رافقت التجديد الوفد الذي توجه إلى مدينة زوريخ السويسرية مساء يوم الخميس الماضي، وضم 134 فردا، يمثلون شريحة من المثقفين والسياسيين والفنانين والصحفيين والرياضيين، ورصدت الأصداء ومجريات حدث اختيار الفائز بشرف تنظيم كأس العالم ,2010 واستقصت الردود بين أعضاء الوفد وتحدثت إلى عدد منهم فور إعلان النتائج. ما هي مشاعرك إزاء هذه النتيجة؟ مشاعري مثل مشاعر كل المغاربة. فقد كان أملنا كبيرا في الفوز بتنظيم هذه التظاهرة، وكان ملف المغرب جيدا، وإلى حدود الأمس (الجمعة 14 ماي) كنا متفائلين، لأننا تابعنا التقديم النهائي لملف المغرب بالمقارنة مع الدول المرشحة، وخاصة جنوب إفريقيا، ورأينا كيف ساد التفاؤل عند الجميع وكيف كانت جل الأوساط الغربية تميل إلى اختيار المغرب، إلى درجة أننا نسينا أن القرار كان محسوما فيه من قبل. والطريقة التي قدمت بها النتيجة أكدت أن هناك تحيزا لجنوب إفريقيا، مما يعطي الانطباع بكون النتيجة والقرار كانا محسومين، فالجميع تابع كيفية استقبال الزعيم نلسون مانديلا وكيف أخروا إعلان النتيجة حتى وصوله، ونحن نعلم كم يساوي الزمن وكم تساوي الدقيقة عند الأوروبيين، ولكن قبلوا بأن يضيعوا 10 دقائق لأجل مانديلا. وخلاصة القول إن مخطط هذه النتيجة هو العقل المدبر جوزيف بلاتير، رئيس الاتحاد الدولي الفيفا. هل ترى بأن هذه النتيجة سيكون لها أثر بقدر ما على آمال وطموحات المغرب الكروية والتنموية، خاصة وأن المغرب بدا مراهنا على كرة القدم بصفتها محركا ومنشطا لمشروع تنموي كبير وشمولي؟ لا أتفق مع الدعاية التي أرادت أن تجعل من كأس العالم ل 2010 الحل الوحيد الذي يمكن أن يخرج المغرب من أزماته الاقتصادية، أكيد أن كأس العالم قد يساعد في النهوض بالمشروع التنموي في البلاد، فتظاهرات كأس العالم لما أعطيت للمكسيك حق تنظيمها مرتين لم تجعلها دولة غنية مثل الدول الغربية. لذلك لا أعتقد أنه يمكن القول بأن هذه النتيجة يمكن أن تؤثر على المشروع التنموي الشامل للمغرب، فالهدف من كل شيء هو إصلاح البلد وإقامة منشآت رياضية وتوسيع الشبكة الطرقية وتوظيف اليد العاملة. فلماذا لا نواصل ذلك بدون مونديال 2010؟ إذا التزمنا في بلدنا بهذه الأهداف بدون مونديال فإننا سنحقق حلم المغاربة بحلول سنة 2010 بدون كأس العالم . وكيف ترى مستقبل كرة القدم، لما لها من مكانة عند المغاربة بعد خسارة تنظيم مونديال 2010؟ المؤكد أننا لو فزنا بحق تنظيم مونديال 2010 كان سيتحتم علينا أن نعد فريقا في مستوى كأس العالم .2010 وبالتالي سيحتم علينا ذلك تغيير السياسة الكروية في المغرب، وذلك بدخول مجال الاحتراف. وأطلب من أصحاب القرار، بعد هذه النتيجة، أن نحافظ على التزاماتنا في هذا الصدد. والتي رهناها بكأس العالم، والهدف هو تكوين فريق احترافي، فإذا لم ننظم كأس العالم 2010 علينا أن نفوز بها. قد تقول