تختتم هذا الأسبوع منافسات البطولة الوطنية لكرة القدم لموسم 2009 2010، نسخة لم تختلف عن سابقاتها شكلا ومضمونا، الشيء الذي أدخلها في إطار من الرتابة والشكلية إلى درجة فقدت معها هذه البطولة كل مقومات النجاح المطلوب. وكدليل على ذلك ضعف المستوى العام، قلة الأهداف، غياب الاستقرار، وانحصار المنافسة سنويا على نفس الفرق، وهما الوداد والرجاء، وأحيانا الجيش الملكي، هذا ما نشهده هذا الموسم كذلك، حيث ينحصر الصراع بين قطبي العاصمة الاقتصادية، بينما يوجد الحل بالنسبة لتحديد الفائز بين يدي فريقي العاصمة الإدارية، باستقبال الجيش للرجاء، وحلول الفتح ضيفا على الوداد. هذا الواقع غير المشجع تماما، هو ما يسعى المكتب الجامعي الحالي لتغييره، حيث يضع هذه المهمة الاستعجالية من بين أولويات برنامجه العام، والتي تقضي بإحداث تغيير جدري للنمط والأسلوب الذي سارت عليه البطولة منذ سنوات خلت، بعدما باءت كل المحاولات السابقة بالفشل، لسبب بسيط، يتجلى في الاكتفاء بإدخال تعديلات محدودة للوصول إلى إحداث تلك النقلة النوعية المطلوبة، إلا أن عشوائية الاختيارات، جعلت كرة القدم الوطنية تضيع الكثير من المال والكفاءات والجهد. على هذا الأساس، كان التغيير مطلب الجميع، في وقت تشهد بطولات دول مجاورة تغييرات مستمرة حولتها إلى بطولة منتجة وقابلة للتسويق، ويمكن هنا أن نأخذ كمثال النموذج التونسي، ببطولته الاحترافية وأنديته القوية ذات ميزانيات خيالية بالنسبة لنا، إذ تصل الميزانية السنوية لنادي الترجي مثلا إلى 20 مليون يورو، وهو ما يفوق بكثير ميزانية الجامعة المغربية التي استطاعت أن تصل بالكاد إلى ما يناهز 14 مليون يورو. وبالرغم من الهزالة التي نتحدث عنها، فإن البطولة الوطنية استطاعت أن تجلب موارد مالية مهمة ساهمت في دعم خزينة الجامعة، عن طريق عائدات التسويق التلفزي والاستشهار، كالعقد الموقع مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة بقيمة تقارب 7 مليار سنتيم. وأي تغيير حقيقي مقبل، يمكن أن يفتح أمام هذه البطولة إمكانيات مهمة تحولها بالفعل إلى قيمة قادرة على المنافسة داخل سوق لا يرحم الضعفاء. وحين نتحدث عن البطولة الوطنية لكرة القدم، فمن بين الجوانب التي تسترعي الانتباه الجانب التقني والتأطيري، فوسط حمى انتقالات اللاعبين التي هيمنت على الساحة الوطنية خلال السنوات الأخيرة، وما كلفته من ميزانية تفوق ملياري سنتيم، وسط سوق سوداء لا تخضع لا للمراقبة ولا لأية ضريبة، تعامل الرأي العام مع التأطير كجانب ثانوي أو حتى هامشي بالرغم من أنه هو المستقبل، إذ لا تعطى لمسألة التكوين نفس درجة الاهتمام التي تخصص لصفقات جلب اللاعبين، وما تحققه الوداد والرجاء والمغرب الفاسي والجيش الملكي، من أرقام غير مسبوقة في تاريخ البطولة الوطنية، التي تعود انطلاقتها لفجر الاستقلال. من بين الملاحظات كذلك على هذه البطولة، افتقاد الأغلبية الساحقة من الأندية للاستقرار التقني والإداري والتدبيري، وهي أسس تدخل في إطار التركيبة العامة للأندية التي تعاني أصلا من هشاشة فضيعة، مما يؤثر على جل مكوناتها، ويفقدها بالتالي المناعة المطلوبة في مواجهة الهزات الطارئة، ويغرقها وسط ارتباك، يفقدها القدرة على الصمود أمام مختلف الضغوطات. واستعدادا لبطولة الموسم القادم، أعدت الجامعة مجموعة من القوانين والأنظمة العامة، تقول أن الهدف منها الدخول عبر مراحل لعالم الاحتراف، وذلك بإحداث عصبة احترافية عن طريق قوانين ودفتر تحملات، من بين بنوده إلزامية توقيع عقود خاصة باللاعبين، هيكلة إدارية قارة، إخضاع ميزانية الأندية للمراقبة المحاسباتية، تحسين البنيات التحتية، الرفع من الحوافز المالية، وغيرها من الإجراءات التي تنظر إليها الأندية حتى الآن بعدم الرضى لأسباب تقول أنها تعود لقرارات فوقية لا تراعي الواقع غير المشجع الذي تعيشه، والخصاص الكبير الذي تعاني منه. وإذا كانت بعض ملاحظات الأندية تبدو معقولة، فإن البعض منها يدخل في إطار مزايدات تلعب فيها حسابات الأمس القريب دورا أساسيا، بسبب الطريقة التي تم بها حل المجموعة الوطنية، وعليه فإن الجامعة مدعوة، اليوم، لإيجاد الوصفة المثلى لإحداث النقلة المطلوبة بأقل الخسائر الممكنة، مع العلم أن أي تغيير لابد له من ضحايا، والضحية نتمنى أن لا تكون البطولة الوطنية، التي نتوخى مستقبلا أن تكون بطولة قوية، مثيرة، منتجة، منافسة، في خدمة المنتخبات الوطنية بجل الفئات...