يواصل ديربي الوداد والرجاء الوجود والحياة في الدارالبيضاء، ويحل يوم الأحد حاملا رقم 109 وعمره 55 سنة... ويكبر هذا اللقاء الرياضي الوطني في حضن مؤسستي الرجاء والوداد وفي جغرافية تتسع من موسم لآخر تتجاوز حدود الوطن... وعلى امتداد التاريخ يشكل الطرفان علاقة وطيدة محملة بالشد والجدب التوافق والاختلاف.. الهدوء والغليان.. الاقتراب والابتعاد. ويلتقى الرجاء بالوداد في الدورة العاشرة في الدوري الوطني، في ظروف تختلف عن السابق.. الطرفان في نفس الموقع في سلم الترتيب.. الرتبة الثانية برصيد خمسة عشرة نقطة.. وخرجا معا من منافسات كأس العرش وتعذر عليهما بلوغ النهاية، وغيرا مدربيهما مضطرين. الوداد عوض البرازيلي دوس سانطوس بالفرنسي الإيطالي دييغو كارزيطو، والرجل غريب عن الدوري المغربي وعن مواصفات وعمق الديربي، وقد أقصى معه الوداد في دور النصف في منافسات كأس اتحاد شمال افريقيا للأندية البطلة إثر هزيمة قاسية أمام النادي الافريقي التونسي وبطريقة مفاجئة؟ الرجاء انفصل عن الفرنسي هنري ميشيل وعوضه بابنه امحمد فاخر الذي تربي وترعرع وتكون في بيته وهو المتمرس على مسالك الدوري الوطني وصاحب تجارب في الديربي؟ وبعيدا عن الهزائم والانتصارات والتعادلات وما أفرزه الديربي من مشاهد وذكريات خلال أكثر من نصف قرن من الزمن... نجد المناسبة تكبر ومساحة الاهتمام والشعبية تتسع وتابعنا كيف يخلف اللقاء مبالغ مالية ترتفع من عام لآخر.. وقبل الموعد الحالي بخمسة أيام بلغنا أن مداخيل الرجاء فاقت مليوني درهم.. والتذاكر نفذت في السوق مما أجج نار الأسعار مع كثرة الطلبات؟ وتبقى أكبر الأرقام في المداخيل هي التي سجلت في سنة 1997 حيث تمكن فريق الوداد من بيع 64538 تذكرة، ولم يكن المركب الرياضي محمد الخامس مزودا آنذاك بالكراسي البلاستيكية في المدرجات العارية.. كما بلغت مداخيل الرجاء في الديربي 177 مليون سنتيم في سنة 2002 مقابل 48 ألف تذكرة وفريق الوداد 172 مليون سنتيم مقابل 46500 تذكرة وطلع رقم جديد في الموسم الماضي لدى الوداد في عائدات المباراة مع الرجاء بلغ 222 مليون سنتيم بسبب الزيادة في ثمن التذاكر وينتظر أن يحطم مسؤولو الرجاء هذا الرقم في ديربي الأحد... ويحسد الديربي محطتين هامتين في مسار الدوري الوطني، لكن يبدو أن عدة جهات لم تتحرك لتساهم في تنظيمه وتنشيطه؟؟ ومن بينها المجالس المنتخبة في مدينة الدارالبيضاء بالرغم مما يسجله الموعد من إقبال جماهيري ورواج في المدينة وخارجها وحتى الآن لم يفكروا في تدعيم الحدث بالفرجة الموازية للفرجة والانتباه إلى توفير مرافق تخدم الحضور وتوفر حاجياته.. ووحده الأمن يحمل هم الملتقى ويواجه إفرازاته ويتعبأ قبل... أثناء وبعد المباراة دفاعا عن سلامة الجميع.. وفي مجال الإنتاج التربوي والرياضي يزخر الديربي بالمواهب والطاقات، وساهم في محطاته على تلميع صور نجوم في المدرستين... وكان طبيعيا أن يحرك التعايش والتنافس الأزلي بين اللونين والفضاءين انتقالات وتغييرات.. وتابعنا كيف حلق من الوداد إلى الرجاء.. الأب جيگو - الحاج عبد القادر جلال - اعسيلة - بكار (حارس مرمى) - عبد الله أزهر - محمد التيباري - عبد العزيز أنيني - محمد الصحراوي - سعيد زمارة - بوزمبو - اسحيتة عبد الوهاب - حسن هبرس - مصطفى برك - عزمي خليل - مصطفى الغرشي وغيرهم.. كما انتقل من الرجاء إلى الوداد: مصطفى ميلازو - علي بنديان (عليوات) عبد اللطيف بكار - عز الدين - عزيز خربوش - مصطفى شكري (بيتشو) - عقبة - السراج - عبوب زكرياء - مصطفى بيضوضان - محمد أرمومن وغيرهم... وجسد الفريقان مدرستين عريقتين تطعمان المنتخبات الوطنية لكرة القدم في مختلف فئاتها العمرية بمواهب رفيعة.. وكانا ولازالا قنطرة للعبور إلى الاحتراف... لكن الغريب أن هذا المسار لم يستثمر إيجابيا من طرف مسؤولي الرياضة الوطنية وارتبط الديربي بالشغب والفوضى وما يحضره البعض من الذين يتغذون بالجرح والألم بسبب التعصب والشوفينية؟؟ فمن يحمي الديربي المصنف تاسعا عالميا لحمولته الرياضية والاجتماعية والثقافية ومن يحصن مداره ليبقى ويستمر راقيا يجسد «موسما» رياضيا مغربيا من أجمل التظاهرات؟ إنها مسؤولية المدينة... والوطن؟؟