإمكانها تغطية كل النفقات والمصاريف الإضافية، إلا أن هناك معطيات كثيرة تتداخل في هذا الشأن، منها السجل الرياضي العالمي لكل بلد، فالمغرب يعتبر أول بلد إفريقي، عربي يتخطى حاجز الدور الأول وبامتياز، وهو عامل له بالغ الأثر إضافة إلى معطيات أخرى مهمة منها حنكة وكفاءة المغرب في التنظيم وتوفره على شبكة مهمة من الفنادق المصنفة وثقل قيادته على الساحة السياسية، بالعناية الخاصة التي أوليت لملف الترشيح. لقد تقدمنا بترشيحنا أربع مرات لاحتضان دورات 1994 و 1998 و 2006 لكن المرة الرابعة كانت ستكون ثابتة، لولا مأحيك ليلة ما قبل الاقتراع، كما أفادنا الزملاء الذين كانوا بعين المكان، حيث أنهم عبروا عن تدمرهم، واستيائهم من التلاعب الذي شاب ما قبل الاقتراع وبفضيحة هذه السنة، وتوقيف أعضاء من الفيفا، تطرح المصداقية على الطاولة ونتساءل عن مدى نزاهة الاختيارات السابقة. وفي كأس إفريقيا، يعود التنافس من جديد بين المغرب وجنوب إفريقيا، إلا أن الكاف قد تختار حلا توافقيا بمنح كل دولة شرف تنظيم دورة من الدورتين القادمتين.