لي إن هذا فوق مستوانا وجهودنا، لكن أقول إنه يمكننا على الأقل أن نصل في مونديال 2010 إلى المربع الذهبي، ولكن سيكون هذا بشرط أن نحافظ، كما قلت، على التزاماتنا كما هي ولا نرتهن لنتيجة ,2010 وأن نفترض كما لو كنا فزنا بحق تنظيم مونديال ,2010 فنستعد بناء على ذلك، لتكوين الأطر الرياضية واللاعبين بشكل يوازي طموحاتنا التي بنيناها على أمل كأس العالم .2010 فستأتي مرحلة ألعاب كأس العالم ل ,2006 ثم مرحلة الألعاب الأولمبية ل ,2008 إلى أن تأتي مرحلة كأس العالم ,2010 وعبر هذه المراحل نكون بنينا فريقا وطنيا جيدا مثل فريق الكامرون. والحمد لله، لدينا جيل من اللاعبين، قادر على أن يتبلور مع هذه الآمال. كيف تقرأ السيناريو الذي رتبت به نتيجة اختيار البلد المنظم؟ في الساعات الأخيرة لما لوحظ أن للمغرب حظوظا قوية في الفوز بحق تنظيم مباريات كأس العالم 2010 حيك السيناريو المعروف. وكما تابعنا أقصيت تونس مساء الجمعة، وتلتها في ذلك ليبيا بدعوى أنهما تقدمتا بملف وطلب التنظيم المشترك. وقدمت ليبيا ملفها مساء الجمعة ورفضت ولم تقبل للتصويت، ثم كانت الأصوات التي كان من الممكن أن تذهب لليبيا، مثل صوت روسيا، ممكن أن تضيع على جنوب إفريقيا وتضيع صوتين. ولكن الذي تقرر هو عدم إجراء الدور الثاني بعد إقصاء تونس وليبيا، لتحسم النتيجة بحسابات مخدومة. وصف قرار الفيفا بكونه قرارا سياسيا، كيف تعلق؟ أولا، أذكر أن قوانين الفيفا تمنع التوظيف السياسي والعنصري في قراراتها، ولكن للأسف، كانت النتيجة سياسية استحضرت عقدة الشعور بالذنب نحو جنوب إفريقيا وضرورة التكفير عن مخلفات العهد الاستعماري والأبارتايد في حق جنوب إفريقيا. نعم نحن نؤمن أن نيلسون مانديلا زعيم سياسي إفريقي، والكل يعترف بمكانته، ولكن نعتقد أيضا أنه لا يحق له أن يتدخل في القرار الرياضي ويؤثر عليه. نعم، وهم يرتبون في الفيفا تلك النتيجة، استحضروا أن جنوب إفريقيا يمثل إفريقيا السوداء، ولكنهم نسوا أن المغرب، كما قال الملك الحسن الثاني رحمه الله، يمثل شجرة جذورها ضاربة في إفريقيا والعالم الإسلامي وفروعها تمتد إلى أوروبا، أضف إلى ذلك أن المغرب كان البلد الإفريقي المؤهل كرويا، وقاد سباق إفريقيا في الانضمام إلى الفيفا وإلى طلب تنظيم كأس العالم مرتين قبل جنوب إفريقيا. وفي الوقت الذي تواجدت جنوب إفريقيا ضمن الفيفا سنة 1992 كان المغرب قد تقدم بالترشح الثاني. إضافة إلى ذلك، يبقى المغرب البلد ذا الرصيد الكروي الكبير والأفضل. وللأسف أولئك الذين صوتوا لجنوب إفريقيا ليسوا هم العالم. لكن، السيد حميدوش، قلت إن الهدف السياسي هو التكفير عن العهد الاستعماري وعهد الأبارتايد ومسؤولية الغرب في ذلك، ثم إنك قلت إن جوزيف بلاتير هو المخطط والعقل المدبر، فهل الأمر يتعلق بشخص أم بمؤسسة وقرار يمثل الغرب؟ بلاتير رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم هو المخطط، والأعضاء في الفيفا يشتغلون معه بامتيازات كبيرة لا يمكن لهم أن يستعيضوا عنها. فإذا أشار الرئيس لهؤلاء بقرار، فلا أظن أنه سيكون بإمكان أحدهم أن يعارض. كيف ترى إذن مصداقية الفيفا بعد أن وسخت زوريخ التي تصنف من بين أنقى المدن في العالم؟ الفيفا من الهيئات الأقوى في العالم، وهي تضم دولا أعضاء أكثر عددا من عدد الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة نفسها، والأموال التي تحصلها تفوق مداخيل الأممالمتحدة، لذلك أعتقد أن سمعتها لن تتسخ، فهل نتصور أن تنهض دولة في وجه الفيفا؟ إذا ما عارضت دولة تصرفات الفيفا فستطرد، وإذا ما احتج مسير ضد بلاتير فسيتم توقيفه. الفيفا تفعل ما تفعله أمريكا في العراق وكفى. فبلاتير يسير كما يريد ويطبق سياسته داخل هذه المنظمة كما يحلو له. فإذا راق له أن يجعل تنظيم الكأس كل ستة سنوات فله ذلك، وإذا شاء أن يجعل تنظيم الكأس من حق دولة يكون ذلك، وما على الأعضاء المصوتين إلا القبول والتماشي مع رغبته، فهو الذي يختارهم. كيف ننتظر أن تكون النتيجة في صالح المغرب، وليس لنا عضو ممثل في الفيفا، رغم أن بلدا صغير جدا مثل فونغا لها صوت ممثل في الفيفا. لاحظنا كيف كان حضور الوفد الجنوب إفريقي بكثافة في مكان إعلان النتائج، كيف تجد حضور الوفد المغربي هنا بزوريخ ودوره في سير مجريات الأمور المتعلقة بالنتيجة المعلن عنها؟ صراحة، الوفد المغربي لم يقم بواجبه، فلم يتقرر ذهاب الجزء الأكبر من الوفد إلا في الساعات الأخيرة وهو ما حرم المغرب من تأثير ونفع الوفد الذي بعث به إلى هنا. وقد لاحظنا جميعا أن الكثير من الوجوه الرياضية والفنية والصحفية لم تدخل القاعة، ولنا أن نتساءل ما الفرق بين روجيه ميلا وأقصبي أو فرس، فكلهم حائز على الكرة الذهبية. فالأول كان حاضرا والأسماء المغربية بقيت بعيدة، ولم يحصل الكثيرون من الوفد على شارات الدخول، وكان حضور وفد جنوب إفريقيا أكثر كثافة وكان هذا أيضا مؤشرا على النتيجة المعروفة. كما أن مبادرة حضور الوفد المغربي كانت فكرة جيدة، ولكنها جاءت متأخرة، وبالتالي غابت بعض الأسماء وكانت بعيدة من عين المكان، أما الإعلام الغربي فقد أظهر اهتماما بالوجوه الرياضية المغربية عندما حضرت في وقت من الأوقات، وطلبوا منها الإدلاء بتصريحات، ولو كان ذلك قبل مساء الأمس (الجمعة) لربما كان للوفد بعض الأثر في التعريف بالمغرب ورياضاته وفنانيه. كما أن جمعية مونديال 2010 قامت بمجهودات، ولكن رغم ذلك كان هناك قصور في التواصل، فلدينا أبطال كان يمكن استثمار شهرتهم في عملية التواصل الرياضي، مثل البطل هشام الكروج، الذي كان بالأمس محط اهتمام لكل وسائل الإعلام، ليس لأن هناك مسابقات الفوز بتنظيم مونديال ,2010 ولكن لكونه بطلا رياضيا معروفا. أجرى الحوار: عبد الرجمان الهرتازي